التونسية (تونس) كان يفترض أن يقدّم كاظم الساهر «عندليب العراق « و«قيصر الأغنية العربية» كما يسميه معجبوه ومعجباته عرضا فنيا بعنوان «لأني أحبكم أغني نزار قباني» في سهرة الخميس الماضي بمهرجان قرطاج الدولي ، ولأن كاظم يحب الجمهور التونسي «برشة برشة» فقد حل ببلادنا يوم الخميس أي ساعات قليلة قبل انطلاق الحفل (ما لقاش ركوب) ومهما كانت مبررات هذا التأخير فإنه يعكس تهاون الساهر ولامبالاته ، والحال أنه سيغني أمام أعظم جمهور لأعظم شعب في أعظم مهرجان كما ألف هو وزملاؤه القول بيننا دون كلل أو ملل. حل كاظم الساهر الذي يحبنا مقابل 80 ألف دولار لحفل يتيم لنستقبل وإياه شهر رمضان الكريم، جاء جمهور العادة بأقل كثافة ليتابع عندليبه الذي لم يغب عنا طويلا فقد كان في مهرجان قرطاج نفسه سنة 2010، عاد كاظم ليقول في مستهل حفله إنه يحبنا «برشة برشة» و«كل سنة وأنتم طيبون» وشرع في تقديم فقراته في سهرة عنونها ب«لأني أحبكم أغني نزار قباني» فكانت البداية بأني خيرتك فاختاري وزيديني عشقا وأحبك جدا وأكرهها وما الحل، وعند هذه الأغنية «ما الحل» إنتبه كاظم إلى أنه في واد والجمهور في واد آخر، فقد كان التجاوب ضعيفا وبدا التململ على فئات- وإن كانت قليلة- من الحاضرين وغادر البعض المسرح، كان جليا أن الجمهور في غالبيته جاء ليرقص ويتمايل ويشاهد عندليبه متألقا كما كان قبل سنوات يرقص صحبة أفراد كوراله ويراقص معجباته عن بعد، ولكن كاظم- الذي كان بيننا بمصاحبة فرقة محدودة العدد مرتبكة الأداء( يا حسرة على كاظم الساهر حين كانت فرقته بقيادة العراقي التركماني فتح الله أحمد الذي يملك صوتا أجمل من صوت كاظم نفسه وكان يشغل خطة عميد معهد الموسيقى ببغداد) - كان خارج الموضوع، فقد ظل طيلة الحفل يتشاور مع قائد فرقته حول الأغنية الموالية.. أما حكاية عنوان السهرة ونزار قباني فقد انتهت صلاحيتها بمجرد طبعها في برنامج المهرجان. كم أنت طيب يا جمهور مهرجان قرطاج؟ غيّر كاظم الساهر نسق السهرة بواحدة من أنجح أغانيه «عيد وحب» ثم «يدك» و«هل عندك شك» و«هلا بالحلوة السمراء» وختم السهرة ب«لو لم تكوني في حياتي»، وعاد كاظم الساهر فرحا مسرورا إلى قواعده محملا بحب التونسيين الطيبين وب80 الف دولار، - دولار ينطح دولارا- كان يمكن أن تصرف على عرضين تونسيين أو أكثر (حسب حجم العرض والفضاء المخصص له) ونحن نسأل إدارة مهرجان قرطاج هل إلتزم كاظم الساهر بالبرنامج المقترح لعرضه؟ وهل هناك برنامج أصلا أو أن إدارة المهرجان إكتفت بالعنوان والجواب يقرأ من عنوانه كما يقول مثلنا الشعبي ؟ حين جاء العراقي كاظم الساهر إلى تونس سنة 1994 لم يكن أحد يعرف وجهه بل سبقته بعض أغنياته بفضل الراحل نجيب الخطاب وقد كنا حاضرين في حفله بمسرح سيدي الظاهر بسوسة يوم 30 جويلية 1994 وصعد أحد أفراد الكورال متأخرا عن زملائه فهبّت عاصفة من التصفيق ظنا من الجمهور أن السيد الذي أمامهم هو كاظم ؟ في تلك الأيام قبض كاظم 10 آلاف دولار أما اليوم فسعره تضاعف ثماني مرات وحسب تصريحات المتعهد الأسعد بلغايب- الذي بلغ به الأمر حد مقاضاة الساهر بسبب إخلاله بالعقد المبرم بينهما- فإن كاظم لا يتقاضى حقيقة سوى 45 ألف دولار أما باقي المبلغ فيذهب إلى جيوب الوسطاء؟ لا يمكن لأحد الجزم بحقيقة ما يحدث لأن عقود مهرجان قرطاج كغيره من المهرجانات سر من أسرار الدولة لا يمكن كشفه للمتلصصين من الصحافيين المزعجين، ولكن ندعو وزير الثقافة الذي لا نشك في حسن نواياه ونظافة يده ورغبته في الإصلاح إلى أن يعطي السهم لباريها وأن يخلّص وزارة الثقافة من مصاصي أموال الشعب من الوسطاء و«البزناسة» وحتى بعض رافعي شعار العمل النقابي ( العمل النقابي بريء من هؤلاء وبعضهم عريق في النضال في الشعب التجمعية وسيل تصريحاتهم المنافقة لبن علي مازال أثره ، والحمد لله أنه لا يمكن إتلاف الصحف القديمة ليتطهر هؤلاء) لنيل أموال ليست من حقهم، وقد بلغنا أن أحد الملحنين من الذين لا يذكر لهم إنتاج منذ منتصف الثمانينات قد تحصل على دعم بأربعين ألف دينار مقابل أغان قديمة أعاد تسجيلها. ونحن نسأل السيد الوزير، إلى متى يظل عمل لجنة الدعم الموسيقي في كنف السرية وكأن الأمر يتعلق بعملية جراحية دقيقة؟ قولوا لنا متى تنتظم دورات الدعم وممن تتركب اللجنة وما هي شروط الملفات المترشحة؟ أخبرونا يرحمكم الله وإلا أعيدوا لنا فتحي زغندة (المدير السابق لإدارة الموسيقى لسنوات طويلة في العهد السابق قبل إحالته على التقاعد) وكفى الله الموسيقيين شر القتال ؟ وهل تشفع الصفة النقابية لهذا الملحن المتحدث البارع في المنابر الإعلامية ليحظى بدعم سخي بهذا الحجم؟ ثم لماذا يسكت الوزير ومعه مدير إدارة الموسيقى الجديد فتحي العجمي عن ملف الفرقة الوطنية للموسيقى التي باتت ملكية خاصة لعبد الرحمان العيادي الذي تسربت أنباء عن مساهمته في حفل اختتام مهرجان الحمامات الدولي واتصاله هذه الأيام بعدد من الفنانين ليشاركوا في الحفل(قاسم كافي وعدنان الشواشي..) ؟ تصوروا حفل اختتام مهرجان الحمامات الدولي يتم إعداده الآن؟ فهل عقرت هذه البلاد حتى لا يكون فيها غير العيادي مديرا للفرقة الوطنية للموسيقى منذ سنوات طويلة؟ بل إن أحد وزراء الثقافة أوقفه عن العمل وكان قاب قوسين أو أدنى من إحالته على العدالة ثم طوي الملف وعاد «سي عبد الرحمان» معززا مكرما – لم ينقصه سوى اعتذار وزير الثقافة نفسه- إلى فرقة بلا مقر وبلا قانون أساسي وبلا فرقة أصلا فجل عازفيها يعملون مترسمين بفرقة الإذاعة التونسية أو هم عازفون مستقلون Free-lance. نذكّر بأن اختتام مهرجان الحمامات قد أسند في البداية لخالد بن يحيى الموسيقي التونسي المقيم بفرنسا ولكن يبدو أن بعض الوجوه الموسيقية المؤثرة في وزارة الثقافة قامت بما يلزم لإقصاء خالد في سياق رغبة فتحي الهداوي(مدير مهرجان الحمامات) في تقويض عمل من سبقه ليكون المهرجان بإمضائه هو ولا أحد سواه ولو كان الإمضاء على ورقة ملوثة.