عشر سنوات مرّت على صعود الفنان العراقي كاظم الساهر لأول مرة على ركح المسرح الأثري بقرطاج..وخلال هذه الفترة قدم كاظم العديد من العروض التي مكنته من تكوين قاعدة جماهيرية تتزايد من عام لآخر. سهرة كاظم أمس الأول ضمن فعاليات مهرجان قرطاج الدولي أقامت الدليل على الشعبية الكبيرة التي يحظى بها هذا الفنان في تونس. أكثر من عشرة آلاف متفرج حضروا هذا الحفل وقد تعذر على الكثيرين حضور الحفل نظرا لنفاذ التذاكر التي بيعت في السوق السوداء بأكثر من خمسين دينارا. تفاعل هذه الجماهير الغفيرة التي توافدت على المسرح منذ الساعة السادسة مساء، كانت شاهدة على سهرة من أحلى سهرات قرطاج هذا العام. كاظم الساهر غنى خلال هذا الحفل ما يقارب الثلاث ساعات، قدّم خلالها أجمل أغانيه، من «بغداد» التي افتتح بها العرض إلى «ليلى» و»غالية» و»صباحك سكر» و»كل ما تكبر» و»بعد الحب» و»دقيت الباب».. وفي لحظات التجلي لكاظم لم يتردد في إهداء الجمهور أغنية جديدة ستصدر في ألبومه المقبل لم يسبق له أداءها أمام الجماهير وهي أغنية من الرصيد الشعري لنزار قباني «قولي»، وعلى الرغم من أن الجمهور لم يسمعها من قبل فقد تفاعل معها وطالب بإعادة ادائها. كاظم غنى في الحفل القصيد، والتراث العراقي، واللهجة العامية المصرية، قدّم الأغنية الدسمة، والايقاعية الخفيفة، فأمتع في جميعها. احترام وإذا كانت حرفية كاظم وكفاءته لم تعد في حاجة الى إثبات، فإن ما يلفت الانتباه عنده هو مدى احترامه لفنه ولجماهيره، فهو تقريبا الفنان الوحيد الذي كان مصحوبا بفرقة موسيقية متكاملة (باستثناء السهرات التونسية)، كذلك هو الفنان الوحيد الذي مازال يعطي للكلمة حقها وللجملة الموسيقية الطربية مكانتها في أعماله، فحتى الأغنية الايقاعية عنده هي أيضا طربية وذات جمل موسيقية ممتعة. هذه المعطيات هي التي تجعله فنانا متميزا لا يشبه الآخرين، له خصوصياته، ولأغانيه نكهتها الخاصة. في قرطاج أعطى كاظم الساهر بسخاء، فتفاعل معه الجمهور بتجاوب كبير، بلغ في بعض الأحيان حد «الهيجان» و»الهيستيريا»، فكان الانسجام بين الركح والمدارج، الجماهير تطالب وكاظم يلبي، الجماهير تغني وكاظم يستمتع (والعكس صحيح أيضا). سهرة استثنائية لمطرب استثنائي، في زمن أغانى «غرف النوم».