بقلم الأستاذ مختار الحجلاوي المحامي لدى التعقيب بسيدي بوزيد تابعت جلسة المجلس الوطني التأسيسي عشية يوم الخميس 19-07-2012 وبعد الاستماع الى جملة من المداخلات المحترمة والقيّمة التي اتسمت بقدر كبير من المسؤولية والجدّية والعقلانية، تفاجأت بأحد الجالسين تحت قبة المجلس يزعم أنه أحد أعضاء الكتلة الديمقراطية يأخذ الكلمة ويبادر مباشرة بوصف رئيس الجمهورية بصفة « رئيس جمهورية الموز» ويكررها العديد من المرات بلسان ممجوج تعتريه ابتسامات صفراء باهتة ، مصراً على عدم سحب هذه العبارة وعلى عدم الاعتذار ، هكذا وبكل صلف وتعنت لا مبرر لهما ، غير عابئ بمشاعر الملايين من التونسيين الذين يرون في رئيس الجمهورية – وهو كذلك بالفعل رغم أنف صاحب الموز – رمزاً لدولتهم ولوحدة شعبهم وثمرة من ثمار ثورتهم التي كانت سبباً في دخول صاحب الموز المجلسَ وأتاحت له الحرية التي ما ظنّها تصلح إلاّ للتجنّي والدوس على إرادة الشعب ... والتي كان من أسباب قيامها ما عاناه التونسيون من احتقار أدى الى كره الراية الوطنية والنشيد الوطني وكل ما يرمز للوطن . إذا نسي صاحب الموز أذكّره بأن رئيس الجمهورية الذي تحدّث عنه ما شُرّف بمركزه الذي يشغله إلاّ بتفويض من المجلس الوطني التأسيسي الذي يجسّد دون ريب إرادة الشعب رغم أن من أعضائه مَن صار لا يدرك مِن مهامه غير لوك الموز . أكان صاحب الموز يتجرّأ قبل فرار المخلوع على وصفه برئيس جمهورية الموز ؟ بل وصف أدنى مسؤول سياسي بأنّه مسؤول في جمهورية الموز ؟ ألاَ يلزمنا ولوقليلاً من الحياء ! ألهذا المدى ينحطّ مستوى الوعي لدى من يحملون مؤقتاً صفة نواب الشعب ويخوى وفاضهم الى هذا الحدّ فيحوّلون ساحة المجلس الوطني التأسيسي الى ساحة سوق لبيع الخضر والغلال ..؟ مسكين أنت أيها المجلس بئس حالك الى هذا العمق !! حوّلوك الى فضاء تُرفَع فيه الأصوات بالسبائب والشتائم ، ويُقَلُّ الأدب مع رموز الدولة الذين من رحمك ولدوا وهم للشعب يمثّلون ..ولوحدته يجسّدون .. أهكذا يتصرّف من تعوزه الحجة فينفكّ عن لسانه العقالُ ويتفوّه بما تفوّه به صاحب الموز ؟ أكان يظنّ أن الشعب ، عندما يستمع الى ما نُفِث سيصفق ويهتف .. وبه رئيساً لجمهورية....ينادي ؟ إن الشعب لا يعجبه انحطاط الأخلاق فإيمانه راسخ بأن السياسة أخلاق أولا تكون .. يا حسرةَ بعضهم على زمن استبداد أدبر وفساد ولّى كان النفاق فيه دبلوماسية ، والعهر كياسة ، والتملّق سياسة . الشعبُ اليومَ يريد الصدقَ والوضوح والطهارة ورفعة الأخلاق عوض النفاق والعُهر والتملّق ... والموز . ولهذا أقولها بأعلى صوتي : أيا صاحب الموز .. أنت .. لا تُمثّلني ..إعلم صاح ، أنّه إن كتب الله لك الكلام مرة أخرى سأصمّ آذاني ...فهي تخشى أن تُؤذى . لا أقبل منك اعتذاراً مهما توسلت ، فالخطأ على رجل السياسة ممنوع .. ممنوع . لن يمرّ أي شخص يظن نفسه قادراً على احتقار شعب تونس مبدع ثورة العرب مفتاح تحريرهم وتوحيدهم ، في زمن توهّم كثُرٌ أن العرب ماتوا .. أو هُم سُحِروا ، ولكن أوهامهم ارتدت عليهم وبالاً فأضحوا كأعجاز نخل خاوية . خذ حقائبك للتوّ وارحل .. وإن أنت رفضت فذاكرة الشعب اليومَ حديد ، ستنل جزاءك أضعافاً مضاعفة ، وستندم يوماً على دخول بناية المجلس ... وستكره طعم الموز... إن المجلس الوطني التأسيسي ومن باب رد الاعتبار لذاته وكيانه مدعو للتصدّي وبكل قوّة لمثل هؤلاء ، فهيبته من هيبة الدولة وهيبة الدولة فوق كل اعتبار ، وأغلى من أي شيء ..وتبّت يد من تمسها .