إثر مناقشة كتلة حركة «النهضة» لمشروع قانون يتعلق بتنقيح المجلة الجزائية وذلك باضافة فصل الى هذه المجلة غايته تجريم المساس بالمقدّسات فقد أصدرت الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية بلاغا أعربت فيه عن بالغ انشغالها وتخوفها الشديد من تأثير مثل هذه المشاريع على الحقوق والحريات. ويقوم هذا المشروع على مبدأ «تجريم المسّ بالمقدسات»، إذ يعاقب مرتكب هذه الجريمة بالسجن لمدة سنتين أو غرامة مالية بألفي دينار وتصل العقوبة الى 4 سنوات سجن في صورة العود. ويتمثل المسّ بالمقدسات حسب المشروع في الاعتداء على المقدسات: السب والشتم أوالسخرية أو الاستهزاء أو الاستنقاص أو التدنيس المادي والمعنوي ويمكن أن يحصل الاعتداء بالكلمة أو الصورة أو الفعل. كما يجرم المشروع أي تصوير للذات الالهية والرسل. واعتبرت الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية أن ادراج فعل كامل صلب المجلة الجزائية يتعلق بتجريم الاعتداء على المقدسات يمثل خطرا كبيرا على الحقوق والحريات وخاصة ما يتعلق بحرية المعتقد والتعبير والنشر والابداع. وأكد البلاغ أن مشروع القانون احتوى على مفاهيم «فضفاضة» من ذلك أن مفهوم «المقدس» يعتبر مفهوما «فضفاضا» متغيرا متطورا بحسب الظروف الاجتماعية والسياسية والثقافية. وذكر البلاغ أن القانون التونسي الحالي وبما يتضمنه من فصول وخاصة الفصلين 121 و226 وبالرغم من عدم تنصيصها على فكرة «المقدس» إلا أنها بتضمنها عبارات من نوع «الاعتداء على النظام العام» و«الأخلاق الحميدة» ثم تطويعها في عدّة مناسبات لاستغلالها في تجريم المسّ بالمقدسات الدينية (قضية «نسمة»، قضية المهدية، قضية جامع الفتح). وبالنسبة لعلاقة هذا المشروع بالنصوص القانونية وخاصة مجلة الصحافة والقانون المنظم للقطاعات السمعية والبصرية اعتبرت جمعية الدفاع عن الحريات الفردية أنه سيطرح لاحقا مشكل النص الذي سيطبق قانون الصحافة أو المجلة الجزائية ويمكن عندها تطبيق مجلة الصحافة، إذ كان العمل أو الرأي مندرجا في الأعمال التي تعطيها مجلة الصحافة وتطابق المجلة الجزائية. وأشارت الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية الى أن مسألة المقدس نجدها دائما مرتبطة بالمجتمعات والأنظمة السياسية الاستبدادية مضيفة أن الدولة التي تتوسع في مجال حماية المقدسات تستغل ذلك للحدّ من الحقوق والحريات ولقمع الرأي والتعبير عنه وأكدت الجمعية المذكورة أنه لا يمكن الحدّ من هذه الحرية، إلا إذا تضمن التعبير الدعوة الى الكراهية الدينية والتي تحتوي تحريضا على التمييز والعداء والعنف وفيما عدى ذلك يبقى تعبيرا حرّا ولا يحد منه وذلك استنادا الى حماية المقدسات (لجنة حقوق الانسان بالأمم المتحدة 2012). ودعت الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية المجلس التأسيسي والجمعيات ومنظمات المجتمع المدني والاعلام والشعب التونسي الى التحرك لحماية الحريات وتحملهم المسؤولية التاريخية في هذا الظرف الصعب لحماية الحقوق والحريات والمكتسبات.