هل هو الحلم أم هي يقظة لم نكن نتصور شريطها... أكثر الحالمين والواثقين لم يكنوا ليمنحوا تونس حظا كالذي حصل ...ثلاث ميداليات احداها من الذهب مع تثنية تاريخة من بطل فاق معدن الذهب ذهب بأحلامنا الى ابعد من البعيد ليضع أمس الرياضة التونسية في بوابة تاريخ جديد والسعيد في كل هذا هو أسامة الملولي بلا شك وهو الذي أبى إلا اسعاد الجماهير ليكون البطل الاستثنائي بفضل ما حققه من حصيلة استثنائية للرياضة التونسية في الالعاب الاولمبية. الملولي كان عنوان الاستثناء وكان رمزه في لندن وهل هناك هدية يقدمها رياضي تونسي لشعب تعطش الى الهدايا أفضل ممّا قدمه أمس الملولي في «هايت بارك» بلندن حيث تحدى كل الصعاب ورفض الرضوخ الى المرض وما يسببه من اتعاب لرفع الراية التونسية وهو امتياز ما بعده امتياز ليكون الانجاز الذي وصفه بعض النقاد هنا في لندن بالاعجاز لما علموا بالحالة الصحية للملولي التي استوجبت حالة طوارئ بقيادة الدكتور المنصف بن عبيد. والانجاز له ضريبة وضريبة الملولي التعب وهوما فعله ليزف البشرى الى شعب عشقه عشقه للتحدي. لما خرج من المياه عفوا من وادي لندن لم يتحدث الملولي إلاّ تونسيا فقال وباعتزاز ما بعده اعتزاز «هذا الانجاز هدية لتونس ولشعبها وللعرب عامة فأنا عربي ولا بد ان تكون هديتي للعرب». البطولة لا تهدى ولا ينالها إلا أهل العزم ...والعزم لا بد ان يكون من جنس ما يختزنه أسامة، وما ابهاره العالم إلا دليل وزيادة على الريادة التي مكن منها الرياضة التونسية أولمبيا ليكون صانعا للتاريخ، وهل هناك افضل من التثنية في اعتلاء منصة التتويج ليزف الفرحة مستبقا العيد في تونس. قالها للعالم وعدسة العالم متجمعة حوله تنتظر منه كلمة وهو الانجاز بعينه، فهو انجاز لو تجمعت كل القوى السياسية والاقتصادية لما انجزته ولوبذلت من أجله مال قارون، فهل فهمنا مفعول الرياضة الذي له مفعول السحر في التنمية ومع ذلك فإنه يصلنا الى لندن صدى حديث عن تبان حبيبة الغريبي وهوما كان محل نقد في الاوساط الاعلامية التي ضحكت من هذه السخرية. كان علينا ان ننتظر طويلا لندون انطباعات الملولي وهو أمر تفرضه الاولويات. فالتلفزات أولا ومن يدفع الثمن يبقى الأول في عهد أصبحت فيه الرياضة تقوم على المال وتركبها السياسة لكن الملولي تحدث بلسان فصيح عن الرياضة التونسية ومخزونها من المواهب القادرة على انجاب الملوليات في جميع الاختصاصات. هل هناك أروع من تلك اللحظة التي شاهده فيها العالم وهو يرفع راية تونس في «هايت بارك» البريطاني ... الانجاز لو تجمع أهل الابداع ومعهم أهل جميع الفنون وأهل الاقتصاد والاعلام اجمعين بمالهم وأقلامهم وعدساتهم لما حققوا لتونس ما حققه أمس الملولي في لندن وهو ما جعل عدسات العالم تصوب نحوه لتسجل الانطباعات التي اكد من خلالها اسامة انه الشاطر لا في السباحة فقط بل في فن الترويج، إذ لعب الملولي دور جميع الساسة فقد كان سياسيا بامتياز لما عانق العلم المفدى ولما حمل معه الى قاعة المؤتمرات الصحفية الراية الوطنية التي منعوه من وضعها على الطاولة لانه لامجال الا للون الاولمبي في مثل هذه المحافل لكن الملولي تحدث بلسان طليق اكد ان شغله الشاغل هي تونس وهوما يضاعف من حجمه في عيون العالم الذي انصت له بكل احترام وهو الذي أقنع لما تحدث انقليزيا وابدع لما تحدث فرنسيا وزاد بهاء لما تحدث عربيا. قال رمت التحدي وعليّ ان اخوضه وهوما فعلته فهو اختصاص جديد عني إذ لم اجرب10000 متر في المياه الحرة الا مرتين، واحدة في المكسيك وأخرى في البرتغال وقررت فرض ما رسمته لنفسي وهوقيادة السباق من البداية والهروب في الكيلومتر الاخير وهوما كان ليكون في النهاية الذهب لتونس وهو ما أتمنى ان يحفز من سيخلفني لانني ان لم أفكر في الاعتزال بشكل نهائي فانه لا بد لي من الراحة.