قال حمادي الجبالي رئيس الحكومة في الحوار المتلفز الذي بث نهاية الأسبوع الماضي أن الحكومة مقبلة على قرار جريء في ما يتعلق بملف رجال الأعمال الممنوعين من السفر والذين تتعلق بهم قضايا عدلية. رئيس الحكومة الذي قال أنه من غير المعقول أن يبقى رجال الأعمال خائفين ومقصيين وأكّد أن الحكومة لن تنتظر مسار العدالة الانتقالية إلى 2013 حتى تتم تسوية هذا الملف لكن في المقابل أصرّ على ضرورة قيام رؤوس الأموال المعنية بهذه القرارات بتسوية وضعياتهم مع الإدارة والجباية والديوانة والاعتراف بما انتفعوا به خلال العهد السابق وتوجيه استثماراتهم نحو الولايات الداخلية. رئيس الحكومة الذي سبق وأن أكد أن الدولة بصدد تنقيح مجلة حفز الاستثمار ومراجعة الامتيازات الممنوحة من أجل تشجيع الاستثمار في الجهات في المجالات ذات القيمة المضافة والمحدثة لمواطن الشغل عبّر عن رفضه سياسة الانتقام وتسوية الحسابات مع رجال الأعمال المتورطين خلال العهد البائد في الفساد واعتبر أن الانتقام سيؤدي إلى دفع الثمن باهظا . وهو ما أيّده سمير ديلو وزير حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية عندما قال انه سيقع التوصل لحل متكامل لهذا الملف الذي سيكون من أول ملفات العدالة الانتقالية في البلاد وسيحظى بإجراءات استثنائية غير الإجراءات العادية التي قد تأخذ وقتا أطول . هذا القرار الجريء الذي تحدث عنه الجبالي والذي قد تزفّه الحكومة لرجال الأعمال في الأيام القليلة القادمة سيكون بمثابة صكّ المصالحة بين رؤوس الأموال والحكومة، صكّ تقدمه الحكومة لرجال الأعمال بالإسراع في إنهاء القضايا المتعلقة بهم في إطار قانوني مقابل صكّ من رجال الأعمال للحكومة باستثمارات جدية ومجزية في أقرب الآجال, لكن في المقابل أي الصكين سيكون على بياض؟ لماذا رجال الأعمال أوّلا ؟ وإذا كان مسار العدالة الانتقالية يشمل السياسيين والمسؤولين الإداريين ورجال الأعمال وكل من تكشف الدلائل أنه ضلع في الفساد في أي شكل من الأشكال فلماذا الإلحاح على فتح ومعالجة ملف رجال الأعمال أوّلا فهل يتنزل ذلك في إطار صفقة خفية بين الحكومة واتحاد الأعراف؟ أم لأن الظرف الاقتصادي الهش وإلتزام الحكومة في برنامجها الاقتصادي المعلن عنه مؤخرا عن نيتها تحقيق نسبة نمو ب3,5 بالمائة قد يجعلها مجبرة على الإسراع بالمصالحة مع القطاع الخاص والإنخراط في ركب من يدفعون بقاطرة الاقتصاد والتنمية؟ أو ربما في إطار نظرة عقلانية بعيدة كما سبق وأعلن رئيس الحكومة عن التشفي أو قد يكون تحت ضغط وإلحاح اتحاد الصناعة والتجارة الحكومة بايجاد حلّ لملف رجال الأعمال لمواصلة تسيير مصالحهم خاصة وأن هناك عددا كبيرا من الممنوعين من السفر لا توجد بحقهم تهم واضحة ، خاصة وأن اتحاد الأعراف أكد أن الاقتصاد الوطني غير قادر على استعادة عافيته في ظل تواصل قرار منع نحو 400 رجل أعمال من السفر وهو ما قد يكون وراء تعجيل الحكومة برفع حجر السفر عن عدد منهم أو ربما أكثرهم تأثيرا في الساحة الإقتصادية حتى تتمكن من الإيفاء بجزء من تعهداتها قبل الاستحقاقات السياسية القادمة خاصة وأن تواصل غياب التنمية في الجهات الداخلية ولا سيما الشريط الغربي أفقد النهضة وشركاءها في الحكم الكثير من بريقهم الذي سطع قبل 23 أكتوبر. المصالحة الجزائية مصادر «التونسية» التي أكدت وجود مقترحات وإجراءات سيتم اتخاذها على مستوى رئاسة الحكومة ووزارات حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية والعدل والحكومة الرشيدة ومقاومة الفساد وبالتشاور مع منظمة الأعراف، تقضي بتقديم نوع من الكفالة لتمكين المعنيين بالمنع من السفر من متابعة أعمالهم المرتبطة بالاسواق الخارجية والصالونات الدولية لم تستبعد كذلك قبول الحكومة بمقترح المصالحة الجزائية الذي اقترحه أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد والمتمثل في توجيه الأموال المكتسبة بطرق غير قانونية والمجمدة نحو التنمية الداخلية في الجهات الأكثر تهميشا حيث يقع ترتيب كل معتمديات الجمهورية ترتيبا تنازليا من الأكثر فقرا إلى الأقل فقرا على أن يتبنّى كل رجل أعمال معتمدية واحدة وتصرف الأموال بناء على الحاجيات التي يحددها الأهالي بالتنسيق بين المعتمديات المعنية في كل ولاية ويبقى رجل الأعمال تحت طائلة حكم جزائي إلى غاية صرف الأموال المخصصة لكل معتمدية .