460 رجل أعمال ممنوعون من السفر منذ اندلاع الثورة، نظرا لارتباط بعضهم بعلاقات مشبوهة مع النظام السابق وفئة أخرى متهمة بقضايا فساد مالي، شئنا أم أبينا. العدد كبير جدا ويؤثر سلبا على الاقتصاد التونسي الذي يعاني بدوره عديد الأزمات.
ربما هذا ما جعل الحكومة في مأزق بين ثنائية العدالة القانونية التي تعتبر فوق الجميع وبين مصلحة الوطن. وقد راج مؤخرا أن هناك قرارا سيصدر قريبا بالسماح لحوالي 200 من رجال الأعمال بالسفر ولكن مازال هذا القرار لم يفعّل بعد على أرض الواقع، أصوات من الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة ومن الحكومة ومن رجال الاقتصاد طالبت بالاسراع في اتخاذ الاجراءات اللازمة لايجاد حلّ سريع لهذا المشكل ولكن...
الأمر بيد القضاء
وعن مدى صحة الخبر المتعلق برفع الحكومة يدها عن رجال الأعمال (460) قال كمال الدين بن حسن مساعد المدعي العام بالمصالح العدلية بإدارة الشؤون الجزائية بوزارة العدل: «لا يمكن لأي مسؤول أن يتدخل في موضوع السماح لرجال الأعمال المتهمين في قضايا الفساد المالي لأن الأمر عند القضاء ولا غيره المسموح له بالتدخل. فقضاؤنا مستقل وشفاف وهناك فئة منهم متهمة بقضايا فساد مالي وتجاوزات خطيرة، لذا القانون يطبق على الجميع ولا فرق بين غني وفقير».
حالات استثنائية
ويضيف في سياق آخر: «ان حاكم التحقيق هو من منع رسميا 460 رجل أعمال من السفر ومن يرى بأن هذا القرار جائر في حقه عليه أن يرفع قضية ليتمكن من السفر بصورة استثنائية وخاصة أن هناك بعضا من رجال الأعمال متعودون في هذه الفترة على السفر الى الدول الأوروبية لحضور ندوات ولقاءات اقتصادية ويمكنهم الحصول على التأشيرة بصفة استثنائية ولكن عليهم اعتماد وثائق وحجج قانونية.
تصريحات... إلى متى؟
وكان قد صرح وزير المالية حسين الديماسي في ندوة صحفية بالوزارة الأولى أن الحكومة بصدد البحث عن حلّ لادماج رجال الاعمال في الدورة الاقتصادية للبلاد وخاصة أن نشاط رجال الأعمال الممنوعين من السفر يتوزع على عدة قطاعات اقتصادية. ومن جهة اخرى طالبت وداد بوشماوي رئيسة الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية عديد المرات بضرورة الاسراع في اتخاذ الاجراءات اللازمة لرفع قرار منع السفر على هذا العدد الكبير من رجال الأعمال وخاصة أن بعضهم لم توجه لهم الى حدّ الآن أي تهم رسمية بالفساد المالي واقتصرت تهمهم على علاقاتهم بالنظام السابق وتعاملهم مع «الطرابلسية».
وفي نفس الموضوع أكد طارق الشريف رئيس كنفيدرالية المؤسسات المواطنة «Comect» على أهمية التسريع في اجراءات تسوية وضعية رجال الأعمال الممنوعين من السفر وذلك من خلال الندوة الصحفية التي أقامتها مؤخرا الكنفيدرالية.
الجبالي وديلو
أما عن موقف الحكومة فقد أكد السيد حمادي الجبالي، رئيس الحكومة أثناء زيارة رسمية قام بها مؤخرا الى بلجيكيا أين التقى الجالية التونسية هناك أن حكومته لا تسعى الى الانتقام من أحد وخاصة رجال الأعمال فمصلحة البلاد أقوى من أي تصفية حسابات، ونفس ردّة الفعل أعلن عنها سمير ديلو وزير حقوق الانسان في أحد الحوارات الاذاعية، حيث أعلن أن مصلحة تونس فوق كل اعتبار ووعد بضرورة الاسراع في البت في هذا الملف الهام الذي يعتبر موضوعا هاما خاصة أنه متعلق بالاقتصاد.
مساومة
هل ستساوم الحكومة 460 رجل أعمال من أجل مصالحة مشروطة؟ وهل سيتم مطالبة هذا العدد الكبير من رجال الأعمال بخطايا التأخير على ديونهم الغير مدفوعة منذ 14 شهرا؟
أسئلة عديدة يطرحها الشارع التونسي خاصة أن الاقتصاد يعاني حالة من الركود، والشباب مازال يحلم بمواطن شغل توفر لهم حياة كريمة ومستقبلا محترما. ويبقى هذا الموضوع ذا أهمية كبرى في الساحة السياسية والاقتصادية والاجتماعية لدى التونسيين والحكومة.