يظهر أنه ثمة أكثر من خلل في ودادية رؤساء أندية الرابطة المحترفة. أن يعي رؤساء الأندية المحترفة بالصعوبات التي تعترضهم فهذا جيد، أن يعمقوا النظر في حال أنديتهم وأن يسعوا جاهدين إلى إيجاد حلول وإلى اقتراح حلول مقبولة فهذا جيد كذلك وهذا هو المطلوب، أما أن تلوح ودادية رؤساء الأندية المحترفة باستقالة جماعية وبمنع بث مباريات الجولة 29 من البطولة وفق تسريبات السيد رئيس الودادية، فهذا مضحك، وينم عن جهل فاضح بالقوانين وبالتراتيب الجاري بها العمل ويدل على عدم جدية أمام أوضاع تستوجب الجدية وأكثر. حقوق بث مباريات البطولة يعود إلى الجامعة وحدها، وهي التي تقرر ما تراه مناسبا، والودادية هنا ليست مؤهلة لا من بعيد ولا من قريب لأن تتخذ قرار منع بث المقابلات وكأن «العزري أقوى من سيدو».. ومن يصدق أن رؤساء الأندية يهددون أو يلوحون باستقالة جماعية؟ فهل يستقيل مثلا رئيسا جمعيتي الترجي الرياضي التونسي والنادي الرياضي البنزرتي وفريقاهما على أبواب التتويج؟ هل يستقيل السيد سليم الرياحي وهو بالكاد يستلم مقاليد النادي الإفريقي وأنفق من ماله الخاص كذا مليون دينار؟ هل ستستقيل الهيئة الوقتية للنادي الرياضي الصفاقسي وهي تستعد لتسلم المشعل عن الهيئة السابقة؟ إلخ.. ولنفترض جدلا أن تهديد الودادية باستقالة جماعية لرؤساء الأندية المحترفة من الجدية بمكان ألا يعلم السيد رئيس الودادية أن رؤساء الأندية سيرحلون في هذه الحالة وستبقى الأندية وسيتواصل نشاطها يوما بعد يوم، تنتحل هذه الودادية أكثر فأكثر صفة غير صفتها وهي جريمة يعاقب عليها القانون، وتقدم نفسها كأنها نقابة رؤساء الأندية المحترفة أو اتحادهم أو جمعيتهم. خطأ رؤساء الأندية المحترفة أنهم اختاروا أو فُرض عليهم التنظم في شكل ودادية عوضا عن جمعية أو اتحاد. فمعلوم أن الوداديات، هي جزء من النسيج الجمعياتي وخاضعة للتشريع المنظم للجمعيات نفسه لكن المشرع لا يمنحها من المشمولات ما لا يتماشى وطبيعتها. الودادية موضوعها وهدفها اجتماعي ترفيهي لا غير، وهي توفر فضاء ليتلاقى فيه منخرطوها، لتقرب بينهم ولتحتضن أنشطتهم الترفيهية كالحفلات والسهرات الفنية والرحلات إلى الخارج لحضور مباريات دولية، أو أنشطتهم التثقيفية كالندوات الفكرية في مجالات ذات العلاقة بطبيعة منخرطيها. هذا عموما المفهوم القانوني للودادية ودورها المتعارف عليه، وتخطئ جامعة كرة القدم لما تتعامل مع ودادية رؤساء الأندية بغير هذه الصفة. هذه الودادية مدعوة اليوم قبل أن ترفع شعارات مطلبية وقبل أن تنصب نفسها نقابة لرؤساء الأندية قبل كل شيء لأن تتحول إلى جمعية أو إلى اتحاد يترأسه رئيس جمعية مباشر لخطته، لا رئيس جمعية سابق مثلما هو حال الودادية الآن، نظرا لتفرد النشاط الرياضي عن غيره بخصوصيات إن على مستوى المسؤولية أو على مستوى التسيير أو على مستوى اتخاذ القرار وعلى الجامعة أن تعي بهذا الخلل وأن تدفع باتجاه تصحيح الوضعية القانونية لودادية رؤساء الأندية المحترفة. ولا يتعلق الأمر هنا بموضوع رؤساء الأندية فقط، فللجامعة منظورون آخرون لا يقلون أهمية عن رؤساء الأندية وأقصد بهم اللاعبين والممرنين ووكلاء اللاعبين بالأساس. اللاعبون هم اليوم محترفون، الممرنون كذلك ووكلاء اللاعبين أيضا، ومن غير المعقول أن يتنظم رؤساء الأندية بأي شكل من الأشكال مقابل إقصاء بقية المنظورين، ومن غير المعقول كذلك أن يحتكر رؤساء الأندية المحترفة دون غيرهم من الأطراف ذات العلاقة معالجة الأوضاع ذات الصبغة المطلبية. وبالإضافة إلى ارتقاء الودادية إلى مرتبة الجمعية، يكمن الحل كذلك في تكوين جمعية للاعبين المحترفين وأخرى للممرنين وأخرى لوكلاء اللاعبين، هي هيئات ممثلة ومنتخبة تكون هي المخاطب الوحيد للجامعة وعلى أساسها يكون بمقدور الجامعة توسيع هيئاتها بإحداث لجان إدارية متناصفة مؤهلة قانونيا للنظر والبت في كل المسائل المهنية والمالية المطروحة.