في بلاغ «الترويكا» عن طبيعة النظام السياسي يبدو أن الصياغة المبهمة كانت متعمدة للايهام بأنه نظام مزدوج، ودليلنا في ذلك أن الغنوشي في تصريح للوطنية الأولى يقول أن النهضة كعادتها دائما من أجل الوصول الى توافق في كل المسائل تخلت عن النظام البرلماني الصرف وتجنيب البلاد المرور الإلزامي بالاستفتاء في حالة استمرار الاختلافات. ولكن ظاهر هذه التصريحات قد لا يشي بحقائق الامور اذ أن بلاغ تنسيقية الترويكا قام بفسخ كلمة «الصرف» محافظا في ذات الوقت على كل خصائص النظام البرلماني الصرف ما عدى انتخاب الرئيس مباشرة من الشعب، وهذا يبرز خاصة في تصريح الصحبي عتيق رئيس كتلة النهضة في المجلس التأسيسي الذي قال حرفيا لقناة فرنسا 24 « نحن ناقشنا بين النظام الرئاسي والنظام البرلماني، بقي كيف تنظم السلطات خاصة التوازن داخل السلطة التنفيذية، هناك رئيس جمهورية منتخب من الشعب ورئيس حكومة وهو الذي يحكم، ولرئيس الجمهورية سلطات تحكيمية وتعديلية ، يعني أنه شبيه بالنظام السياسي البرتغالي.» وهكذا فان تصريح عتيق يدل على أن النظام السياسي المقترح من الترويكا هو تواصل للنظام المجلسي المؤقت الحالي الذي جمع كل السلطات في يد الجبالي مقابل صلاحيات جد محدودة للرئيس المرزوقي. وفي هذا الإطار، وحسب مصادر «التونسية» الخاصة فان ترحيل الانتخابات الرئاسية من مارس 2013 (حسب الاتفاق الأولي بين الرئاسات الثلاث بالأساس ومعها تنسيقية «الترويكا») الى جوان 2013 وجعلها متزامنة مع التشريعية فرضته النهضة. يبدو أن بلاغ تنسيقية «الترويكا» لم يكن فقط استباقا لما ستسفر عنه مبادرة اتحاد الشغل وإنما انقلابا على تفاهمات قد تكون حصلت مباشرة مع الرئيس المرزوقي خاصة وأن هذا الأخير وحسب المؤشرات يرغب في الترشح مرة أخرى للرئاسة على أن تكون للمنصب صلاحيات اكبر، وفي هذا الإطار علمت «التونسية» ان الصيغة التعويمية للبيان كانت ترحيلا لنقاط خلافية مازالت قائمة بين مكونات «الترويكا» حول الصلاحيات النهائية لمنصب رئاسة الجمهورية. ونقولها بكل احتراز، قد يكون المرزوقي وبن جعفر مصرين على أن يكون للرئيس حق حل الحكومة مقابل رفض مطلق من النهضة.