يوافق اليوم (23 أكتوبر) الذكرى الأولى لانتخاب المجلس الوطني التأسيسي الذي تشكّلت بمقتضاه أوّل حكومة بعد الثورة، وهو موعد ارتبط بدعوات عديد الأطراف للخروج إلى الشارع والتعبير عن آرائهم بين راغب في الاحتفال بذكراه لمساندة الحكومة وبين معلن لتمرّده وقائلا بانتهاء فترة شرعية المجلس والمؤسّسات المنبثقة عنه داعيا في الآن ذاته إلى عصيان وافتكاك الحكومة من يد «الترويكا» لصالح الشعب... فهل سيكون اليوم موعدا لانتهاء الشرعية بما ستستوجبه من عواقب ام أنّ كلّ الدعوات التحريضية لن تكون سوى زوبعة في فنجان لتغلب مظاهر الاحتفال على شوارع العاصمة مثلما خطّط لها أنصار «الترويكا»؟ «التونسيّة» تطرّقت إلى الموضوع وجمعت آراء سياسيين وتصوّراتهم لهذا اليوم. قال «عبد الجليل البدوي» عن المسار الديمقراطي الاجتماعي إنّ اليوم 23 أكتوبر هو يوم الانتقال من الشرعية الانتخابية إلى الشرعية التوافقية وأنه على الأطراف الحاكمة أن تعي ذلك لأنّ لدى عامّة الناس التزام أخلاقي وسياسي ضبطته 10 أحزاب قبل 23 أكتوبر 2011 بتنصيصها وتحديدها لآجال كتابة الدستور مضيفا انّ المجلس التأسيسي الذي يعتبر أنّه سيّد نفسه في المطلق انتخب بتوكيل من الشعب الذي حدّد مدّته وبالتالي فترة الشرعية قد انتهت، على حدّ تعبيره. موعد الانتقال إلى الشرعية التوافقية و أكّد «البدوي» على ضرورة الانتقال إلى شرعية توافقيّة لتأمين فترة الانتقال الديمقراطي خاصّة أنّه مازالت هناك عديد الأمور العالقة مضيفا انّه من المفروض أن تتغيّر الحكومة نحو حكومة توافقية بين الأطراف لطمأنة الرأي العام عامّة والشعب خاصّة على بقيّة المرحلة الانتقالية خاصّة وانّها تتصف بالخصوصية وبالغموض وتتطلّب إيجاد توافق لإدارة المرحلة. لن يكون يوما عاديّا من جهته قال «محمّد الكيلاني» أنّه غير متخوّف من الدعوات التي دعت إليها بعض الأطراف مؤكّدا انّ اليوم ( 23 أكتوبر) لن يحمل في طياته أحداث عنف بل سيكون يوما غير عادي وسيشهد حركية كبيرة نظرا لخروج البعض للتعبير والاحتجاج لكنّه لن يكون موعدا لإلغاء الشرعية وتعويضها - حسب اعتقاده – بل ستكون فيه محاولة لإيجاد حلّ واتفاق بين شرعية توافقية وشرعية انتخابية تعدّدت قراءاتها. و بخصوص انتهاء شرعية الحكومة أوضح «الكيلاني» أنّ الشرعية على ارتباط وثيق بالمجلس التأسيسي مؤكّدا أنّ هذا الأخير سيّد نفسه وبإمكانه التمديد إلى حين الانتهاء من كتابة الدستور الذي لازال عالقا بيديه على حدّ تعبيره ليضيف أنّه ليس بإمكانه المغادرة وعلى كلّ الأطراف أن تعي ذلك. وطالب «الكيلاني» الحكومة الحالية بوضع رزنامة نهائية تتماشى ومتطلّبات المرحلة القادمة وتهيّئ لها عن طريق القيام بتحضيرات تشمل وزارتي الداخلية والعدل وتهيئتهما للانتخابات القادمة بما يضمن استقلاليتهما مؤكّدا أنّه ينبغي عليها أن تجد حلّا لنفسها وأن تسهّل للمرحلة القادمة عن طريق الشرعية التوافقية عن طريق توافق يرتكز على الشرعية الانتخابية ولا ينفيها لما فيها من امتيازات. كما أكد «الكيلاني» أنّ حزب الاشتراكي اليساري أطّر أنصاره وهيّأهم لهذا اليوم على أن لا يلتجئوا للعنف واستعمال القوّة مؤكّدا أن كلّ الأطراف من حقّها التظاهر ومطالبة الحكومة بالتسريع وضبط أجندتها دون الالتجاء للعنف والتقاتل. ما لدينا قلناه ولن نشارك... أما «بوجمعة الرميلي» عضو المكتب التأسيسي عن حزب حركة «نداء تونس» فقد قال إنّ أنصار الحزب لن يمتثلوا اليوم 23 أكتوبر لا لدعوات الاحتفال ولا لدعوات الاحتجاج معتبرا انّ تاريخ اليوم هو تاريخ رمزي فيه سيتمّ الدخول إلى المرحلة الثانية من المرحلة الانتقالية. و أضاف «الرميلي» أنّ ما لديهم من طمأنة سياسيّة تقدّموا بها في حوار ضمن مبادرة الاتحاد رغم انّه كان منقوصا من الحزب الحاكم متمنّيا ان يعي هذا الأخير الدرس من عواقب الامتناع وان يعود للحوار الجدّي للنظر بجديّة في القضايا العالقة مؤكّدا انّه وقع تنبيه كّل الأطراف إلى حساسيّة هذه المرحلة. سنحتفل ولا شيء غير الاحتفال من جهته أكّد «وليد البنّاني» عضو بالمجلس الوطني التأسيسي عن حركة «النّهضة» أنّ اليوم سيكون يوما احتفاليا بالنسبة لهم باعتبار انّه المحطّة الأولى والذكرى الأولى لانتخابات نزيهة وشفافة أشادت بها عديد الدّول مضيفا انّه مثلما كان يوم 14جانفي ذكرى انتصار الثورة على الدكتاتور فإنّ 23 أكتوبر هو ذكرى أوّل تعبير حرّ لإرادة الشعب. و أضاف «البنّاني» أنّه رغم دعوات الاحتقان ومحاولة إرباك هذا العرس الوطني –على حدّ تعبيره- فإنّ اليوم سيكون له أثر إيجابيّ وسيحمل مفاجأة لأولئك المنادين بالإطاحة بشرعيّة الحكومة موضّحا أنّه سيقع من خلال احتفالهم بعث رسالة إلى هؤلاء تؤكّد لهم أنّ الشعب الذي أعطى اصواته للترويكا والتأسيسي مازال يدعمهما ليتحقّق الانتقال الديمقراطي. وأكّد «البنّاني» أنّ مرحلة ما بعد 23 أكتوبر ستحمل عديد التتويجات من بينها التتويج بانتخابات شفافة ونزيهة تؤسّس لمدنيّة الشعب. أمّا عن مشاركة رابطات لجان حماية في الاحتفال رغم ارتباطها بأحداث العنف الأخيرة فقد قال «البنّاني» إنّه من حقّ هذه اللجان المشاركة في الاحتفال وإنّه من غير اللائق ان يتمّ التشكيك في وطنيتها وفي الدور الذي لعبته من اجل حماية الثورة معتبرا ذلك نكران جميل للشباب الذي سهر على حماية الثورة وأهدافها. مشيرا إلى ضرورة ان تبقى هذه اللجان قائمة مؤكّدا على أحقيتها في الاحتفال شأنها شأن جميع المنظّمات ومكوّنات المجتمع المدني شريطة ان تلتزم بالقانون وان لا تنجرّ لاستفزازات أعداء الثورة، على حدّ تعبيره، وان لا تنحاز غلى اي طرف حزبي لتكون مستقّلة وتواصل رفع شعاراتها لحماية الثورة.