كرة القدم ولاّدة للمواهب.. ويكفي ان ننظر في كتاب هذه الرياضة عندنا ونتصفّح بعض أبوابه لندرك عدد الفلتات التي سجلت حضورها وإن بمستويات وأوزان مختلفة في تاريخنا الكروي. إلاّ أن اللافت في هذا الباب ان عدد الموهوبين الذين يحققون احلامهم يبقى دون المأمول مقارنة بالعدد الجملي للذين يتمتعون بالمؤهلات ذاتها..وإن سألتم الله فاسألوه البخت..وأشياء أخرى.. والبخت وحده غير كاف لحماية تلك المواهب اذ لا بدّ من توفر عوامل اخرى للإحاطة بها وتجنيبها الخروج عن السكة ومواجهة مصائر مجهولة.. وكرة القدم على وجه الخصوص عندنا تزخر بالأمثلة في الاتجاهين وتكاد تتكرر في كل المواسم وإن أردت استعراضها لتطلّب الأمر تحبير صفحات عديدة، ولكن سأكتفي بآخر المستجدات في هذا الشأن. لقد تردد أن الشاب المحيرصي لاعب الترجي يواجه مشاكل داخل ناديه أعاقت انضمامه الى الفريق وأدت الى حرمانه حتى من التدرب مع فريق الآمال! وبالسؤال عن الأسباب التي أدّت الى تعطل لغة الحوار بين الأطراف المعنية تبين ان عقدة الخلاف تتمثل في عدم تجديد عقد اللاعب بسبب تضارب في المقترح المالي.. وللمرء ان يتعجب من الامر لأن أي عقد قابل للنقاش والمراجعة بين الطرفين المعنيين هذا من جهة، ومن جهة ثانية نتساءل كيف عجزت إدارة النادي عن حل الاشكال بايجاد أرضية للتفاهم قبل الوصول الى القطيعة؟.. ويبقى السؤال الأكبر حول التغير الجذري في مواقف المسؤولين من هذا اللاعب الذي كان الى وقت قريب احد المواهب الصاعدة التي يعول عليها النادي حاضرا ومستقبلا. فمهما كانت الاختلافات في وجهات النظر حول المسائل المالية وغيرها فإنه من غير المنطقي والموضوعي ان ترمى هذه الموهبة بكل تلك السهولة الى دائرة التجاهل المحبط للعزائم..والدليل ان المعني يعاني من وجع نفسي أدّى به الى مقاطعة الدراسة!... فكيف تطورت الأمور الى هذا الحدّ مع تجاهل المصير الذي ينتظر هذا اللاعب رياضيا وإنسانيا!.. لذلك أنا لا أتصور أن مسؤولي الترجي غافلون عن النتائج السلبية لما يحدث في صورة انسداد الأفق والحسم في اتجاه القطيعة النهائية. فهذا الشاب يستحق من عائلته الثانية التفهّم والإحاطة والتعامل الوفاقي والعادل حتى يطمئن على مستقبله الرياضي والدراسي ويركّز على إفادة فريقه وتحقيق الآمال التي يتوق اليها الأحباء.. إن ما تعرّض له الشاب المحيرصي حدث لأمثاله في مختلف أنديتنا وأذكر منهم الشاب الكشطي من الملعب التونسي الذي عاد الى أحضان ناديه بفضل الحكمة التي توختها الأطراف المعنية التي استطاعت لملمة الموضوع بعودة الوئام والانسجام! فهل تنسج هيئة الترجي على منوال نظيرتها في «البقلاوة»؟ ..وبالصدق ألاقيكم وأشدّ على أياديكم..