94 عربة جديدة من مجموع 133 عربة مخصصة لنقل «الفسفاط» وصلت إلى بلادنا منذ بضعة أشهر قادمة من المغرب في انتظار وصول بقية الدفعة المقدرعددها ب200 عربة في الأشهر القليلة القادمة، وتأتي هذه الصفقة في إطار تعزيز أسطول نقل البضائع بين المدن وذلك بعد طلب عروض وكراس شروط أعدّ للغرض... «الصفقة» تبدو للوهلة الأولى عادية ولا تشوبها شائبة لو انطلقت العربات في العمل خاصة بعد مرور بضعة أشهر من موعد وصولها، لكن عوض نقل «الفسفاط» من «قفصة» إلى «صفاقس» تقبع أغلب العربات التي وصلت في الورشات وتحديدا في مستودع «فتح الله» التابع للشركة الوطنية للسكك الحديدية وتخضع لعدة تعديلات على مستوى العجلات لتتلاءم وسككنا الحديدية، خاصة بعد أن ثبت اختلاف في القياس حيث أنها أكبر ب10مم من القياس العادي مما يعيق مرورها على السكك الحديدية الموجودة في بلادنا؟ لكن ما الذي يجعل عربات جديدة تم اقتناؤها بعد كراس شروط لا تتلاءم وسككنا؟ وأي نوع من الإصلاحات تلك التي يتم القيام بها حاليا في مستودع «فتح الله» لإصلاح الخطأ؟ ثم ما حكاية الاضرار الجانبية التي خلّفتها هذه العربات على شبكة السكك الحديدية مباشرة بعد إخضاعها للتجارب؟ كيف لصفقة تجاوزت قيمتها الجملية ال53 مليار ان تصل ب«قياسات» غير دقيقة وأكبر من تلك المنصوص عليها؟ وهل تم تدارك الخطأ وحسن التعامل مع هذا الملف أم أنه تم إصلاح الخطأ بخطأ آخر؟ السيد «نعمان بن عياد» مكلف بمراقبة التصرف بالشركة الوطنية للسكك الحديدية وخبير في حوادث السكك، كان أوّل من تفّطن إلى وجود هذا الخلل في العربات التي كانت قد قدمت من المغرب قال ل«التونسية» الخطأ الذي حدث في هذه الصفقة لم يكن وحسب تقديري مجرد خطأ مطبعي، لأنه تم تدوين القياسات ضمن كرّاس شروط ثم مرّت الوثائق إلى لجنة الفرز وكذلك إلى لجنة إعداد الصفقات فهل يمكن أن يتكرر الخطأ 4 مرات ولا يتم التفطن إليه؟». وأضاف: «قد نجد تبريرات للخطأ لكن الملفت للانتباه أن تجابه هذا الصفقة بالذات بقدر كبير من الإهمال... فالخطأ حصل ولا يمكن إعادة العربات إلى المغرب لأنها طابقت كراس الشروط وبالتالي الخطأ حصل في تونس: لكن لماذا نصلح الخطأ بخطأ آخر فعمليات الإصلاح التي تتم حاليا في الورشة وهي الحد من سمك العجلات بعد أن ثبت ضررها الكبير على السكك ،سيكبدنا خسائر فادحة في المستقبل لأن العجلة وبعد مرور فترة من الاستعمال وعوض إصلاحها كما دأبت العادة سيتم الاستغناء عنها وبالتالي سيتم اقتناء عجلات جديدة ، وحسب اعتقادي كان بالإمكان تخصيص 10 مليارات إضافية للقيام بإصلاحات جوهرية وكان من الأنسب أن تطال محور الربط بين العجلتين وليس العجلتين لأنهما سليمتان لكن هذه العملية مكلفة وقد تتطلب جلب مختصين من المغرب للقيام بعمليات الإصلاح وهو ما لم يتم كما أن الإصلاحات الحالية قد تحدث خللا آخر». وأكدّ محدثنا أنه تم تجميده في العمل منذ سنوات، ومع ذلك ما فتئ يطالب بإيقاف عمليات إصلاح عربات نقل الفسفاط لأن عملية الإصلاح حسب رأيه خاطئة وما كان يجب أن تتم بتلك الطريقة وقد تزيد الطين بله. وأشار «بن عياد» ان غيرته على الشركة والأموال المهدورة بسبب الشراءات الخاطئة هي التي دفعته لإثارة هذا الموضوع ومراسلة الجهات الرسمية. وقدّم «رضا بن سالم» مدير وحدة صيانة المعدات بمستودع «فتح الله» التابع للشركة الوطنية للسكك الحديدية جملة من الإيضاحات حول هذه المسألة وقال: «تمت الصفقة في ديسمبر 2010 وتسلمنا دفعة أولى من العربات في 2012 لكن تبين أن هناك خطأ في القياس، وبعد عدة نقاشات وجدنا أن الحل وبالاستئناس بعدة تجارب في الخارج يكمن في التخفيض من سمك العجلات ب 5 مم من اليمين و5 من اليسار وهي عملية ممكنة ولدينا آلات للغرض وبعد التعديلات قمنا بتجربة على العربات سواء كانت محملة أو فارغة وسيتم يوم 29 أكتوبر القادم استقبال وفد من الخبراء التابعين لوزارة النقل وعدة مختصين لمعاينة شروط مطابقة المواصفات المعمول بها على نحو 94 عربة خضعت للتعديلات . وحول إن كانت أعمال الصيانة قد أخرت سير نقل البضائع قال بن سالم: «برمجت هذه العربات لنقل «الفسفاط» من المصنع الجديد المزمع إحداثه بجهة الصخيرة لأنه يضم تجهيزات تتلاءم والعربات الجديدة لكن من حسن الحظ أن انطلاق المصنع تعطل ولم يبدأ في العمل وحاليا نستعمل العربات القديمة في انتظار العربات الجديدة . وأضاف: «العربات التي ستصل في الأشهر القادمة ستخضع بدورها لنفس التعديلات لأن المزود انطلق في العمل حسب القياسات التي قدمناها في العرض». وقال «مراد الشارني» مدير الصيانة بمستودع «فتح الله» أن الآلة التي يتم بها تخفيض سمك العجلة تعود إلى سنة 1983 وهي ذات فاعلية قصوى وهناك آلة أخرى حديثة جدا في برج السدرية ويتم استعمال الآلتين في التعديلات الحاصلة لكن في الوقت الراهن الأولوية لصيانة عجلات العربات الحديثة لنقل المسافرين وذلك بمناسبة عيد الإضحى وسيتم بعد أسبوعين مواصلة أعمال تعديل عربات نقل الفسفاط لتكون جاهزة في الموعد.