بعد أن تغيب في الموسم الماضي عن شاشة «التونسية» لأسباب وصفها «معز بن غربية» بالشخصية، عاد برنامج «التاسعة مساء» في ثوب جديد مخلّفا موجة من ردود الأفعال المتباينة خاصة بعد ان فوجئ الجميع بالتصريحات «النارية والتحريضية» التي أطلقها «نصر الدين العلوي» الإمام الجديد لجامع النور على المباشر – كما وصفها وزير الداخلية علي العريض -، حيث دعا «العلوي» ومن على منبر البرنامج شباب الصحوة الإسلامية إلى تحضير الأكفان كمثل الكفن الذي لوح به لعدسات الكاميرا، مطالبا إياهم بالجهاد ضد «حركة النهضة» كرد على مقتل الشابين «خالد القروي» و«أيمن العمدوني». خطاب «تحريضي مباغت» على المباشر! الإمام الجديد لجامع النور تهجّم في تصريحاته «المباغتة» على «حركة النهضة» وعلى وزير الداخلية علي العريض، قائلا بالحرف الواحد: «أقول ل «علي العريض» وزير الداخلية: جرح كلب في غابة جريمة لا تغتفر وقتل شابين مسلمين موحدين مسألة فيها نظر»، قبل ان يتوجه بالسؤال إلى وزير الداخلية قائلا: «هل هذه الأخلاق التي تعلمتم في «حركة النهضة»؟ هل هذه هي عقيدتكم؟»، مدلفا: «أقول لكم أفّ لكم ولتاريخكم».. تصريحات الإمام المفاجئة في أول حلقة من بث البرنامج بصفة مباشرة أجبرت «بن غربية» على التجرد من التزام الحياد والتدخل لإنقاذ الموقف، متوجها ل «العلوي» بالقول: «إنني مضطر بأن أقاطعك لأنني لا أقبل بأن يهان أي كان على هذا البلاتو وكنت قد أعلمتك سابقا بأنك ستشارك في هذا البرنامج على المباشر على شرط ألا تقع اهانة أي كان». و عرّج «العلوي» في تصريحه المباشر على ما اعتبره صراعا قائما داخل وزارة الداخلية بين النقابات الأمنية ووزير الداخلية المنتمي ل «حركة النهضة»، مضيفا: «الكثير من الأحزاب السياسية تريد القيام بحملة انتخابية استباقية على جثث وأنقاض التيار السلفي.. أقول أن هذه البلاد لا تديرها حركة «النهضة» ولا تديرها الأحزاب السياسية بل يديرها جهاز أمن الدولة الذي يعتبر الحديقة الخلفية لهذه الحكومة التي تدار من واشنطن، فهذا الوزير لا يملك شيئا من وزارة الداخلية غير تهديد السلفيين لأن دم السلفيين رخيص». استنكار الحضور ...و اعتراف الإمام حمل وزير الداخلية جزءا من احداث العنف والقتل التي جدت خلال الاونة الاخيرة الى الخطابات الشبيهة بالتي صرح بها «نصر الدين العلوي» في هذا البرنامج، متوجها للامام الجديد لجامع النور بالقول: إني أقدّر شعوره لانه مكلوم في وفاة اثنين من إخوانه لكن أريد أن أقول له «لماذا تريد ان تكون مواطنا له حقوق اكثر من الآخرين؟ لماذا لا تريد ان تتمتع بالضمانات التي وضعها الوطن لكلّ الناس؟لماذا تريد ان تفرض علينا رؤيتك... الخطاب الذي تبثه الان في جزء كبير منه مسؤولية عن جملة من الدماء والوفايات التي تراها»، كما شبه العريض الكلمات التي نطق بها الإمام بالرصاصات القاتلة، معربا عن استغرابه من «هذا الرفض الكلي الذي يتسم به فخطابك يدل على انك ترفض كل شيء اذ انك ترفض كل الناس ولا تقبل إلا نفسك وحتى المحيطين بك سترفضهم وسيأتي الوقت الذي تبقى فيه لوحدك هذا ان بقيت ولذلك انتبه ابني الى أن هؤلاء ناس لهم عقل ويفكرون». و بدوره، وصف «سمير ديلو» وزير حقوق الانسان والعدالة الانتقالية والناطق الرسمي باسم الحكومة خطاب «العلوي» بالتحريضي والمفتن، قائلا: «لا يجب ان ننسى أن اكبر اتهام وجه لهذه الحكومة ووزارة الداخلية تحديدا انها متهاونة تجاه السلفيين وانها تعتبرهم رصيدا انتخابيا، وفي هذه الحصة بالذات وجه اتهام للشيخ راشد الغنوشي بأنه يضع السلفيين تحت جناحه... وبالتالي تبين بأنه اذا اتهمت نفس الجهة بالشيء ونقيضه فهذا يعني ان التهمتين متهاويتين»، متوجها بالقول للإمام: «بهذا النوع من الخطاب أنت لست أهلا لأن تكون إماما تؤم المواطنين وتبث هذا الخطاب التحريضي خطاب الفتنة، انت لست اهلا لتكون إماما». بعد كل التعقيبات التي وردت على لسان الحضور، لم يكتف الامام بالتصريحات التي اعتبرت تهجما وتحريضا، و إنما عمد إلى التأكيد على طابعها التحريضي الصرف، قائلا بالحرف الواحد «نعم انا محرض»، مستشهدا بالآية القرانية: «وحرض المؤمنين فعسى الله أن يكف بأس الذين كفروا والله أشد بأسا وأشد تنكيلا». و قال «العلوي» وهو يلوح بكفن كان يحمله معه: «أدعو كل شباب تيار الصحوة الاسلامية الى تحضير أكفانهم لأن حركة «النهضة» والعديد من الأحزاب السياسية تريد ان تنجز انتخابات جديدة على أنقاض وجثث شباب التيار السلفي»، مضيفا «سنحارب هؤلاء: وزير الداخلية ومن معه من قيادات حركة «النهضة» اتخذوامن امريكا ربا إلاها، اتخذوا من فرعون وهبل هذا العصر ربّا ليشرّع لهم قوانينهم وينجز لهم دستورهم»،مستشهدا بقوله تعالى: «و لن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم».