ما الذي يدفع بمؤلفين تونسيين وهما «محمد المختار القلالي» و«الطاهر بن يوسف» إلى اعتبار «الباجي قائد السبسي» من القوى المضادة للثورة في تونس وذلك من خلال كتابهما الصادر تحت عنوان «القوى المضادة للثورة في تونس: الباجي قائد السبسي نموذجا» ؟ثم ما هي المعلومات الخطيرة التي قد تكون جمعت عن «السبسي» وأدت بالمؤلفين إلى توجيه كم كبير من الانتقادات واللوم لهذا الرجل؟وهل هناك خلفية سياسية وراء صدور هذا الكتاب في مثل هذا الوقت؟ «التونسية» طرحت هذه الأسئلة وغيرها على المؤلف «محمد المختار القلالي» في دردشة خاطفة، فكان الحوار التالي: أولا لماذا اعتبرتم في كتابكم الصادر تحت عنوان «القوى المضادة للثورة في تونس: الباجي قائد السبسي نموذجا» أن «السبسي» يتصدر القوى المضادة للثورة ؟ - في الحقيقة هناك عدة تيارات وأطراف تلتقي في السعي إلى تعثير وإجهاض الثورة، وقراءتنا للراهن السياسي انتهت بنا إلى أن «الباجي» أكثر من يتحمس ويعمل بكل ما أوتي من جهد لإجهاض الثورة، إلى حد اعتقادنا أنه لولا تزّعم الباجي للمشروع المضاد للثورة لما شهدنا هذا الحجم الذي أخذه المشروع المناقض للثورة ولأهدافها ومن هنا جاء التركيز على شخصية «الباجي قائد السبسي» ونعتقد أنه لولا شخصية «السبسي» لما استطاعت القوى المضادة للثورة أن تأخذ مكانا في المشهد السياسي الراهن. ألا تلاحظ أن هناك الكثير من التحامل والتجني على شخص «الباجي» فلماذا تصرّون من خلال كتابكم على شيطنة الآخر؟ - لا نرى في شخص «الباجي» شيئا إيجابيا أو ما يشبه الإيجابي، وذلك بالعودة إلى تاريخه عندما كان في وزارة الداخلية، وفي سلك الأمن، وما يروج على أنه مسك البلاد في ظرف حرج وحسّاس ومكنّنا من الانتقال الديمقراطي إبان الثورة وقادنا إلى مرحلة الشرعية هو مجرد كلام «ديبلوماسي» ولكن نعتبران قدوم السبسي بعد حكومة الغنوشي» هو بداية الالتفاف على الثورة، لأن اللوبي الذي كان له إمتيازات وفقدها إختار «السبسي» ليكون الواجهة». لكن لماذا تصرّون على إعتبار هذه الأطراف قوى مضادة للثورة ولماذا لا تنظرون إليها ك»حزب» فاعل في الساحة السياسية ومن حقه التواجد والنشاط؟ - نحن مع جميع التيارات والقوى السياسية بمختلف ألوانها ونؤمن أنه من حقها المشروع والشرعي أن تتواجد وتنشط وتساهم في صناعة القرار السياسي، باستثناء التيار المعادي للثورة الذي يريد إعادة الأوضاع لما كانت عليه قبل 14 جانفي أي إلى مرحلة الفساد والاستبداد. ونحن ضد «الثأر» من التجمعيين والتضييق عليهم في حياتهم أو أعمالهم، لكن ما نطلبه ان يتركوا الفرصة للآخرين ريثما يتمكن الشعب التونسي من إرساء نظام ديمقراطي مناقض للنظام السابق. من المفارقات أن تنتقد «التجمعيين» وأنت كنت جزءا من هذا النظام وتقلدت منصبا في «التجمع» ككاتب عام مساعد في قبلي ؟ - صحيح كنت كاتبا عاما مساعدا بعد أن حصل شغور في ذلك المنصب، وتم تعييني وأنا لا أعلم بذلك، وبناء على ذلك أتكلم من موقع من تعرّف عن كثب ومن الداخل على ممارسات النظام السابق، ولهذا السبب ولأني لم ألتق مع هذا الفكر وأساليبه فقد غادرته، وتضررت منه فأنا لم أكن في ذلك المنصب عن إقتناع بل ساهمت عوامل وظروف لأجد نفسي داخل هذا الجهاز لكن سرعان ما اتضح أنه من غير الممكن أن أستمر وتم الاستغناء عني لأني لم أتفق معهم وكانوا يرفضون الصدق وكلمة الحق، وطلبت إرجاعي في خطتي السابقة كمدير مدرسة ورجل تعليم. هناك من يعتبر أن هذا الكتاب «هدية» ل«النهضة» ووكأنكم تمهدون لكسب ودّها ؟ - نحن لا ننتمي لأي حزب وليس لنا أية علاقة لا ب«النهضة» ولا بأي حزب، نلتقي في المعاداة ربما لأننا كنا واضحين أننا معادون لكل من يريد إعادتنا لما قبل 14 جانفي، ونتمنى ان يحكم تونس في المستقبل أكثر من طرف واحد ...أي ان لا يتفرد أي طرف مستقبلا بالحكم، ونتّمنى ان تتواجد كل التيارات السياسية لا فقط في المشهد السياسي وانما في السلطة من قوميين ويساريين وإسلاميين ووسطيين، ويا ليت لو يساهم كل من موقعه في صناعة القرار بإستثناء من لهم نية في إعادتنا لنظام حسم فيه الشعب. لكن هناك العديد من المسائل العالقة والتي كان من الواجب على «النهضة» حلها كمعضلة البطالة والتنمية في الجهات؟ - لو جلبنا خبراء من «المريخ لن يتمكنوا من حل المعضلات التي يعاني منها الشعب التونسي، والموروثة عن 50 سنة من الاستبداد والفساد ومن غير الممكن أن تحل مشكلة الفقر والبطالة والتفاوت الجهوي دفعة واحدة. نحن نريد من الحاكمين أن يتولوا كتابة الدستور ويرسون التشريعات التي من شأنها التمهيد للانتقال الديمقراطي. وهذا كاف وليس مطلوبا من حكومة فتية لديها 10 أشهر من الحكم أن تحل مشاكل البطالة والبنية الأساسية. ما رأيك في أداء المرزوقي؟ - كنت آمل من المرزوقي أفضل مما كان بحكم معرفتي الشخصية به سابقا عندما كان ينشط في قبلي وقرأت له وسمعت منه، صحيح هو صادق ووطني وحقوقي ما في ذلك شك ولكن كنا ننتظر منه أكثر مما قدم. ومن أكثر الأخطاء التي وقع فيها نقده اللاّذع لشركائه في الحكم، وخاصة في مؤتمر حزبه عندما انتقد ضيوفه من «النهضة»، لا يوجد أي موجب لتوجيه ذلك النقد في العلن وفي مناسبة احتفالية كان من المستحسن أن تستغل في دعم «الإئتلاف» وذلك من باب الانضباط الأخلاقي. انتقد البعض «الفيديو» المسرب لزعيم حركة «النهضة» «راشد الغنوشي» في لقائه بسلفيين فما رأيك في تلك التصريحات؟ - لو كنت مكانه لقلت ذلك الكلام وربما أكثر، وكل تونسي ديمقراطي وطني عليه أن يقول مثل ذلك الكلام، فمع السلفيين ورغم استنكارنا للعنف أمامنا حلان إما قمعهم أمنيا أو معاداة القمع وجعلهم ينخرطون في المنظومة الديمقراطية وعلينا أن نؤطرهم ونبعدهم عن التشدد والتطرف وهذا لن يتم إلا بالحوار .وعلى جميع الأطراف أن تتعاون وتبذل جهدا لتمكين هؤلاء من الانخراط في الحياة العامة رغم الاختلاف. البعض يحمل نظرة «سوداء وقاتمة» ويعتبر ان الأوضاع صعبة وحرجة فهل تشاطرهم الرأي؟ - ما أتمناه أن يتحلى التونسيون بالصبر، لا ننسى اننا خرجنا من حدث «مزلزل» وطبيعي أن تشهد بلادنا انفلاتات على كل الأصعدة، لكن ما حصل لم يكن وليد الأمس، فالشعب لم يقع تأطيره في الأنظمة السابقة وأكبر جريمة أقترفت في حق الشعب انه تم تدمير الإنسان داخله وهو ما أدى إلى فقدان الأمل.. فالأحداث الأخيرة و«البراكاجات» والسطو.. كلها تدل على أننا بمجرد اختفاء «العصا» ظهر خورنا والذي لم نكن نعتقد أننا نختزنه، ولكن ما يحصل اليوم لم يأت من فراغ ومهما بدت أوضاعنا قاسية فإن بلادنا تدعونا لمنحها أكثر مما تطلبه منا .علينا أن نتحلى بالصبر وبالأمل في المستقبل وأنا ضد الأفكار التي أنتجتها القوى المضادة للثورة والتي تعتبر أننا «داخلين في حيط».