هو قانونيّا يسمى زواج على خلاف الصيغ القانونية ويعاقب عليه القانون طبقا لأحكام القانون عدد3 لسنة 1957 المتعلق بتنظيم الحالة المدنية، ويعتبر هذا الزواج حسب الفصل 36 من قانون الحالة المدنية والفصل 31 باطلا ويعاقب الزوجان بالسجن مدة ثلاثة أشهر. كما يعتبر القانون التونسي التزوّج بثانية جريمة ويعاقب كلّ من تزوّج وهو في حالة الزوجية وقبل فكّ عصمة الزواج السابق بالسجن لمدّة عام وبخطية قدرها 240 ألف فرنك أو بإحدى العقوبتين. لكن رغم صرامة القانون ووضوحه في هذا المجال منذ ما يزيد عن الخمسين عاما أصبح مؤخرا الحديث عن الزواج العرفي في المجتمع التونسي مباحا وشبه معترف به في بعض الأوساط لا سيما منها الدينية والطلابية في محاولة لإضفاء الشرعية على ما يسمى ب «الجنس الحلال» أو العلاقات المحرمة دينيا ومجتمعيا والتي لا تقع تحت طائلة القانون. الزواج العرفي الذي خرج إلى العلن بعد ثورة 14 جانفي خاصة في الاحياء الشعبية في شكل عقود زواج غير موثقة رسميا أصبح محط أنظار الأحزاب السياسية لما يمثله من تهديد للنمط المجتمعي التونسي. وقد أصدر حزب «تونس الخضراء» مؤخرا بيانا دق من خلاله ناقوس الخطر مشيرا إلى أن عدد الطالبات (المتحجبات والمنقبات) اللواتي أقدمن على هذا الزواج غير القانوني بلغ نحو 500 حالة، مطالبا وزارتي العدل والداخلية ورئاسة الحكومة بإجراء بحث عاجل واتخاذ الإجراءات القانونية الكفيلة بحماية المرأة التونسية والأسرة لما قد ينتج عن هذا الزواج غير القانوني من بث للفتنة داخل المجتمع وبروز العديد من المشاكل الاجتماعية والنفسية الخطيرة على تماسك العائلات التونسية. الواقع يفرض نفسه و رغم المعارضة الكبيرة التي يلاقيها الزواج العرفي فقد أصبحت هذه الظاهرة واقعا ملموسا في المجتمع التونسي وموضوع نقاش حتى على شبكات التواصل الاجتماعي. «آمنة» الطالبة بكلية العلوم بتونس ذات الواحدة وعشرين ربيعا قالت ل «التونسية» إن الزواج العرفي مكنها من أن تعيش حياة طبيعية مع من تحب وأن تشاركه حياته وسكنه متحدية في ذلك الظروف الاقتصادية التي قد تمنعهما من الزواج لضيق ذات اليد وارتفاع كلفة الزواج. آمنة التي قالت إنها مقتنعة كل الاقتناع بهذا الزواج الشرعي حسب الحكم الديني وتعتبر أن زواجها العرفي خطوة أولى في انتظار اقرار هذا الارتباط بعقد قانوني (لأنها ترفض عقدا شرعيا معتبرة ارتباطها الحالي شرعيا) بعد التخرج والشغل استجابة للعرف المجتمعي ورغبة العائلة. صديقتها سامية حذت حذوها وتستعد قريبا للارتباط عرفيا بحبيبها حيث ترى في هذا الاقتران الحل الأمثل الذي يمكنّها من إقامة علاقة مع صديقها الذي تربطها به علاقة حب قوية منذ عدة سنوات. وتعترف سامية المحجبة والمواظبة على القيام بواجباتها الدينية بأن علاقة الحب التي جمعتها بصديقها باتت مهددة وهو ما شجعها على الارتباط به ، ذلك أن تربيتها الدينية والاجتماعية كانت تمنعها من الاستجابة للرغبات الجنسية. وتضيف بأن الاحتياجات الجسدية التي كانت تشعر بها برفقة صديقها كانت من القوة بحيث أنها تسببت لها في قلق نفسي وتمزق بين رغبة في تلبية هذه الاحتياجات والرضوخ لمبادئ وقيم تربت عليها. ونظرا لصعوبة ظروفهما المادية حيث أنهما طلبة، فقد اختارا بناء على نصيحة عدد من زملائهما الزواج عرفيا. وتقول إن هذا النوع من الزواج يكفل لهما إقامة علاقة غير محرمة اجتماعيا ودون تكاليف تذكر وفي إطار شرعي تماما مشيرة إلى أن الأجواء العامة وبداية العودة الفعلية للجذور الإسلامية في تونس والمناخ العام لم تعد تسمح بإقامة علاقات دون حد أدنى من السند الشرعي متمنية أن يتم تشريع هذا النوع من الزواج الذي يحفظ حقوق المرأة ولا يتعارض مع الدين ولا الأخلاق. زوجة ثانية عن اقتناع بعيدا عن الأوساط الطلابية تحدثت هدى ذات المستوى الجامعي عن تجربتها مع الزواج العرفي الذي جعل منها زوجة ثانية عن اقتناع حيث تعرفت على زوجها (رجل الأعمال) «في قعدة» الذي أعجب بها كثيرا وظل يطاردها لمدة أشهر فربطت معه علاقة دامت أكثر من سنتين وبحكم ارتباطاته الأسرية ورفضه تطليق أم أولاده عرض عليها فكرة الزواج العرفي، فقبلت الفكرة على مضض في البداية بسبب معارضة العائلة ثم تم ذلك فعلا بإشهار الزواج وإقامة حفل في نزل فاخر وهي الآن أم لطفل وتمارس حياتها بشكل طبيعي وتعترف أمام الملأ أنها زوجة ثانية وفي الحلال وأن العقد العرفي يضمن لها كل حقوقها لأن المسألة بالنسبة إليها عقد معنوي ومسؤولية قبل أن تكون مجرد حبر على ورق. تقنين للشهوات المكبوتة الباحث في علم الاجتماع طارق بلحاج محمد يعتبر أن الزواج العرفي موجود في تونس قبل الثورة وأنه ليس حكرا على العزاب فقط بل نجده أيضا عند المتزوجين وهو يمس كل الشرائح الإجتماعية والتعليمية، غير أنه ظل حتى وقت قريب من المواضيع المسكوت عنها في المجتمع التونسي. كما اعتبر الباحث الاجتماعي أن الزواج العرفي آلية لتقنين العلاقات الجنسية المنتشرة بكثرة في مجتمعنا ذلك أن الدراسة التي أجراها ديوان الأسرة والعمران البشري في 2007 أثبتت أن 80 بالمائة من الشباب و67 من الشابات يمارسون الجنس خارج إطار الزواج مشيرا إلى أن التونسيين لا يقبلون في قرارة أنفسهم العلاقات المحرمة بحكم الوازع الديني وتربية الحلال والحرام وبحكم ثقل الموروث الثقافي والاجتماعي الذي يتعارض احيانا والصورة المتحررة التي تظهر بها بعض الطبقات الإجتماعية، وهو ما قد يجعل من الزواج العرفي ملاذا لتلبية حاجياتهم الجنسية وتجنيبهم عقدة الإحساس بالذنب وتأنيب الضمير بحكم الوازع الديني. ويعد الزواج العرفي بالنسبة للمتزوجين حسب باحث علم الاجتماع غطاء دينيا للخيانة الزوجية خاصة بالنسبة إلى الأشخاص الذين يريدون الحفاظ على أسرهم وسمعتهم الاجتماعية. هذا ويفسر علم النفس الاقبال على الزواج العرفي باشتعال غريزة الجنسية لدى الشباب والمراهقين نتيجةً للكبت الجنسي وغياب التوجيه والرقابة الأسرية على سلوكيات الأبناء وتأثير الإعلام على الغريزة الجنسية لدى الشباب، الذي يلجأ إلى الزواج العرفي لإشباع الرغبات وليس بهدف تكوين الأسرة. كما يفسر علم النفس تفشي الظاهرة بارتفاع نسبة العنوسة بسبب عدم موافقة الأهل على الزواج بالشاب الفقير وارتفاع نسبة البطالة وتأخر سن الزواج وضعف الوازع الديني والجهل بالأحكام الشرعية للإسلام تجاه الزواج العرفي إلى جانب الرغبة في التحيل على القوانين في بعض الحالات التي تريد فيها الزوجة المحافظة على جراية زوجها المتوفي. ويعرف الزواج العرفي على أنه زواج يشهده الشهود والولي، ولكنه لا يكتب في الوثيقة الرسمية التي يقوم بها عدل الإشهاد أو ضابط الحالة المدنية أو نحوه. وهو اتفاق مكتوب بين طرفين (رجل وامرأة) على الزواج دون عقد شرعي، مسجل بشهود أو بدون شهود، لا تترتب عليه نفقة شرعية وليس للزوجة أية حقوق شرعية لدى الزوج، لذلك يعد زواجا باطلا لأن الإشهار ركن من إركان الزواج الشرعي في الإسلام، فما بني على باطل فهو باطل. وهو مصطلح يطلق على علاقة باطلة بين رجل وامرأة، تقوم فيه المرأة بتزويج نفسها بدون موافقة (أو علم) وليها وأهلها، ويتسم عادة بالسرية التامة، ويكون بإحضار أي شخصين (كشاهدين) وثالث يكتب العقد. ويوجد اختلاف في مدى صحة الزواج العرفي، ولكن الذين يحرمونه يستدلون بقول النبي: «أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها، فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له».