هي محاولة بسيطة لفهم وفك رموز ونعوت ومصطلحات تصف هذا «الثور الكبير» أي العدالة الانتقالية والتي يتحدث عنها كل يوم الساسة والمحللون.... وغيرهم. فساد، تشف، معاقبة، استرداد حقوق، تهميش...، محاكمة، مصالحة، محاسبة، مصارحة، مصادرة... ، تعويض، جبر ضرر..، شهداء، جرحى، مسلوب حرية... إذا أردنا أن نبسط للعامة والخاصة في ورقة واحدة تصورا لهذا المسار لاعطائه الاهتمام الذي يستحق ويكون بذلك مدخلا للنقاش وفرضية للحلول وهو بالطبع قابل للزيادة والنقصان والتحوير، وحتى النقض تماما، فهذه محاولة لفهم وعرض المسألة في إطار مبسط كما يبينه الرسم البياني التالي: الإطار، ميزان العدل وحتى لا نخسر في الميزان: - وضعنا على كفته الأولى المستفيدين من النظام السابق على كل المستويات (السياسية والمهنية والاجتماعية وغيرها) وكل حسب استفادته فعلا وقولا. - وضعنا على كفته الأخرى المتضررين من سياسات النظام السابق في أموالهم وحقوقهم وأجسادهم وحرياتهم سواء كانوا أشخاصا أو جهات. لنبدأ بالكفة التي تضم المتضررين وتنقسم إلى 4 مجموعات: 1 - المهمشون من الجهات ومن الأفراد: وهم فئة سلط عليها التغييب والإذلال مدة عقود حتى حسبوا أنهم مواطنون من صنف ثان لذا كانت درجة الإحتقان والمطلبية عالية لاستحقاقات الثورة والحق في العيش الكريم والعادل سواسية مع جهات البلاد الأخرى ومواطنيها، لكن الحل لن يكون إلا بالتنمية الشاملة الذي يتطلب مناخا وإستثمارا وزمنا لتحقيقه وفي إنتظار ذلك ومساهمة فيه وجب على الدولة المعالجة الاجتماعية العاجلة للاستحقاقات الاجتماعية لحد أدنى من العيش الكريم. 2 - عائلات الشهداء وجرحى الثورة: ويتم معالجة استحقاقاتهم من خلال هيئة خاصة تهتم بهمومهم وأوضاعهم كي تجد لهم الحلول اللازمة عبر الاعتذار والاعتراف وتعويض المتضررين وأهالي الشهداء. 3 - مشمولو العفو التشريعي العام: ممن ظلموا تحت النظام السابق بسلب الحرية سجنا أو تهجيرا وتتم معالجة الموضوع بهيئة خاصة. كما يجب اعتراف الدولة لهم وجبر الضرر مقابل أن يتنازل هؤلاء عن المقاضاة الشخصية ويقع الاستئناس بتجربة «افريقيا الجنوبية» أي قضية واحدة تشمل كل المتضررين وحلول متعددة. 4 - ذوو الحقوق والأملاك المغتصبة: بحكم ممارسات ظلم وفساد النظام السابق. ويتم التعامل معهم باسترداد الحقوق بالمقاضاة احلالا للحق تحت قبة القطب القضائي. أما كفة المستفيدين من النظام السابق وتنقسم أيضا الى أربع مجموعات: 5 - المتسببون والمستفيدون ورموز النظام السابق: وأولهم المخلوع وبطانتهم وهم الذين قامت عليهم الثورة فلهم القصاص بالمحاكمة والمصادرة. 6 - كبار رجال الدولة والموظفون والسياسيون: الذين ساهموا كل حسب جهده في ارساء واستمرار منظومة المغالطة والفساد. يستأنس «بالتجربة المغربية» في العدالة الانتقالية في اطار «المصارحة والمصالحة» وتحدث هيئة وقانون يحمي من يفيد ويعلم ويعترف ويعتذر للشعب بما قام أو ساهم به في منظومة العهد البائد وتكون جلسات علنية منقولة عبر وسائل الاعلام. 7 - رجال المال: وهذه من الفئات التي استفادت من تعاملها وقربها من نظام المخلوع فيستحسن أن تسابق بإحداث «صندوق للمساهمة في التنمية» عن طريق منظماتها المهنية وغيرها يتقاسمون فيه نسب مساهماتهم تلقائيا. من كان منهم من مشمولي القطب القضائي (الدائرة 8) فتحتسب مساهماتهم «صلحا» مع الدولة ذوي «الحق العام» على غرار ما يقام استثنائيا في قضايا الصلح الديواني. 8 - مشمولو القطب القضائي: من ملفات لجان التقصي والأبحاث والقضايا المفتوحة ضد الفساد الاداري والمالي وفيهم من تشملهم المجموعة السابقة وتحسب لهم مساهمتهم فيها. هي مقترحات نرى فائدة في عرضها وطرحها لما جاء فيها من حلول تقطع مع أساليب التشفّي والانتقام دون أن تلغي حقوق المضطهدين كما أنّها تطفئ لوعة الشعب وحلمه في رؤية «الطغاة» يلبسون «الندم» ويتوسّلون الصفح والاعتذار.