لأن الجامعة التونسية لم تكن يوما بمنأى عن أي تحرك سياسي أو اجتماعي تشهده البلاد، فإن الأحداث التي عرفتها ولاية سليانة خيمت بظلالها على بعض المؤسسات الجامعية حيث أضرب أمس طلبة المعهد العالي للتنشيط الثقافي والشبابي ببئر الباي عن الدراسة مساندة لأهالي سليانة ونظم الطلبة النقابيون الراديكاليون بكلية الحقوق والعلوم السياسية بالمركب الجامعي بالمنار مسيرة مساندة عقدوا اجتماعا عاما بالكلية نادوا فيه بضرورة التحرك في حين شدّد الاتحاد العام التونسي للطلبة في خطاب ألقاه أمس راشد الكحلاني الناطق الرسمي باسم الاتحاد في مقر كلية العلوم بالمركب الجامعي بالمنار على منع أي تحرك طلابي من شأنه أن يعطل سير الدروس وأن يجعل الجامعة منطلقا لثورة مضادة. «التونسية» رصدت مختلف التحركات بالأجزاء الجامعية المذكورة وتحدثت الى أبرز قيادات اتحادات الطلبة كما تحدثت الى طلبة مستقلين عن مختلف التحركات التي من شأنها إرباك سير الامتحانات. يقول خليل البرعومي عضو تنسيقية هيئات أنصار الاتحاد العام التونسي للطلبة: «كنا بيّنا موقفنا من الأحداث التي شهدتها ولاية سليانة ونحن ضدّ الاعتداءات على أهاليها بطريقة عشوائية». ويضيف: نحن ضدّ أن يكون الطالب وقودا لثورة مضادة تستهدف أناسا يمثلون الشرعية. مشيرا الى أن الذين يقودون الثورة المضادة الآن هم أناس تحالفوا سابقا لضرب الاتحاد العام التونسي للطلبة وسعوا الى أن تكون قياداته داخل الزنازين مؤكدا على أنهم لن يسمحوا بأن تكون الجامعة منطلقا لثورة مضادة. وأردف قائلا: الثورة لم تدخل الجامعة في حين أن الثورة المضادة بدأت تسلّل الى أسوارها وذلك من خلال الاتحاد العام لطلبة تونس وعدد من العمداء والأساتذة الذين تمعشوا سابقا من أموال مراكز البحث ومن بعض الهدايا والهبات وهم الذين يسعون الآن الى ادخال الجامعة في فوضى». وأكد خليل البرعومي على أن اخراج الطلبة من القاعات بصورة قسرية وهو ما فعله النقابيون الراديكاليون أمس بكلية العلوم حسب قوله يقيم الدليل على أن بعض الأطراف الطلابية المتحزبة تريد تسييس الجامعة وهو ما يرفضه داعيا الى تحييدها عن كل نشاط سياسي. المسيرة التضامنية نابعة من وجدان الطالب أكد نزار بوجلال الناطق الرسمي باسم النقابيين الراديكاليين أن التحرك الذي نظمه الطلبة بكلية الحقوق والعلوم السياسية بالمركب الجامعي بالمنار كان بإرادة وبطلب من اتحاد طلبة تونس الذي يؤطر عموما كل التحركات الطلابية. كما أكد على أن المسيرة التي نظمها النقابيون الراديكاليون كانت نابعة من وجدان الطلبة ومن وعيهم بضرورة مساندة أهالي ولاية سليانة كما كانت تعبيرا عن رفضهم للجرائم التي ارتكبت في حقهم. وفنّد نزار بوجلال ما قاله الاتحاد العام التونسي للطلبة بخصوص اخراج الطلبة قسرا من قاعات الدروس للمشاركة في المسيرة والاجتماع العام. من جهته أكد شاكر العواضي عضو المكتب التنفيذي لاتحاد طلبة تونس أن الاتحاد كان منذ تأسيسه منحازا لقضايا الشعب التونسي وأن الاتحاد مع المطالب المشروعة لأهالي ولاية سليانة. وقال العواضي: فكما ساند اتحاد الطلبة التحركات الاجتماعية لأهالي الحوض المنجمي فإنه يساند مطالب أهالي سليانة وذلك بتنشيط التظاهرات الطلابية داخل الجامعات وبالتحسيس بضرورة المساندة وبالدعوة الى الاضراب عن الدروس إن لزم الأمر. نوع من الضبابية والتهميش كيف يعيش الطالب المستقل اليوم الأجواء المشحونة بالجامعة وما هو موقفه من هذه التحركات التي تزامنت مع انطلاق الامتحانات؟ سؤال طرحناه على بعض الطلبة الذين تواجدوا بساحتي كلية الحقوق والعلوم بالمنار فكانت الاجابات كالآتي: تقول إيناس سنة أولى جيولوجيا بيولوجيا: «في خضم ما شهدته الجامعة اليوم من طلبات متتالية لبعض الطلبة ومن احتجاجات البعض الآخر وجد الطالب العادي نفسه مهمشا». وتضيف: «ما سمعته اليوم من الاتحاد العام التونسي للطلبة لم يقنعني وأحسست أن ما دعوا اليه بعيد عن اهتماماتي كما أني لم أجد من يدافع عن مطالبي». وتؤكد ايناس على أن ما يحدث اليوم بالجامعة يعرقل سير الامتحانات حيث ليس من المنطقي أن تتم الدعوة الى الاضراب مثلا. من جهتهما أكدت طالبتا ماجستير البحث في القانون الخاص وعلوم الاجرام أن لا شيء يتسم بالوضوح في كلية الحقوق وأن المناظرات تم تأجيلها مضيفتان أن المادتين اللتين أضربتا من أجلهما لم يتم تعويضهما وهما مادتا «قانون السوق المالية» و«قانون السوق». وقالت الطالبتان: «نحن وزملاءنا مطالبون بإنجاز بحوث حول مادتين لا نعرف عنهما شيئا، وهذا قليل من كثير.. مشيرتان الى أن الأجواء العامة لا تساعد على سير الامتحانات في ظروف طيبة وأن تنظيم المسيرات في هذا التوقيت بالذات لا يخدم الطالب.