على عكس الأجواء الحالمة التي ترافق نتاجه الإبداعي فإن واقع عازف العود العراقي نصير شمة يحمل الكثير من المعاناة والصبر والجلد. فابن مدينة «الكوت» العراقية الذي نجا من حكم الإعدام بإعجوبة، بعد أن قضى سنوات عدة في الاعتقال إبان حكم الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، واضطر إلى العيش خارج الوطن 19 عاماً، لم يغفل خلالها عن دعم القضايا العربية والإنسانية الكبرى، بدء من دعمه لضحايا الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987، ثم تدشينه حملة تبرعات لضحايا حربي الخليج الأولى والثانية من أطفال بلاده، وتأسيس جمعية «أطفال الزهور»، وصولاً إلى المرحلة الحالية التي لم يفارقه فيها إحساسه بالمعاناة، على الرغم من استقراره منذ نحو 15 عاماً في العاصمة المصرية القاهرة، من دون أن يتخلى عن قناعته بأن «العود قادر على صنع العجب»، وبنفس الإحساس بالمسؤولية والمعاناة شدد على ضرورة تكاتف المجتمع الدولي والدول العربية للاستجابة لاحتياجات اللاجئين السوريين الذين هاجروا من ديارهم قسراً على امتداد أشهر النزاع المسلح في سوريا. وتبعا لمواقفه الانسانية العالمية تم ترشيحه من قبل بيري كوسي رئيس مجلس إدارة جائزة كوسي للسلام بالفلبين لنيل جائزة كوسي للسلام بعاصمة الفلبين مانيلا. و في حفل تسليمه للجائزة إلى جانب 20 شخصية فنية وأدبية من كافة انحاء العالم أذهل نصير شمة ضيوفه والحاضرين بمشهد تاريخي سيظل حتما منقوشا في ذاكرة كل الحاضرين حيث دخل إلى قاعة التتويج يرافقه أحد حراس الشرف وهو يحمل سارية علم العراق ليأخذ مكانه في المنصة كونه احد الفائزين في الجائزة. وألقى الفنان نصير شمة كلمة شكر فيها ادارة الجائزة مؤكدا على مواصلة العمل في سبيل رسالته ودعا إلى تضافر الجهود من أجل نشر ثقافة المحبة والسلام. وحضر الاحتفال ممثلون عن الحكومة الفلبينية وعدد من السفراء واعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين في الفلبين بالاضافة إلى العديد من الشخصيات الفلبينية والضيوف من مختلف انحاء العالم. وفاز بالجائزة هذا العام عشرون شخصية من مختلف دول العالم لجهودها وابداعاتها في مجالات العلوم والثقافة والفنون وحقوق المرأة والسلام والاعمال الانسانية.