يعتبر مسعود أمر الله آل علي أحد أهم الفاعلين في الساحة الثقافية الإماراتية، فقد بدأ حياته شاعرا ومن ثم مخرجاً مع فيلم «الرمرام» سنة 1994 ليترك مشروعه الشخصي ويكرس نفسه للتأسيس للحركة السينمائية الإماراتية. بدأ آل علي كفاحه السينمائي قبل ثلاثين عاماً، شارك خلالها في العديد من المبادرات الرائدة مثل مسابقة أفلام من الإمارات التي أسسها وأدارها لمدّة ست سنوات متتالية، وهي تظاهرة أدمجت سنة 2009 في مهرجان أبو ظبي السينمائي. عمل مسعود، خريج جامعة الإمارات العربية المتحدة، في شرطة دبي سابقاً، كما شغل منصب المدير الفني ل “المجمع الثقافي” بأبوظبي. يرتبط مسعود بعلاقة وثيقة مع مهرجان دبي السينمائي الدولي منذ دورته الأولى، حيث تولى خلال سنوات المهرجان الأولى، مسؤولية برمجة القسم العربي، بما في ذلك برنامج “ليال عربية”، وبرنامج “أصوات إماراتية” الذي يستقطب اهتماماً واسعاً على امتداد منطقة الخليج بأكملها. ويتولى مسعود أمر الله آل علي من موقعه حاليا كمدير فني لمهرجان دبي السينمائي الدولي، مهمة توجيه عملية إعداد جميع برامج المهرجان، ويشرف على الأفلام الروائية الطويلة والوثائقية والقصيرة، التي يتم اختيارها للمشاركة في الأقسام العربية والدولية. كما يشرف على مسابقتي «المهر العربي» و«المهر الآسيوي-الإفريقي». حين طلبنا موعدا لمقابلته، نصحنا بالإتصال به مباشرة فمسعود أمر الله آل علي لا يرتاح كثيرا للشكليات والرسميات، يتنقل دون أي تعقيد بين أقسام المهرجان ويختلط بالصحافيين محافظا على إبتسامة ودودة، لذلك كان لقاؤنا بصدفة بحثنا عنها طيلة ثلاثة أيام ليكون هذا الحوار الخاص ب «التونسية»... كيف يفهم انتقال موظف سابق بجهاز الشرطة إلى واحد من الفاعلين في المشهد الثقافي بدبي؟ لا ، أنا لم أكن شرطيا كما يوحي بذلك سؤالك، كنت باحثا بشرطة دبي ولكني قبل ذلك أنا شاعر وعملت أفلامي القصيرة ، كانت مجرد وظيفة والدليل أن عشقي للسينما هو الذي تغلب في النهاية كما ترى ... هل استقر رأيك على السينما باعتبارها تلبي تطلعاتك مبدعا؟ أعتقد أنه يمكن في فترة لاحقة أن أهتم بشيء آخر فنيا ما الذي يميز هذه الدورة من مهرجان دبي السينمائي؟ أعتقد ان هذه الدورة مهمة جدا في كافة البرامج المختلفة بدءا من البرنامج العربي الذي يحتوي فعليا على نمط سينما مغاير ويجمع أهم صناع السينما في الوطن العربي وجيل الشبان الذين نأمل ان يكون لهم مستقبل كبير في صناعة السينما العربية في قادم السنوات ينسب لك أنك مؤسس مسابقة أفلام من الإمارات سنة 2001 التي أدمجت لاحقا ضمن مهرجان أبو ظبي السينمائي، ما موقف الأب المؤسس من هذا الخيار؟ أفضل أن لا أتحدث عن المهرجانات الأخرى سؤالي يتعلق بتظاهرة أنت من أسسها؟ في رأيي ان الفصل هو الأفضل، العالم كله يتجه نحو التخصص وتخصص التخصص وإدماج مسابقة لها شخصيتها بعد سنوات ضمن مهرجان أكبر سيجعلها تضيع وسط الزحام ولا يسمح لها ان تاخذ حيزها كما تستحق، وربما كانت للمهرجان أهداف مختلفة عن أهداف التظاهرة نفسها. من يتحمل مسؤولية إختيار أفلام مهرجان دبي السينمائي؟ أنا بجيدها وسيئها؟ نعم هل هناك افلام خيبت تقييمك الأول؟ لا اي الأفلام اعجبتك؟ كلها كم فيلما شاهدت لانتقاء افلام المهرجان؟ اكثر من سبعمائة فيلم من مختلف انحاء العالم لو اختلفت مع رئيس المهرجان حول تقييم فيلم ما لمن تعود الكلمة الفصل؟ لي من قرر حذف الأفلام السورية الثلاثة لعبد اللطيف عبد الحميد وباسل الخطيب وجود سعيد من برنامج المهرجان؟ أنا في النهاية من أتحمل مسؤولية القرار لماذا اتخذتم القرار اياما قليلة قبل انطلاق المهرجان؟ لماذا قبلتم الأفلام أصلا؟ لأن الأحداث تطورت بشكل تراجيدي في الفترة الأخيرة لماذا اقحمتم السياسي في الفني؟ وأنا أسألك ولماذا يكون السياسي هو صاحب القرار في الشأن الفني هل تدفعون اموالا لجلب النجوم واستقطاب الأفلام للعروض الأولى الحصرية في ضيافتكم؟ مهما كانت إجابتي فإني لن أوفق في غالب الأحوال في تغيير الذهنيات التي تفكر بهذه الطريقة، نحن مهرجان سينمائي يشتغل وفق معايير عالمية لسنا نحن من اخترعنا المشكل ليس في مهرجان دبي بل في من يفكر فينا بهذه الطريقة، هل يطرح هذا السؤال على مهرجانات فينيسيا وكان وتورنتو؟ أستغرب أن يفكر بعض العرب في البعض الآخر بهذا الأسلوب؟ الأموال التي هي ميزانية المهرجان والتي تضبط بشكل دقيق تصرف في ما يجب أن تصرف عليه ، هل تظننا ندفع أموالا للصحافيين المشاغبين مثلك؟ هل رأيت هذا في مهرجان دبي؟ ماذا علينا أن نفعل حتى يقتنع أشقاؤنا باننا نختلف عن الصورة النمطية التي سكنت عقول الكثيرين هل يكتفي الخليجي بخليجيته أو يشعر بأنه عربي يشبهنا؟ ثق أن همومنا واحدة ، هل يعقل ان أي مجتمع يمكن تنميطه في طبقة واحدة ، الخليجيون يعيشون مثلما تعيشون في تونس والجزائر والإسماعيلية ودمشق ...هل علينا ان نظل في موقع تبرير على الدوام ؟ هذا موقف خاطئ بالأساس تماما كصورة العربي في السينما الهوليودية، عليك دائما أن تدافع عن صورتك، هذا ليس هاجسنا بل نحن نعمل على صناعة صورتنا. ما الذي يمكن لسوق دبي السينمائي ان يحققه في ظل أسواق المهرجانات الكبرى؟ أعتقد أن مهرجان دبي قادر على لعب دور كبير في ما يتعلق بالسينما الآسيوية والإفريقية والدفع بعجلة التوزيع وتطوير المبيعات. من أربعين عاما والعرب يتحدثون عن مشكل التوزيع السينمائي بين الدول العربية دون أن يحدث جديد،ما فائدة تنظيمكم لندوة في ذات الموضوع؟ وهل لأن القضية الفلسطينية لم تحل منذ أكثر من ستين عاما علينا ان نتوقف عن التحدث بشأنها؟ نحن في مهرجان دبي نتحدث بحثا عن الحلول، أي أن نقاشاتنا تؤدي إلى إجراءات عملية وحين أعلمك أن مبيعات سوق دبي السينمائي السنة الماضية تجاوزت المليون دولار عليك أن تخفف من وطاة يأسك، في ما يتعلق بتوزيع الأفلام العربية في الدول العربية من واجبنا ان لا ندير ظهورنا لمشاكل السينما العربية وإن بدت مشاكل مزمنة. هل أنت متابع جيد للسينما التونسية؟ طبعا أنا مطلع على التجارب القديمة و الجديدة في مختلف الأنماط وثائقية وروائية ،طويلة وقصيرة. هل هي في الاتجاه الصحيح؟ السينما العربية عموما تعكس عصرها الآني هل هذا مدح أو ذم؟ لا هو مدح ولا هو ذم، هو رأي أن تهتم بعصرها الآني يعني أنها قاصرة عن استشراف المستقبل؟ بدأت سؤالك عن الشرطة وانا اشعر بانك شرطي اكثر مني ... هل تشعر بأن ثورات الربيع العربي اثرت في مضامين السينما العربية في تونس ومصر تحديدا؟ أعتقد ان السينما لا تحتاج حدثا سياسيا لتتطور، هناك سينمائيون كما الأدباء والمفكرون حاولوا طيلة عقود تغيير مصائر بلدانهم وقد أثمرت محاولاتهم المختلفة الحدث السياسي بتغيير أنظمة الحكم ما مدى تأثير مهرجان دبي وعموم المهرجانات السينمائية في الإمارات في البنية الإجتماعية والثقافية للمجتمع الإماراتي؟ سأقول لك شيئا ما من خلاله يمكنك أن تستنتج الكثير، حين إنطلقت مسابقة أفلام من الإمارات سنة 2001 وردت علينا ترشحات من طالبات إماراتيات طلبت عائلاتهن حذف أسمائهن من الجينيريك حتى لا تظهر أسماء العائلات للعموم، اليوم تحضر العائلات أفلام بناتها وأبنائها وتتقاسم معهم لحظات الفرح والفخر عند التتويج. هناك من يرى بأنك ضحيت بمشروعك الشخصي شعرا وسينما من أجل مشروع جماعي «وطني»؟ لا أعتبر ما قمت به تضحية ولا اشعر بأي حرمان ، كل ما قمت به أنجزته بحب وإيمان وفي النهاية كل مشروع جماعي هو أساسا مشروع فردي فكل فيلم جيد ينفذه أحد السينمائيين من الإمارات هو فيلمي أنا أيضا، وهذه الفورة أو الحركة الفنية الطموحة التي أفرزتها مسابقة أفلام من الإمارات ومهرجان دبي ومهرجان سينما الخليج سوف تخدمني يوما في تنفيذ فيلمي الشخصي، واليوم عندما أبحث عن مصور أو مساعد مخرج أو مونتير فسأجد الكثير من الأسماء المحلية التي يمكن أن تساندني في مشروعي، هذا الأمر كان مفقودا وميئوسا منه قبل عدة سنوات. هل مازلت شاعرا؟ أحيانا. آخر ما كتبت؟ لا احفظ شعري. لمن تحفظ؟ لا أحفظ الشعر عن ظهر قلب وإن كنت أستبطنه. تعودنا أن تكون قيادات المهرجانات الخليجية إفرنجية ولكنكم خرجتم عن هذه القاعدة في دبي؟ وهل في ما فعلنا ما يدعو إلى أن نعاقب عليه؟ نحن نبحث عن الكفاءة والنجاعة حيثما كانت ومن حسن الحظ أننا في دبي وجدنا في بني أهلنا من يفي بالغرض ونحن لا ندعي الكمال بل نتعلم ونطور مهاراتنا ونتابع الآخرين حتى نكون مسايرين لما يستجد في العالم هل يمكن لمهرجان دبي ان يكون دونك؟ بالتأكيد. متى تتوقع أن تغادر المهرجان؟ حسب الظروف إلا إن كنت أنت راغب في ذلك حالا فسأحاول الإستجابة لرغبتك «إذا حابب انو يكون قريب قلي».