لم ينتظر أكثر المتفائلين من أنصار مستقبل المرسى أن تقتلع القناوية تعادلا بطعم الفوز ( 0 / 0 ) أمام الترجي الرياضي الذي سعى جاهدا في مواجهة السبت الماضي لتضميد جراحه من مخلفات هزيمة الدربي الأخيرة ( 1 / 2 ) . ورجحت التكهنات المسبقة بأن يدك هجوم الأحمر والأصفر شباك زياد الجبالي في أكثر من مناسبة ليضمن نادي باب سويقة فوزا يحتاجه أكثر من أي وقت مضى لكن حقيقة الميدان كذبت حسابات الأذهان ليبطل جيرار بوشار مخطط نبيل معلول الباحث عن « صك الغفران» بعد السقوط في دربي الاجوار وكاد أن يطيح به بالضربة القاضية لولا فشل جميل الخمير في التعامل مع كرة المباراة عندما كانت المواجهة تلفظ أنفاسها الأخيرة . تكتيك بوشار يحرج معلول تبنى الداهية الفرنسي جيرار بوشار خطة تكتيكية حذرة في مباراة الترجي قوامها الأساسي الدفاع بأكثر من لاعب في منطقته ثم التعويل على الهجومات المرتدة الخاطفة عبر الثلاثي نبيل الميساوي , عبد القادر ضو وفادي الهميزي . إستراتيجية تكتيكية ذكية أثبتت جدواها أمام هجوم الأحمر والأصفر الضارب لا سيما وأن الإطار الفني للقناوية اعد العدة كما يجب لردة فعل قوية لنادي باب سويقة حتى ينفض عنه غبار عثرة الدربي . ورغم تنويع الترجيين للعمليات الهجومية قصد إيجاد الطرق المؤدية لشباك المتألق زياد الجبالي تارة عبر التوغلات العرضية التي أمنها الجزائري يوسف البلايلي وإدريس المحيرصي وطورا عن طريق سلاح الكرات الطويلة في عمق دفاع المرساوية بحثا عن الشاب الصاعد هيثم الجويني ثم الكاميروني يانيك نجانغ فان خطط نبيل معلول باءت كلها بالفشل أمام دفاع منظم للصفصاف حافظ على هدوئه واتزانه إلى الرمق الأخير من عمر المباراة التي كسب من وراءها نادي الضاحية الشمالية نقطة ثمينة جعلته يبقي على مسافة الأمان بينه وبين رباعي الطليعة ( المركز الخامس ب 12 نقطة ) في ختام مرحلة ذهاب البطولة . كوامي صمام الأمان .. وشيكوتو يكسب الرهان منذ أن وطئت قدماه مركب الشتيوي , اجتهد بابا كوامي كثيرا لنيل ثقة بوشار وعضده الأيمن نزار الغزواني وصبر طويلا أمام عقبات عديدة فكان جزاؤه على قدر عطائه , إذ وجد موطئ قدم راسخة له في التركيبة الأساسية لنادي الضاحية الشمالية منذ بداية الموسم الجاري ( 7 / 7 ) ليشكل رفقة يسري التواتي محور دفاع صلب ساهم في تامين الحصانة على مرمى الجبالي لتتحسن نتائج الفريق بشكل منطقي ولعل الجهود السخية التي بذلها كوامي في مباراة الترجي تؤكد بما لا يدع مجالا للشك قيمة معدن هذا الأجنبي . ومن جهة أخرى , توجس شق كبير من أحباء نادي الضاحية الشمالية خيفة من غياب يسري التواتي عن مواجهة الترجي بداعي الإصابة خصوصا وأن البدائل المتاحة للجهاز الفني في هذا المركز الدفاعي الحساس محدودة بطبعها ليغامر بوشار بالدفع بجهود محمد شيكوتو الذي لا يحظى برضاء السواد الأعظم من أنصار الفريق , لكن يبدو أن الحكم المسبق على مؤهلات النيجيري جانب الصواب ليدحضه العطاء الغزير لهذا الأخير أمام الترجي الرياضي فكسب رهان التعويل عليه بدلا عن التواتي بعد أن نال شهادة استحسان وتشجيع من قبل الفني الفرنسي . الجبالي « أسد مهاب» .. وطامبادو «محارب مقدام» لا يختلف عاقلان بأن زياد الجبالي يمثل نقطة قوة القناوية في المواسم الأخيرة وهذا ليس بغريب عن شاب ينحدر من عائلة رياضية ( نجل عمر الجبالي احد جنود ملحمة الأرجنتين 1978 ) نهل من أبجديات كرة القدم الشيء الكثير فكان ولا يزال أسدا مهابا في عرين الصفصاف . ولعل منطق الأرقام يؤكد الدور المؤثر الذي يلعبه الجبالي في الارتقاء بفريقه نحومراتب الريادة حيث حافظ على عذارة شباكه طيلة 270 دقيقة ( 3 مباريات متتالية ) لتزداد ثقته بنفسه من مباراة إلى أخرى وليس أدل من مواجهة الترجي التي دافع فيها حارس القناوية عن مرماه بضراوة حتى يتأكد أحباء الصفصاف بان الأخير يعد كسبا لا يقدر بثمن لفريقه في انتظار أن يلتفت إليه صناع القرار الفني للمنتخب الوطني قصد منحه فرصة تعزيز صفوف « النسور» في المسابقات القارية بدءا من نهائيات كاس أمم إفريقيا 2013 عملا بمبدأ المساواة بينه وبين غيره من المتألقين . و يعد لاعب الارتكاز الدفاعي أبوبكر طامبادو من نقاط قوة نادي الضاحية الشمالية منذ التحاقه بالقناوية حيث عرف عن الأخير منذ أن كان ينشط بالملعب التونسي بلعبه الرجولي وحماسه المفرط للدفاع عن راية فريقه دون حسابات لتتواصل نفس المعادلة بألوان مستقبل المرسى الذي أكسب « العملاق» المالي خط وسطه صلابة لا يستهان بها بفضل يقظته الدائمة وحركيته الدؤوبة لدرء أي خطر يحدق بمرمى القناوية وتعتبر مباراة الترجي الأخيرة مرآة عاكسة لتألق طامبادو المتواصل في صفوف ناديه . خطة صانع الألعاب .. « الحلقة المفقودة» لفت انتباهنا في مباريات مستقبل المرسى في الموسم الرياضي الجاري عجز الفريق عن صنع اللعب أمام منافسيه مما اجبر إطاره الفني على انتهاج خطة الهجومات المعاكسة أوالاعتماد على مفتاح اللعب المباشر في محور دفاع الخصم حتى يدرك مبتغاه . استراتيجية لعب بدت مكشوفة للعيان وهوما جعل الفريق يفرط في نقاط ثمينة طيلة مرحلة ذهاب البطولة خصوصا أمام منافسيه المباشرين ( النادي البنزرتي وشبيبة القيروان ) . ولئن بدا خطا الدفاع والهجوم متكاملي الصفوف نسبيا فان محور وسط الميدان لا سيما مركز صانع الألعاب مثل الحلقة المفقودة في صلب الفريق هذا الموسم ولعل عزلة نبيل الميساوي في الخط الأمامي في أكثر من مواجهة من مرحلة ذهاب البطولة وعدم قدرة ضو, الهميزي والمنصوري على الاضطلاع بهذه المهمة الجسيمة يعد دليلا قاطعا على حاجة القناوية الماسة لتعزيز مطلوب أكثر من أي وقت مضى في هذا المركز بالذات في الميركاتوالشتوي حتى يتمكن الفريق من اللعب على حقيقة إمكانيات أبنائه في مرحلة إياب البطولة الوطنية على درب اقتلاع بطاقة الترشح لمرحلة « البلاي اوف» .