اشرف عشية امس «راشد الغنوشي» رئيس حركة «النهضة» على اجتماع شعبي بمنطقة رواد التابعة لولاية «أريانة» حضره عدد غفير من أنصار الحركة وبعض قادتها, احتفاء بمرور عامين على اندلاع ثورة الحرية والكرامة. وألقى الشيخ كلمة اكد خلالها على ضرورة الاحتكام الى الحوار والتعقل والابتعاد عن العنف والفوضى ونبذ عقلية الانتقام والتنكيل التي صبغت الساحة السياسية زمن بن علي , كما بشر الانصار بولادة دستور اسلامي ديمقراطي جديد يوحد التونسيين, نافيا فكرة صوملة تونس, مبديا رغبته في تحرير رجال الاعمال المغضوب عليهم شريطة الاستثمار في المناطق الفقيرة... وفي حدود الساعة الرابعة مساء حل ركب زعيم حركة «النهضة» مرفوقا بعدد من اعضائها وبعض رجال الحماية بمنطقة «رواد», لحث الاهالي على تجديد العهد مع الحركة التي تعمل على بناء تونسالجديدة والانتباه الى القوى التي تتربص بالثورة حسب تعبيره. مطالب شعبية أمام الشيخ ومن جانبهم طالب اهالي رواد «الغنوشي» بإيلاء منطقتهم العناية اللازمة بعد ان عانت من التهميش والعقاب زمن «بن علي», مؤكدين ان ميزانية 2012 لم تنصف هذه المنطقة التي وضعت ثقتها الكاملة في حركة «النهضة» حسب تعبيرهم, آملين ان تكون ميزانية 2013 افضل من سابقاتها وتعيد لهم الاعتبار... وتساءلوا: «هل ستمطر سماؤنا في 2013 ويزهر زرعنا ويتحول خريفنا الى ربيع ؟». ثورة على الفساد والوثنية وشكر الغنوشي خلال كلمته «الله» الذي من على تونس بنعمة عظيمة تتمثل في ثورة عصفت برموز الفساد واسقطت دكتاتورا جثم على صدور التونسيين سنوات, قائلا: «هي ثورة على الفساد والوثنية... اعتق الله رقابنا من حكم الجبارين والفاسدين». وأبرز الغنوشي ان شباب تونس كان وقود الثورة ومحركها الاساسي قائلا: «هي ثورة الشعب التونسي وليست ثورة زعيم او حزب بعينه». وشبه الغنوشي الثورة التونسية بالعملية الجراحية العميقة التي ألقت ببن علي ونظامه في مزبلة التاريخ, مضيفا ان الثورة هي مفخرة لتونس وابنائها وملهمة للثورات الاخرى قائلا: «اصبح العالم يقول يارب تونسنا». إنقاص دور الاسلاميين وكشف الغنوشي ان بعض الاطراف تسعى الى تقزيم وانقاص الدور الذي لعبه الاسلاميون خلال الثورة, مضيفا: «كل من انقص من قيمة الإسلاميين لا يدرك الحقيقة», ودعا الحاضرين الى التصدي للاخطار المحدقة بثورتنا التي وصفها بثورة المظلومين الذين انتهكت كرامتهم, قائلا: «هناك متآمرون يذيقون ذرعا بالثورة ويخشون الحرية...». قطع الطرقات والحرق خطر على الثورة وأبرز الغنوشي ان الثورة اثمرت قيمة «الحرية» ووهبتها الى الشعب التونسي, وناشد الحاضرين الحفاظ على هذه القيمة والتمتع بها في اطار المسؤولية والابتعاد عن كل الممارسات الفوضوية كقطع الطرقات وحرق المراكز الامنية والبلديات... التي تعود بالاثر السلبي على اقتصادنا باعتبارها تنفر المستثمر, في اشارة الى ما حدث في بعض المناطق على غرار «بن قردان», واستطرد قائلا: «الواحد يطمز عينو بيدو... قطع الطرقات والحرق والتخريب خطر على الثورة... يجب علينا وقوى المعارضة دعم اهداف الثورة». "لا نريد صوملة تونس وأوضح الغنوشي ان حركة «النهضة» تسعى الى النهوض بتونس والوصول بها الى بر الامان وتجنيبها المنزلقات الخطيرة التي اصابت بعض البلدان, والعمل على تحقيق الاهداف التي اندلعت من اجلها الثورة مضيفا: «نحن لا نريد ان تتصومل تونس... لا نريد ان تنتقل الثورة الى فوضى واستبداد...». وتوقع رئيس الحركة ان تتحول تونس الى اغنى بلد في العالم نظرا لموقعها الاستراتيجي المهم مضيفا ان هذا الهدف ليس بالمستحيل شرط توفر التوافق الوطني, وشبه الغنوشي المرحلة الانتقالية بالسفينة التي تقل جميع التونسيين اذا غرقت سيهلك كل من فيها. جراحنا لم تندمل بعد وبيّن الغنوشي ان الجراح التي سببها النظام السابق لقادة الحركة لم تندمل بعد ولا زالت تنزف (جراحنا ما براتش) الا ان المصلحة الوطنية تقتضي الاحتكام الى التعقل وترك مسألة محاسبة الجلادين الى المحاكم قائلا: «نحن نعرف عناوين من عذبنا لكننا لن نأخذ حقوقنا بايدينا سنترك ذلك للعدالة الانتقالية...». كما حث الغنوشي الحاضرين على ضرورة تعليم ابنائهم الحرف (الصنعة) كالنجارة والحدادة وعدم الاقتصار على التعليم العالي, نظرا لارتفاع نسبة البطالة في صفوف اصحاب الشهائد العليا الذين لا يتقنون بعض المهن على غرار جني الزيتون مما استوجب توريد يد عاملة من دولة «ساحل العاج» على حد قوله, مضيفا: «الاسلام يكره البطالة, واليوم نجد ما بين كل قهوة وقهوة, قهوة...». "النهضة" من جديد وتوقع راشد الغنوشي فوز حركة «النهضة» في الانتخابات القادمة «نتوقع ان تكون «النهضة» هي الفائز في الانتخابات» نظرا لما تتمتع به من شعبية كبيرة في المجتمع التونسي. تزويج الشباب من أهداف الثورة وأبدى رئيس «النهضة» انزعاجه من تفشي ظاهرة العنوسة والعزوف عن الزواج في المجتمع التونسي, قائلا: «بلادنا تمر ببعض الأخطار لان نصف شبابها لم يتزوج بسبب البطالة, والحرام اصبح مباحا وسهلا لكن عاقبته وخيمة (يقصد العلاقات خارج اطار الزواج)». وتعهد الغنوشي بمساعدة الشباب المقبلين على الزواج «تزويج الشباب والشابات من اهداف الثورة» وهي كلمات تفاعل معها الحاضرون بالتصفيق الحار... إطلاق سراح رجال الاعمال وأكد زعيم حركة «النهضة» ان سنة 2013 ستكون الانطلاقة الفعلية لمشروع العدالة الانتقالية لمحاسبة كل من اجرم في حق الشعب التونسي عن طريق المحاكم بعيدا عن التشفي والانتقام, مبديا رغبته في اطلاق سراح رجال الأعمال شريطة بعث مشاريع استثمارية في المناطق الشعبية والاحياء الفقيرة لتحريك عجلة الاقتصاد قائلا: «اين رجال الاعمال ؟, انا مع تسريحهم وتشجيعهم للاستثمار في المناطق الفقيرة». كما اوضح الغنوشي ان سنة 2013 ستكون حبلى بالانجازات وستشهد ولادة اول دستور اسلامي ديمقراطي, وستتوج باجراء انتخابات شفافة ونزيهة على حد قوله. السلفيون والامن وأبرز الغنوشي ان ما حصل في دوار هيشر وبنقردان وبعض المناطق الاخرى التي شهدت اعمال عنف وتخريب لا يسعد حركة «النهضة», داعيا الى الابتعاد عن الفوضى والاقتصار على الحوار والحجة, كما توجه الى من وصفهم بالشباب المتدين (السلفيون) مطالبا اياهم بالجلوس الى طاولة الحوار قائلا: «ندعو الشباب المتدين الى الحوار وان يكون سلاحهم الحجة لا العنف لأن دم المسلم على المسلم حرام... ندعو رجال الامن ايضا الى بذل وسعهم للحوار...».