نظم الاتحاد الجهوي للشغل بسوسة يوم السبت المنقضي تظاهرة لإحياء ذكرى «الخميس الأسود» التي شهدت تاريخ أول وآخر إضراب عام عاشته تونس إلى حد اليوم والذي ساهمت فيه ولاية سوسة بقسط كبير من حيث الضحايا والأحداث. التظاهرة التي أحتضنها مقر المنظمة الشغيلة بسوسة أشرف عليها كل من سمير الشفّي وسامي الطاهري الأمنيين العامين المساعدين للاتحاد العام التونسي للشغل وبحضور أعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد الجهوي بسوسة وعدد غير قليل من ضحايا أحداث 26 جانفي 1978 محفوفين بأنصار وممثلي أحزاب وممثلي منظمات المجتمع المدني والسياسي. وقد كانت التظاهرة مناسبة وقع خلالها استعراض ما بقي في ذاكرة النقابيين من جزئيات حفت بهذه الذكرى التي امتزج فيها الألم بالاعتزاز والفخر بالحسرة. وبين سامي الطاهري أن ذكرى 26 جانفي 1978 تظل وإلى غاية اليوم نقطة مضيئة في التاريخ النضالي للمنظمة النقابية والتي التحمت خلالها إرادة النقابيين بإرادة الشعب من أجل الدفاع عن «خبزة» وكرامة المواطن ضد الانتهاكات وضد تصلف الحكومة وتجاهلها للمطالب المشروعة للطبقات الكادحة من أجل التصدي لغلاء المعيشة ولتدهور القدرة الشرائية للمواطن. من جانبه أكد سمير الشفي أن «شهداء الاتحاد هم أنبل بني البشر وهم في نظرنا الشموع التي انارت ببطولاتهم وتضحياتهم عزة ومناعة هذا الوطن» قبل ان يضيف أن «من علامات الساعة ان من سقط علينا بعد الثورة اضحى هو محركها والفاعل فيها والناطق باسم شهداء تونس الابرار» مؤكدا ان «الاتحاد كان ومازال في طليعة القوى التي تقدم التضحيات انتصارا لحق شعبنا في مقاومة الاستغلال والاستبداد» قبل ان يختم بالقول: «نقول لمن اتوا بالامس وجرابهم خالية من التاريخ والنضال عودوا الى رشدكم واقرؤوا التاريخ جيدا فتاريخ الاتحاد هو تاريخ شعب، تاريخ امة، تاريخ وطن...» من جانب آخر قدم عدد من المشاركين في احداث «الخميس الأسود» من نقابيي سوسة شهادات حية عن فصول التعذيب التي تعرضوا لها على يد فصائل عدة من قوات الحكومة والأطراف الموالية لها وبالخصوص «المليشيات الحزبية» كما سماها النقابيون ومازالت أسماء بعينها من أبطال فصول التعذيب تتردد بشدة ووضوح على شفاه وفي مخيلة الضحايا الذين طالبوا بدورهم بإنصافهم ورد الاعتبار لهم ولو معنويا بعد أن ظل الحديث عن هذه الأحداث وذكر أسماء الضحايا فيها من قبيل المحرّمات سيما وأن النقابيين لم يتمكنوا من إحياء هذه الذكرى لأول مرة إلا سنة 2008 أي بعد مرور عشرين سنة على حدوثها. كما ذكر سامي الطاهري أن كل الأرشيف المتعلق بتاريخ 26 جانفي 1978 تعرّض للإتلاف وحث النقابيين ممن شاركوا في الأحداث على المساعدة في تجميعه لتتكون نواة تحفظ الذاكرة النقابية في هذا التاريخ المفصلي والرئيسي من تاريخ الإتحاد العام التونسي للشغل. هذا وقد سجل حضور عبد المجيد الصحراوي الوجه النقابي المعروف والقيادي السابق في الإتحاد العام التونسي للشغل والذي قدم بدوره لمحة عن أحداث 26 جانفي 1978 بوصفه شاهدا عليها واستحضرت الذاكرة النقابية بالخصوص روح الفقيد المناضل حسين الكوكي الذي توفي خلال شهر فيفري 1978 جراء ما تعرض له من تعذيب في سجن الإيقاف بسوسة والذي بقيت ذكراه حية في مخيلة زملائه النقابيين والذين يذكرون فصول تدهور حالته الصحية قبل مماته بأدق التفاصيل.