كانوا تحت الصدمة ولم يصدق بعد العديد منهم أن زميل المهنة والدراسة ورفيق الساحة السياسية قد فارقهم إلى الأبد برصاصات غادرة استهدفته لا لشيء إلا لأنه يخالف خصومه الرأي. أجواء الحزن والحداد خيمت يوم أمس على قصر العدالة وعلى شارع باب بنات بالعاصمة، سواد زي المحاماة تحول إلى عنوان حداد على اغتيال شكرى بلعيد، وقد عبّر المحامون المجتمعون في بهو قصر العدالة عن غضبهم واستيائهم لما تعرض له زميلهم الأستاذ بلعيد معتبرين أن استهدافه استهداف للقطاع بأكمله ورسالة واضحة من المغتالين بأن مرحلة التصفيات الجسدية قد بدأت ، وقد قاطع يوم أمس جل المحامين الجلسات نظرا لصعوبة الحالة النفسية التي كان جلهم عليها. المحامون الذين انطلقوا في مسيرة غاضبة وباكية من شارع باب بنات إلى وزارة الداخلية رافعين شعارات «يا بلعيد يا بلعيد على دربك لن نحيد» و«استقالة استقالة يا حكومة العمالة» أّكّدوا أن اليد الجبانة التي اغتالت شكري بلعيد لن تخيفهم ولن تثني القطاع الذي كان له شأن كبير في الإطاحة بنظام بن علي عن مواصلة المسيرة من أجل الديمقراطية والحرية، وقد توقفت المسيرة أمام وزارة العدل مطالبة باستقالة البحيري وبرحيل الحكومة. غابت الانتماءات وحضرت المهنة ورغم تعدد المشارب السياسية للمحامين فإنّ جميع الفرقاء تجمّعوا يوم أمس تحت راية المهنة مؤكدين أن هياكلهم المهنية مدعوة الآن وأكثر من أي وقت مضى على الدفاع عن المحامين وعلى صوت الحق الصادح الذي كانت له صولات منذ اندلاع الشرارة الأولى للثورة في ديسمبر 2010. وقد توافد على بهو المحكمة العديد من المحامين الممثلين لأغلب التيارات السياسية من يسار وقوميين واسلاميين. بلعيد حامل هموم الشعب وقد أكد الأستاذ محمد الهادي العبيدي الذي أطّر تحرك المحامين يوم أمس بعيون دامعة وبحزن بالغ في كلمة ألقاها وسط جموع المحامين في بهو المحكمة أن شكري بلعيد عاش طوال حياته حاملا لهموم هذا الشعب ومدافعا عن الحرية وكرامة المواطن الفقير وحقه في الشغل والحياة الكريمة. الأستاذ العبيدي قال كذلك أن شكري بلعيد الذي عاش وتربي في حي شعبي بجبل الجلود كان مناضلا ومدافعا عن مبادئ الحرية والديمقراطية في الجامعة وواصل نضاله متحديا بوليس بن علي ، وكان يحلم بأن تحقق الثورة آمال الشعب في الديمقراطية والكرامة الوطنية قبل أن تغيبه يد غادرة لأنه خالفها الرأي. 3 أيام إضراب في صفوف القضاة والمحامين من جانبه عبّر الأستاذ شوقي الطبيب عميد الهيئة الوطنية للمحامين ل«التونسية» عن استيائه من اغتيال شكري بلعيد والوصول إلى هذه المرحلة من العنف السياسي مشيرا إلى أن المحاماة اليوم تعيش حالة حداد. كما اعتبرت الهيئة الوطنية للمحامين ونقابة القضاة التونسيين في بيانها الصادر يوم أمس أن اغتيال الشهيد المرحوم شكري بلعيد هو اغتيال سياسي واجرامي بامتياز، مؤكدين أن القصد من هذا العمل الخسيس هو إدخال البلاد في حالة فوضى وإرباك لتعطيل المسار الثوري وإفشال الانتقال الديمقراطي. وقد حملت هيئة المحامين وجمعية القضاة الجهات السياسية والقضائية والأمنية المختصة مسؤوليتها كاملة في الوصول إلى من حرّض على الجريمة ونفذها، مهيبتين بمختلف القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني العمل على توحيد الجهود ورصّ الصفوف ووضع مصلحة تونس فوق كل اعتبار. هيئة المحامين وجمعية القضاة طالبا كذلك في بيانهما المشترك الجهات السياسية من حكومة ومعارضة بتحمل مسؤولياتها كاملة والعمل الفوري على إخراج البلاد من دوامة العنف السياسي وذلك بفتح حوار وطني جاد وبناء معلنين دخول الأسرة القضائية من قضاة ومحامين في إضراب عام لمدة ثلاثة أيام بداية من يوم أمس بمختلف المحاكم في كامل تراب الجمهورية، وقد اعلنت نقابة أعوان العدلية انضمامها لهذا الإضراب.