كشف البشير سليمان مهندس متقاعد في التجهيز الريفي والتنمية الفلاحية عن بعض التحفظات بخصوص مشروع تحلية مياه البحر بالزارات في ولاية قابس والذي يعد من ابرز وأضخم المشاريع في بلادنا ،معتبرا ان الغموض الحالي وشح المعلومات حول هذا المشروع من شأنها ان تفتح الباب أمام الفساد وإهدار المال العام ،وإقترح «سليمان» في المقابل بعض الحلول لإنجاح هذا المشروع والضغط على التكاليف وسدّ المنافذ أمام «المتمعشين» وهواة الفساد. وتجدر الإشارة إلى ان المشروع يتعلق بتركيز محطة تحلية مياه البحر بطاقة إنتاج تقدر ب50 ألف م3 في اليوم وذلك لتدعيم الموارد المائية غير التقليدية وتأمين تزويد الجنوب الشرقي بمياه الشرب وتحديدا بقابس ومدنين وتطاوين. وقد انطلقت دراسة المشروع منذ سبتمبر 2012 وستدوم سنة وتبلغ تكاليفها 1٫21 مليار وسيتم خلالها تحديد موقع المحطة ونقطة جلب المياه من البحر وكلفة المشروع والمنتفعين به. «التونسية» سألته عن رأيه وأبرز المقترحات التي لديه بخصوص هذا المشروع. علمنا انه لديك بعض التحفظات حول مشروع تحلية مياه البحر بالزارات بقابس، لماذا ؟ رغم ما يكتسيه هذا المشروع من أهمية بالغة من حيث الموقع الجغرافي وما سيوفره من موارد مائية فإنه يظل بجانبيه التقني والاقتصادي محل عديد التحفظات الجادة والهامة وهي تحتم علينا جميعا وخاصة أهل الذكر توخي أصول «الحوكمة» في معالجة هذا الملف لحسن إدارة الشأن العام وصون مصلحة البلاد، ولذلك يجب تسليط الاضواء على بعض النقاط حول هذا المشروع وبالأخص معرفة الجهة التي ستعنى بهذا المشروع. فالمعروف ان ملف تحلية المياه موكول من حيث المتابعة إلى الشركة الوطنية لتوزيع واستغلال المياه والتي من واجبها ان تحدد طاقة إنتاج المحطة وكذلك التقنيات المعتمدة ومبررات تفضيلها على غيرها من التقنيات علما وأن تحلية م3 من ماء البحر يبلغ 5 دنانير بطريقة «التناضج العكسي» الأكثر رواجا وهي من أشد أسباب تبعية دول الجنوب إلى الغرب. وفي توضيح هذه النقاط سنتجنب عديد الثغرات وبالأخص عند وضع كراس الشروط. وتتعلق أبرز المخاوف المسجلة بهذا الخصوص في ضبط مواصفات قد يحددها المزوّد مسبقا. وبالتالي يتعين على السلط المعنية إحاطة هذا المشروع بكل أسباب السلامة في كنف «الحوكمة» وحذق التسيير وعليها بعث لجنة وطنية تشمل أهل الإختصاص إلى جانب الجهات الإدارية المعنية وبالأخص عند إعداد كراس الشروط، ولا حاجة للتذكير بالتجارب الماضية وهو ما يحتم علينا الإتعاض و التوقي. وكيف نتجنب حصول بعض التجاوزات ؟ أولا تقليص طاقة إنتاج المحطة إلى النصف أي 25 ألف م3 عوضا عن الضعف،والإستعانة بحلّ يتمثل في جلب مياه الحوض القار الجوفي المشترك مع الجارتين ليبيا والجزائر في ضواحي برج الخضراء ونصيبنا فيه يكفي لمدّ شريط أخضر متقطع محاذ للخط الحديدي المنحدر نحو الشمال ب 0٫3 م في الكم، وعن طريق استغلال عدد محدود من الآبار العميقة بنحو 600 م يمكن سحب مياه عذبة ملوحتها لا تتعدى الغرام بتدفق نحو نصف م3 في الثانية طيلة ال20 ساعة . هذا إلى جانب القيام بعملية دمج أو خلط المياه المالحة مع تلك المحلاة والتي يتم جلبها من الخزان القار بنسب تسمح بالحصول على كميات هامة من الماء منخفض الملوحة وبذلك نكون قلصنا كلفة المحطة ورفعنا حجم المياه الصالحة للإستعمال وبالأخص مياه الشرب. وماذا عن الكلفة النهائية للمشروع؟ تبلغ كلفة محطة تنتج 500 م3 في اليوم نحو 500 ألف دينار وبالتالي من السهل معرفة كلفة محطة ب50 ألف م3 مع العلم انه يجب تغيير الأغشية شبه النفاذة وهي القطع الأساسية في تشغيل المحطة وكلفتها في ال4 سنوات يعادل 25 بالمائة من كلفة شراء المحطة، ورغم ان تونس بكوادرها المتواجدة وإطاراتها وإمكانياتها التقنية بإمكانها الدخول في مجال صنع المحطات متوسطة الإنتاج فإنه وللأسف غياب الإرادة يحول دون ذلك .