نصر الدين بن سعيدة تراقب إيران بأعين منتبهة ثورات ما سمي بالربيع العربي وتحرص على حسن التعاطي مع أمواج الصحوة الاسلامية في بعضها بنوايا معلنة كجعل ثورتها التي أطاحت بدولة الفساد في عهد الشاه مثالا ونموذجا وأخرى تنضوي تحت منظومة أو استراتيجية واسعة الافاق والأبعاد... شملتنا مثل عدد اخر من الصحف التونسية دعوة لطيفة من سفارة الجمهورية الاسلامية الايرانية بتونس لحضور احتفالات الشعب الايراني بالذكرى 34 لقيام الثورة الاسلامية الايرانية. التواصل بين «حكومة طهران»وتونس أزهر مع وصول الاسلاميين إلى السلطة في تونس وبدأت مشاريع التعاون والشراكة تطرح بين الجانبين في أكثر من مجال.... زيارة بلاد فارس أمنية تطلب وقد لا تدرك، فدولة إيران هي سليلة عائلة عريقة في المجد والنسب والحضارات التي تعاقبت عليها شغلت بال المؤرخين وأفاضت قرائح المبدعين... لكن الوصول إلى إيران يتطلب تأشيرة وسفرة طويلة وبرامج التنشيط السياحي لا ترى النور ! حجم المشاركة الشعبية التي شهدتها ساحة «أزادي» احتفالا بالذكرى 34 لاندلاع الثورة الاسلامية كان عظيما بكل المقاييس ملايين من البشر «تلاطموا» في نخوة واعتزاز بالحدث فهناك جيل جديد من الايرانيين ولدوا مع الثورة وبعدها ولم يتنفسوا غير هواء آية الله وحرّاس الثورة.... رسالة لا تخفي مغازيها... الشعب الايراني يبعث ببريد إلى كبار قادة العالم مفاده «لن ننحي وسنواصل»...! مفاده أيضا أن إيران بعد 34 سنة من الثورة ودعت الهوان واحتضنت العزة ونجحت في إرساء قوة إقتصادية يكتب لها ألف حساب فهي واحدة من بين ال10 بلدان في العالم التي تمتلك صناعة متطورة للصواريخ وهي تحتل المرتية ال19 من بين الدول التي تمتلك صناعة نووية كما أنها تحتل المرتية 13 عالميا في مجالات الانتاج العلمي وهي أيضا من بين الدول القلائل التي وفقت في إرسال سفن فضائية... فرحة الايرانيين بعيد الثورة هي صرخة تحد وغضب من الحصار الذي تفرضه الامبريالية العالمية عليهم بدعوى السعي لامتلاك صناعة نووية لغايات غير سلمية... التوتر الذي يسود العلاقات الايرانية الامريكية يعود إلى تاريخ بعيد وتحديدا إلى سنة 1979 حين قبلت الولاياتالمتحدة قبول شاه إيران للتداوي فيها من مرض السرطان بعد لجوئه إلى المكسيك حركة أغضبت أية الله الخميني الذي دعا إلى التظاهر ضد أمريكا ممّا أدى إلى قيام طلبة باقتحام سفارة الولاياتالمتحدةبإيران واحتجاز رهائن لمدة 444 يوما... ومرده أيضا اتهام أمريكا لإيران بأنها المسؤولة الأولى عن نشأة التنظيمات الجهادية وتمويل حزب الله وتنظيم القاعدة وبأنّها الشوكة الباقية في حلق إسرائيل وداعمة مركزية لنضالات الشعب الفلسطيني وخطر غير محسوب العواقب يحدق بالطيّبين من أمراء وملوك دول الخليج العربي!... هذه المعطيات التاريخية والموضوعية كانت بحوزتنا منذ قبولنا الدعوة وكانت وراء الرغبة في التعرف عن قرب عن عمق الظاهرة الإيرانية خصوصا وأننا كنا نعتقد أن الكثير ممّا يصلنا من أخبار حول إيران يخلو من البراءة... كما أن موقف إيران ووقفتها إلى جانب سوريا الشقيقة في المؤامرة التي تتعرض لها رفع من أسهمها لدى بورصة «رجال العرب»... نزلت بنا طائرة الخطوط التركية في مطار إسطنبول كمحطة أولى قبل التحول إلى طهران حيث حطت بنا الطائرة ووجدنا الاخوة الايرانيين في استقبالنا. يتبع