أعلنت، أمس، سهام بوعزّة رئيسة الجمعية التونسية لقانون التنمية في ندوة دولية عقدت تحت عنوان «المناصرة لكشف الحقيقة: الآليات والإنتظارات حسب التجارب الدولية» عن الانطلاق في إنجاز مشروع حول العدالة الإنتقالية يهدف إلى التوعية والتثقيف والتأطير والإلمام بمبادئ العدالة الإنتقالية ومفاهيمها. وقالت سهام بوعزّة إنّ هذا المشروع المتعلّق بالعدالة الإنتقاليّة سيقع تنفيذه في كلّ من ولايات نابل وقفصة وجندوبة لأنّها الأكثر تعرضا للانتهاكات في عهد الرئيس المخلوع وأنّه سيمرّ بثلاث مراحل على غرار الإستفادة من توصيات يقدّمها خبراء دوليون عبر ندوات دولية وورشات وإنجاز مسح ميداني بالولايات المذكورة لرصد مدى وعي الناس بمراحل العدالة الإنتقالية وطموحاتهم ومدى استعدادهم للمشاركة في المسار وانتظاراتهم من المجتمع المدني الوطني والدولي بالاستماع للضحايا وممارسي الانتهاك من المسؤولين وكذلك إنجاز دراسة على ضوء نتائج المسح لتتوّج بفيلم وثائقي. البرتغال والمغرب على الخطّ من جهته قال داسيلفو أديلانو المستشار السياسي لسفير البرتغال إنّ المشاركة في هذا المشروع عبر الورشات هدفها تقديم المساعدة لتحقيق مسار العدالة الإنتقالية عبر تقديم الخدمات والخبرات المكتسبة من التجربة البرتغالية في السبعينات وعبر وجهات النظر المختلفة التي من شأنها تقديم المساعدة لتخطّي المرحلة الشيء الذي أكّده المغربي إدريس بن حامد حيث أشار إلى انّ العدالة الإنتقالية حسب تعريف الأمم المتّحدة هي مجموعة الأساليب والآليات التي يستخدمها مجتمع ما لتحقيق العدالة الانتقالية مقدّما في مداخلته بعض النتائج لتجارب دولية على غرار إسبانيا واليونان لمعرفة التحدّيات التي لا بدّ من مواجهتها مضيفا أنّه للعدالة الإنتقالية معايير أساسيّة لا بدّ من توفّرها كالمرور بلجنة الحقيقة لدراسة الأحداث وكشف الحقيقة ولجان المصارحة والمكاشفة للتأسيس للمصالحة ومبدأ المسائلة للمحاكمة وجبر الضرر لإنصاف الضحايا وإقرار التعويض مؤكّدا انّ المحاكمات وحدها دون الإستفادة لا تحلّ مشاكل الماضي. المشاركة للجميع قال عبد الباسط بن حسن رئيس المعهد العربي لحقوق الإنسان في حديثه عن دور المواطن في إنجاز العدالة الانتقالية إنّ مسار العدالة يستوجب مسارا تشاركيّا بمشاركة أطراف عديدة كمكوّنات المجتمع المدني والضحايا وعائلاتهم لبناء المعرفة وتحقيق العدالة الانتقالية المنشودة. و أضاف بن حسن أنّ ثورة تونس في بدايتها بدأت تؤسّس لذلك عبر فتحها امكانيات المشاركة في صنع القرار من خلال الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة التي أعدّت مجموعة من المراسيم بمشاركة عديد الأطراف ساهمت في تغيير فكرة القانون وكذلك من خلال استقبال اللاجئين الذي شاركت فيها العائلات. و أكّد بن حسن انّ الوقت الراهن ينبئ بعدم جاهزية الشروع في العدالة الإنتقالية من خلال الإحساس بوجود أجواء مأساوية عند العائلات والضحايا والإحساس بوجود فساد مضيفا أنّ التأخير في مسار العدالة الإنتقالية أربك المفاهيم بتغييرها ومحاولة استبدالها كتغيير المساواة بالتكامل وخلق مفاهيم جديدة كتحصين الثورة. الأرشيف لكشف الحقيقة أكّد الهادي جلاب مدير الأرشيف الوطني أنّه من الضروري إصدار تشريعات قانونية جديدة محدودة الزّمن لفتح الأرشيف والاستفادة منه في إطار العدالة الانتقالية مشيرا إلى انّ القوانين الموجودة حاليّا لا تسمح بفتح الوثائق السياسيّة كالموجودة بوزارتي العدل والداخليّة مؤكّدا أنّ ماتم إتلافه من وثائق بعد الثورة يخصّ هياكل غير مركزية موضّحا أنّ الأرشيف يمكن أن يساعد في كشف الحقائق وتحديد المسؤوليات والانتهاكات والتجاوزات وإقامة العدالة الانتقالية. و أضاف جلاب أنّ الإستناد إلى الأرشيف العمومي وحده غير كاف بل لا بدّ من التوجّه إلى الأرشيف الموجود في المنظّمات والجمعيات والنقابات والشبكات المناضلة في الأرشيف الخاص والشهادات الشفوية والانترنيت للكشف عن الحقيقةّ وتقفّي أثر الوثائق التي وقع إتلافها في مكان آخر على غرار تجربة جنوب إفريقيا. و أكّد جلاب على ضرورة مزيد إحكام التصرّف في الوثائق العامّة من حيث مسارها وتوفير الضمانات الكافية لمعرفة كلّ ما ثبّتته الإدارة بمراجعة بعض الجوانب القانونية وتشريك المختصّين .