أماطت حادثة غرق مركب «لا فكتوار» (La victoire) اللثام عن مشكلة عويصة تعاني منها الأجهزة المعنية بإنقاذ المراكب التي تتعرض إلى مخاطر في عرض البحر علما أن حادثة غرق هذا المركب ليست الأولى من نوعها بل سبقتها حوادث مماثلة راح ضحيتها العديد من البحارة ,لم تجد نداءات استغاثتهم أيادي قادرة على نجدتهم . اليوم تمر 9 أيام على غرق مركب «لافكتوار» وقد تختفي جثث البحارة في أعماق البحر ان لم يتوفق رجال الضفادع البشرية والغطاسون الى العثور عليها لسبب أو لآخر.تسع أيام مرت ونحن نكتب ونسمع عن الجهود المبذولة والسفن والخافرة التي توجهت إلى مكان غرق السفينة لكن دون نتائج تذكر . تسع أيام والقبور مفتوحة تنتظر «سكانها» لكن الجهود لم تثمر بعد. أهالي البحارة قرّروا انتشال جثث أبنائهم بطرقهم الخاصة ويقولون انه لا ثقة لهم في قدرة السلطات المختصة على القيام بالمهمة حتى أنهم قاموا بجلب 5غواصين من المهدية للمساعدة رغم توجه خافرة من البحرية التونسية إلى مكان الغرق وعلى متنها 4 من رجال الضفادع البشرية بالإضافة إلى غوّاصين من الحماية المدنية .هذا التأخير الكبير في الكشف عن ملابسات غرق السفينة وانتشال جثث الغرقى وإن كان مردّه أساسا رداءة الطقس، فإن سببا آخر يكمن وراءه أيضا ويتمثل في افتقاد الدولة لوسائل الانقاذ السريع والفعّال في حالات مماثلة. لا ثقة لنا في السلطات أكد شقيق «رايس» المركب المنكوب السيد محمد أن بحارة صفاقس هم الذين وجدوا الملابس وقارورة الغاز في عرض البحر وهم من حددوا مكان الغرق وبين أن رجال قوات البحرية والحماية المدنية الذين تدخلوا «لا يفهمون شيئا لأن خبرتهم في الإنقاذ لا تتجاوز الحدود النظرية حسب قوله مذكرا أنه لذلك السبب جلب أهالي الغرقى 5 غواصين من ولاية المهدية للبحث عن جثث أبنائهم». وفي سياق متصل أكد البشير الصغير (ربان) أن ميدان الصيد البحري ميدان مهمش لا حماية فيه وبين أن النشرات الجوية والبحرية غير محيّنة مشيرا الى أن المركب المنكوب خرج في طقس جيد وفجأة وجد نفسه داخل عاصفة .وقال انه رغم انه مؤمن بأن ما حدث قضاء وقدر فإنه يتحسّر على عدم وجود فرقة تدخل سريعة للإنقاذ وأنه لو وجدت لكان بإمكانها إنقاذ البحارة ولو بعد ساعات فقط من غرق المركب ذلك أنهم من الشباب وبإمكانهم الصمود في انتظار النجدة .وبين ربان الصيد أن هناك بحارة مفقودين منذ سنوات ولا زالت عائلاتهم تنتظر رفاتهم وتمكينها من جرايات أوتعويض . «الرايس» عزالدين الصغير أكد كلام زميله البشير مشيرا الى أن المركب الغارق كان في حالة جيدة يرجح انه اصطدم بسفينة أوانقلب وبين أن مشكلة التدخل السريع للإنقاذ معضلة يخاف منها جميع البحارة الذين هم على يقين أنهم دون حماية طوال فترة عملهم.وأضاف محدثنا أن النجدة لا تستجيب في غالب الأحيان لنداءات الاستغاثة.وأن البحارة يضطرّون إلى نجدة بعضهم البعض .وأنه حتى إن استجابت النجدة فلا حول لها ولا قوة إذ تعاني هي الأخرى من نقص في المعدات وزادها البشري «ناقص ياسر» على حد قول محدثنا من حيث الخبرة ونجاعة التدخل. «لولا الاحتجاجات لما تحرك احد» أكد نور الدين بن عياد عضوالمكتب التنفيذي المكلف بالصيد البحري في الإتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري أن هناك بحارة مفقودين منذ 5 سنوات ولم يبذل أي مجهود لانتشالهم من أعماق البحر على غرار بحارة مركب «الوسلاتية» الذي غرق سنة 2006 وطالب حينها أهالي الهالكين الإستنجاد بطاقم إنقاذ أجنبي لكن السلطات لم تتحمس للفكرة لأن كلفة البحث كبيرة . وبعد الثورة طالب الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري السلطات المعنية ببعث 15 جهاز تدخل سريع يغطي 30 ميناء على طول السواحل التونسية تكون لديها الأجهزة اللازمة للتدخل عند اللزوم لكن «لا حياة لمن تنادي فحياة البحار لا تساوي هذا الطلب» على حد قول محدثنا الذي أكد أن البحار يفتقد إلى الدعم المعنوي وفي كل رحلة بحرية يودع عائلته خوفا من اللاعودة . وعلى غرار ما أكده البحارة الذين تحدثنا إليهم أكد نور الدين بن عياد أن السلطات المختصة التي ذهبت لانتشال جثث البحارة لا تملك كفاءات تستطيع القيام بالمهمة بما أن تكوينهم محدود وكل تدخلاتهم شاطئية وقال « خلونا فضيحة»ّ. كما أكد أنه لا يوجد غواصون يستطيعون الغوص لمائة متر أوأكثر في تونس هذا بالإضافة إلى عدم توفر التجهيزات اللازمة لذلك وإن حدث واضطرت الأطراف التونسية إلى الغوص في مثل هذه الأعماق فإنها تستنجد بمركز مرسيليا للإنقاذ. وأكد محدثنا انه يحاول الإتصال بكاتب الدولة المكلف بالصيد البحري منذ يومين وفي كل مرة يجده مشغولا وبين انه لا توجد جدية في التعامل مع موضوع البحارة ولولا الاحتجاجات لما تحرك أحد للبحث عن المفقودين . تدخلاتنا لا تتجاوز عمق 20 مترا أكد ماهر بسباس ملازم أول في الحماية المدنية أن تدخلات الحماية المدنية لا يمكن أن تتجاوز عمق 20 مترا وأنه إذا جد حادث في عمق يتجاوز العمق المذكور فإن المهمة تصبح خاصة بجيش البحر .وبين أن جهة صفاقس تشهد العديد من الحوادث البحرية وأن الحماية المدنية غالبا ما تستنجد هناك بتعزيزات من الجهات المجاورة .وأكد محدثنا أن تجهيزات الحماية المدنية جديدة . وفي هذا الصدد أردنا أن نتبين موقف الجيش البحري من عمليات الإنقاذ والإمكانيات التي يسخرها للتدخل إما للإنقاذ أو للبحث عن المفقودين وراسلنا في الغرض وزارة الدفاع لتمكيننا من إجراء حوار مع احد المسؤولين لكن لم يصلنا منها رد إلى حد كتابة هذه الأسطر. ماذا سيحدث لوغرقت سفينة كبيرة؟ جرنا البطء الشديد وغياب النجاعة في التدخل لنجدة بحارة مركب «La victoire» وفي مرحلة ثانية في انتشال جثثهم إلى التساؤل : كيف ستتصرف السلطات التونسية في صورة غرق سفينة سياحية أوتجارية؟ وفي هذا الصدد أكد الهادي اللومي مدير الإتصالات والعلاقات العامة في الشركة التونسية للملاحة أن الشركة أبرمت اتفاقيات دولية مع جميع نقاط حراس الحدود التي تمر منها سفن الشركة على غرار إيطاليا وفرنسا وإسبانيا وفي صورة حدوث أي مشكلة فإن الجهة الأقرب للسفينة تتدخل . أما في ما يخص السفن التجارية فقد أكد الصحبي عزوز مدير مكتب الإعلام والعلاقات العامة بديوان البحرية التجارية والموانئ أن الحوادث واردة جدا في ما يخص السفن التجارية وبين أن الديوان يملك المعدات اللازمة للتدخل على غرار الجرارات البحرية التي تصل قوتها إلى 3200 حصان بالإضافة إلى وجود خلية أزمات متكونة من خيرة المختصين الذين يستطيعون تحديد خطط فورية للإنقاذ بعد دراسة الحالة وذكر محدثنا أن مستوى التدخلات تنطلق من الجرّ إلى إفراغ بعض أوكل محتوى السفينة المتضررة . وأضاف أن هناك حوادث يتدخل فيها الجيش لكن باستخدام تجهيزات الديوان.أما إذا جنحت سفينة سياحية أوتجارية عملاقة فإن الأمر يصبح وطنيا وتشكل في الإبان خلية وطنية للطوارئ تشارك فيها كل السلط والوزارات المعنية . وأكد محدثنا أن الديوان قام ب 3 عمليات إنقاذ بيضاء في سنوات 2005 و2009 و2010 واحدة منها كانت على متن سفينة بها ركاب.