قال أمس سمير ديلو وزير حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية في ندوة نظّمت حول عمل اللجان الاستقصائيّة في مجال معرفة الحقيقة ضمن تظاهرة الاحتفال باليوم العالمي للحق في معرفة الحقيقة إنّ مفهوم العدالة اليوم أصبح دارجا لكنّ المشكل يكمن في التحدّث عن الديمقراطية الانتقاليّة في ظلّ مرحلة ارتفع فيها سقف الحرية بوتيرة أسرع من تنظيمها ممّا جعل سهام النقد والتشكيك تطال كل عمل ممّا يحول دون الوصول إلى الحقيقة مضيفا ان «الحقيقة مسألة نسبية وهي معرضة إلى التشويه والتحريف في نقلها وتداولها ولابد من الاجتهاد والتحري للوصول إليها لطي صفحة الماضي وبناء ديمقراطية تستعصي على الانتكاس وتقطع الطريق أمام عودة الاستبداد بعقليات ومرجعيات متعددة». وأشار ديلو إلى حجم الاتهامات التي وجّهت إلى كلّ من توفيق بودربالة والمرحوم عبد الفتاح عمر وإلى لجنتيهما مؤكّدا أنّه لا يتمنى أن يكون في مكانهما مضيفا ان «ما حدث منذ الثورة إلى اليوم يؤثر على قانون العدالة الانتقالية سلبا أو إيجابا وانه لا بد ان يتم سنّه دون أية خلفية سياسية» ليؤكّد أنّ لجنة الحقيقة والكرامة سيكون لها جانب إيجابي يغطّي النقائص التي واجهتها اللجان السابقة. كما أكّد على صعوبة المرحلة موضّحا انّه للوصول إلى الحقيقة ينتظر الجميع بذل مجهود سياسي وقضائي وآخر بيداغوجي لأنّ التعامل مع بعض الأشخاص يؤدّي إلى اتهامهم بالتطبيع مع النظام السابق رغم أنّ جزءا من الحقيقة لا يملكها إلا الجلاد والفاسد في الميدان الاقتصادي وما شابه ذلك على حدّ تعبيره. سن قانون لحماية الشهود من جهته دعا توفيق بودربالة رئيس لجنة تقصي الحقائق في مداخلته حول التجاوزات المسجلة خلال الفترة الممتدة من 17 ديسمبر 2010 إلى حين زوال موجبها إلى «ضرورة سن قانون يحمي الشهود الذين قدموا شهاداتهم خلال تحقيقات هذه اللجنة» ليستعرض عمل اللجان الاستقصائية في مجال معرفة الحقيقة والصعوبات التي اعترضت عملها وخاصة التشكيك في أهليتها من قبل بعض الأطراف التي تعتبر وجودها بمثابة «سحب البساط من القضاء» والصعوبات في الحصول على بعض التقارير من وزارة الداخليّة مشيرا إلى انّ اللجنة استعانت بتحقيقات المحاكم العسكرية لختم قرار بحثها. واوضح بودربالة ان اللجنة تمكنت من الاتصال بعائلات الشهداء والضحايا بكامل ولايات الجمهورية وإعداد قائمات فيهم مدعمة بالوثائق ليتضمّن تقرير لجنته حسب قوله معطيات دقيقة حول مرحلة مفصلية في تاريخ تونس تمت صياغته بعيدا عن التجاذبات السياسية وأنه تقرير مفتوح للإثراء أو التنقيح إذا ما ظهرت معطيات جديدة مؤكّدا في الآن نفسه انّ الحكومة كانت مجبرة على تسديد القسط الثاني من منح عائلات الشهداء والجرحى وفق قائمة مليئة بالأخطاء لم تقع استشارة لجنة تقصّي الحقائق بشأنها الشيء الذي جعل اللجنة تبعث بمكتوب إلى الحكومة. «لا بدّ من تفعيل عمل هيئة الفساد والرشوة» أمّا محمد العيادي ممثل لجنة تقصي الحقائق حول الفساد والرشوة فقد قال إنّ الحقيقة اليوم أصبحت بيد الهيئة التي يرأسها سمير العنّابي والتي أفرزتها اللجنة موضّحا انّه لم يقع تفعيلها إلى حدّ اليوم لأنّ ذلك يتطلّب إرادة سياسيّة كما طالب بضرورة التنصيص على تركيز خلية إعلاميّة ترافق أعمال هيئة الحقيقة. كما أشار العيادي إلى الصعوبات التي اعترضت عمل هذه اللجنة وخاصة منها الكم الهائل من الملفات التي عهد إليها بالنظر لعدم تحديد مقاييس واضحة ودقيقة لملفات الفساد مما تسبب في ضعف وتيرة معالجة هذه الملفات مبيّنا انّ اللجنة تلقّت 11 ملفا أحالت منها 400 ملفا على القضاء مؤكّدا انّ متابعة هذه الملفات بات من مشمولات الهيئة التي لم تفعّل بعد. قريبا إرجاع أصول مجمّدة من جهة اخرى تطرّق محمّد العسكري إلى مسألة الاموال الموجودة بالخارج والعراقيل التي تواجه اللجنة الوطنية لاسترجاع الأموال المهرّبة والمكتسبة بصفة غير مشروعة مشيرا إلى مسألة الطعون في القرارات الصادرة عن الدول الأجنبيّة ليؤكّد أنّ استرجاع بعض الأصول والعقارات والأموال المجمّدة سيتم قريبا.