وجه الدكتور محمد الهاشمي الحامدي مؤسس تيار«العريضة الشعبية للحرية والعدالة والتنمية»، عبر جريدة «التونسية»، رسالة مفتوحة لأعضاء المكتب التنفيذي لحزب العريضة الشعبية. حصلت «التونسية» على نسخة منها وجاء فيها: أهنئكم على المواقف القوية المبدئية التي اتخذتموها دفاعا عن حق الشعب التونسي وأصوات الناخبين، وأشكر لكم تضامنكم القوي معي بعد أن أعلنت يوم الإثنين 18 مارس 2013 تجميد نشاطي السياسي إلى أن تصدر المحكمة الإدارية حكمها في أمر النواب المنشقين وترفع القناة الوطنية حصارها الطويل المفروض على العريضة الشعبية. ليس عندي شك، أن وقفتنا القوية ضد إهدار حقوق الناخبين، وضد «الحقرة» والإقصاء السياسي والإعلامي، بقلوب متحدة، وصفوف متماسكة متضامنة كالبنيان المرصوص، كان لها الأثر الكبير في إطلاع فئات كثيرة من الشعب التونسي الأبي على حقيقة المظلمة المسلطة علينا، وتحريك ضمائر كثير من الناس، وإقناع لجنة التشريع العام في المجلس الوطني التأسيسي بالتصويت لفائدة بند في الدستور الجديد يسقط عضوية النائب المنشق عن حزبه والخائن لعهوده مع الناخبين. هذا التصويت إنجاز أخلاقي وقانوني كبير للشعب التونسي، ولحزب العريضة الشعبية، وهو يضمن بالقانون أن أصواتنا ومقاعدنا في الإنتخابات المقبلة، وأصوات التونسيين جميعا في المستقبل، لن تتعرض لأي نوع من أنواع البيع والشراء في أسواق النخاسة السياسية. إنه بالفعل إنجاز كبير ساهم حزب العريضة الشعبية في تحقيقه، ولله الحمد والمنة. وبطبيعة الحال، لا يخفى عليكم أن في هذا التصويت إدانة أخلاقية وسياسية وتشريعية واضحة وقوية للمنشقين ومن احتضنهم وتعاون معهم. بقيت المظلمة الإعلامية. وكما تعلمون فإنه ليس بوسع أي منصف في تونس أن ينكر حقيقة الحصار الإعلامي الكبير والطويل الذي تفرضه التلفزة الوطنية بقناتيها على العريضة الشعبية، وقنوات فضائية أخرى في الداخل. مع ذلك، فإن انحياز تيار العريضة الشعبية للفقراء والمستضعفين، واختياره المبدئي القوي بأن يكون صوت الدفاع القوي الصادق عن العاطلين عن العمل، والمحرومين من بطاقة علاج، وعن سكان الأحياء والمناطق الفقيرة والمهمشة والمحرومة في كل ربوع البلاد، سيسهل بعون الله تحقيق ما تصبون إليه من نيل حقكم العادل والمشروع في الحضور والتعبير عن الرأي مع بقية الأحزاب في البرامج الحوارية بالقنوات الفضائية التونسية. رأيي أن تصويت لجنة التشريع في المجلس الوطني التأسيسي لصالح إسقاط عضوية النائب المنشق عن حزبه هو منعرج حاسم وكبير في مسيرة كفاح العريضة الشعبية من أجل احترام حقوق الناخبين وأصوات الشعب التونسي. وبناء عليه، فإنني أدعوكم لمراجعة موقفكم السابق بتجميد نشاطكم التنظيمي داخل المكتب التنفيذي، والعودة عنه، واستبداله بوسائل نضالية أخرى، سلمية وقانونية تقربكم من تحقيق الهدف الكبير الثاني وهو كسر الحصار الإعلامي المفروض من التلفزة الوطنية بوجه خاص. إن تونس بحاجة إلى العريضة الشعبية. وبخلاف أكثر الأحزاب الأخرى التي لا تختلف في برنامجها الإجتماعي عن الأنظمة السابقة في شيء، فإن برنامجنا يقطع مع الماضي، ويترجم مطلب العدالة الإجتماعية إلى واقع ملموس من خلال الصحة المجانية ومنحة البطالة والتنقل المجاني للمسنين وديوان المظالم وصندوق تنمية المناطق المحرومة وبقية بنود العريضة الشعبية. كما أن تونس بحاجة إلى ساسة ذوي مروءة وصدق وأخلاق كريمة مثلكم. ساسة يحفظون العهود ويرون العز والمجد في خدمة الفقراء والمهمشين والمحرومين بهدي الإسلام وبالجيد المناسب من حضارة العصر. وبالمناسبة، هذا هو نهج الأنبياء وكبار المصلحين على مر الزمان: كانوا جميعا حلفاء المساكين والفقراء. وأنتم، وكل نشطاء العريضة الشعبية سائرون على هذا النهج والحمد لله، فاثبتوا عليه وكونوا قدوة صالحة لبقية السياسيين. من أجل تونس، ومن أجل الفقراء والمحرومين، أدعوكم لرفع تجميد نشاطكم التنظيمي والعودة إلى النشاط داخل المكتب التنفيذي بكل قوة ونشاط وهمة عالية. ومن أجل الإسلام أدعوكم إلى تجديد نشاطكم، حتى لا يصبح ديننا الذي وحد شعبنا على مدار القرون الماضية سببا للفرقة والإنقسام بسببب التوظيف الحزبي المتنطع له من قبل بعض المتلهفين على الحكم والسلطة والنفوذ. ولا يفوتني أن أهنئكم على روح المحبة الصادقة الفياضة التي ساهمتم في بثها في صفوف أفراد عائلة العريضة الشعبية، أنتم، وأعضاء الهيئة التأسيسية للحزب، ونشطاء العريضة الشجعان في صفحات الفايسبوك، وفي جميع ولايات البلاد، وفي صفوف الجاليات التونسية المقيمة في الخارج. هذا الحب سيساهم في هزيمة سياسة بعض الأحزاب النافذة في البلاد القائمة على جمع الغنائم والتغول على هياكل الدولة، وسيساهم في جمع شمل العائلة التونسية الكبيرة، وتوحيد صفوف الشعب التونسي من بنزرت إلى تطاوين، من أجل تحقيق الأهداف الكبرى لثورة 17 ديسمبر المجيدة، وعلى رأسها الحرية والعدالة الإجتماعية والكرامة والتشغيل والتنمية. وأذكركم ختاما بقول الله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم»، ثم بشعار أهل العريضة الشعبية للحرية والعدالة والتنمية: «كن مع الله ولا تبالي».