انطلقت منذ ما يزيد عن الاسبوع عملية جني وتقطير زهرة «النارنج» بالعديد من مدن الوطن القبلى إذ تحافظ أغلب العائلات النابلية على تقليد تقطير «الزهر في حين تحافظ أخرى على امتهان التقطير كحرفة وعمل موسمي عائلي يدر على العديدين أرباحا معقولة خاصة مع ازدياد الاقبال على ماء الزهر من قبل المستهلك التونسي ببقية مناطق البلاد. تعبق مدن وارياف وقرى نابل عموما برائحة ازهار شجرة «النارنج» بيضاء اللون فواحة الرائحة، ويعد هذا الموسم مناسبة تكتسي طابعا احتفاليا تقليديا من أعرق العادات التي تمت المحافظة عليها عبر الاجيال. حيث تحرص جل العائلات على إعداد المؤونة من ماء الزهر منزليا بالاعتماد على أداة تبخير تقليدية ثم يحفظ ماء الزهر المتحصل عليه ليتم استعماله في بقية فترات السنة. ولماء الزهر في جهة نابل استعمالات متعددة كمعطر للحلويات ولبعض الاطباق وكذلك للتداوي من ضربة الشمس والآلام المعوية أو لأقنعة البشرة والتجميل. في حين يستعمل زيت «النيرولي» الناتج عن عملية التقطير في صناعة العطور. وعموما فان الموسم يوفر دخلا لقرابة 3000 أسرة تنطلق في مفتتح كل ربيع في جمع المحصول من البساتين أو من الأشجار التي غرست بحدائق المنازل أو تلك المترامية على طول الطرق. ويوفر هذا النشاط لعديد من العائلات محدودة الدخل مجالا لممارسة نشاط اقتصادي عائلي تقليدي يتمثل في تقطير الزهر بمقابل وبيعه لزوار المدينة الذين يتوافدون من مختلف جهات البلاد لشراء ما يحتاجونه من ماء الزهر. وإلى جانب عملية التقطير التقليدية في المنازل، تتولى وحدات صناعية استخراج زيت «النيرولي»، وهو خلاصة روح الزهر الذي يصدر للأسواق الخارجية ولا سيما الفرنسية بأسعار تصل إلى 5000 دولار للكيلوغرام ليستعمل في صناعة أرقى العطور العالمية.