نابل 15 مارس 2010 (وات)- بحلول الايام الاولى لفصل الربيع تزدان اشجار النارنج بنابل بازهار بيضاء اللون تعبق رائحتها فواحة لتعلن عن انطلاق موسم تقطير الزهر. " ويعد هذا الموسم، من اعرق العادات التي تسعى العائلات النابلية للمحافظة عليها من خلال اعداد العولة من ماء الزهر الذي يستعمل في صنع الحلويات والعطور وللتداوي من ضربة الشمس والالام المعوية او لاقنعة البشرة والتجميل. ويمثل "تقطير" الزهر موعدا لتلاقي الاجوار حيث تجتمع النسوة حول القطار العربي الذي يصنع من النحاس يساعد بعضهن البعض لاعداد العولة وتجميع ماء الزهر في قوارير خاصة تعرف ب/الفاشكة/. كمايعد الموسم مصدر دخل لقرابة 3000 اسرة تنطلق في مفتتح كل ربيع في جمع المحصول من البساتين او من الاشجار التي تم غرسها بحدائق المنازل او تلك المترامية على طول انهج عديد مدن الوطن القبلي. وهو يوفر بذلك لعديد العائلات محدودة الدخل مجالا لممارسة نشاط اقتصادي عائلي تقليدي يتمثل في تقطير الزهر بمقابل وبيعه لزوار المدينة التي تتوافد من مختلف جهات البلاد التونسية لاقتناء عولتها من ماء الزهر. كما تعد فترة تقطير الزهر التي تتواصل بين 3 و4 اسابيع من ابرز المواسم الفلاحية بالوطن القبلي ولاسيما مدن نابل وبني خيار ودار شعبان الفهري والحمامات التي توفر اكثر من 90 بالمائة من المنتوج الوطني. ورغم صغر المساحة المخصصة لاشجار النارنج التي لا تتجاوز 440 هك و122500 شجرة فان القطاع يسهم سنويا في تنشيط الحركة الاقتصادية للجهة من خلال التقطير التقليدي بالمنازل او بالوحدات الصناعية الموجودة بالجهة. وتتولى الوحدات الصناعية استخراج ماء الزهر وخاصة زيت النيرولي الذي يتم تصديره نحو الاسواق الخارجية ولاسيما الفرنسية باسعار تتراوح بين 4000 و5000 دينار للكغ الواحد ليستعمل في صناعة ارقى العطور العالمية. ويستخرج من الطن الواحد بالطريقة الصناعية 1 كغ من النيرولي و600 لتر من ماء الزهر. ويترواح معدل الانتاج السنوي للزهر بولاية نابل بين 1000 و1200 طن يتم تحويل 60 بالمائة منها عن طريق 6 وحدات موجودة بالجهة. ويوفر القطاع سنويا بين 3 و4 ملايين دينار من العملة الصعبة. وتشير التقديرات الاولية الى ان انتاج الموسم الحالي الذي انطلق بصفة مبكرة مقارنة بالسنة الماضي نتيجة ارتفاع درجات الحرارة في موفى شهر فيفري سيكون في حدود 1100 طن.