دبي- موفد التونسية-خاص عرض فيلم اليمنية خديجة السلامي «الصرخة» في قسم الأفلام الخليجية الطويلة بحضور المخرجة نفسها، وسط حضور متنوع من المواطنين الإماراتيين وخاصة من النساء وضيوف المهرجان وأبناء الجالية اليمنية في الإمارات، وعموما لم يكن الحضور كثيفا رغم مجانية كل عروض المهرجان ، وتعدّ خديجة السلامي أول مخرجة يمنية ولها أكثر من 20 فيلماً وثائقياً، ونالت جائزة «جوقة الشرف»من الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك سنة 2007 وميدالية «الفارس» للفنون والآداب وجائزة «سيمون ديبوفوار» كما حظيت بتكريم «منظمة فرنسا وأوروبا والبحر المتوسط». شغلت منصب المستشارة الإعلامية والثقافية بسفارة اليمن في باريس، ورئيسة تحرير مجلة «اليمن». من مؤلفاتها المنشورة كتاب «دموع سبأ». أما فيلمها «الصرخة» فسيرة الثورة اليمنية التي أطاحت بعلي عبد الله صالح الذي لم يكن أحد يتصور اليمن في غيابه بعد أن نجح في حكم البلد أكثر من ثلاثين عاما. ويركز الفيلم على دور المرأة اليمنية في ميدان التغيير من خلال خمس نماذج من بينها بلقيس اللهبي التي كانت أول من بعث الرسائل الالكترونية إلى اليمنيين عبر شبكات التواصل الاجتماعي وأول من خرجت إلى الشارع في بداية الأحداث وقبلها كانت في تونس تواكب أحداث الثورة ، و الصحفية رحمة حجيرة الناشطة في حقوق الإنسان التي تحاول أن تمشي على البيض دون أن تكسره فلا هي ضد الثورة ولا هي معها، وهي مع التغيير ولكنها ليست ضد علي عبد الله صالح...بطبيعة الحال كانت توكل كرمان الحائزة على جائزة نوبل للسلام سنة 2011 نجمة الفيلم الحاضرة بالغياب، فالمخرجة تبحث عنها منذ البداية ولكن توكل لا تجد الوقت فهي منشغلة بأحداث الثورة، ثم إنشغلت بالاستقبالات هنا وهناك بدءا بحفل التكريم الذي أقامته على شرفها سفارة قطر في فرنسا بعد فوزها بنوبل. حين فتح الحوار مع المخرجة خديجة السلامي، سألتها عن الإضافة التي تحققت للفيلم بتصوير توكل كرمان – القريبة من التيار الإسلامي وإن نزعت النقاب مكتفية بالحجاب المزركش، المعجبة بأفكار حسن الترابي مهندس الانقلاب على التجربة الديمقراطية في السودان- في باريس في سفارة قطر ثم في السيارة التي تقل توكل مع زوجها وأبنائها خاصة وان الجزء المخصص لتوكل بدا وكأنه مسقط على مناخات الفيلم واقرب إلى الجولة السياحية لسيدة علاقات عامة ، وما فاجأني ان المخرجة اعترفت ضمنيا بصواب ملاحظتي غير ان إحداهن تطوعت للرد علي ثم إنبرى منشط الحوار وقوفا ان يدلي بدلوه هو الأخر ليدافع عن الفيلم وينظر لأهمية حضور توكل كرمان باعتبارها شخصية عالمية... هل أدركتم سادتي لماذا تستمر نكباتنا؟ بأمثال هؤلاء الذين يهرولون لحمل «القفة» حتى دون أن يطلب منهم أحد ذلك... لصحافي مثلي لا يعرف عن اليمن سوى «بلقيس» و «مملكة سبأ» وعلي عبد الله صالح وهيام اليمنيين بنبتة «القات» التي لم تخل منها أفواه الثوار طيلة الفيلم، كان يهمني أن أشاهد»الصرخة» لأعرف كيف ثار اليمنيون المسالمون والمسلحون في آن واحد ثورة سلمية على رئيس حكمهم بالمكر والمال السياسي والدهاء والتحالفات القبلية والطائفية ومازال في ما يبدو يقحم أنفه إلى اليوم في صناعة القرار السياسي... إنهم يشبهوننا وإن بدوا أكثر فقرا منا، وإن إختلفوا عنا في لباسهم وفي إرتداء جل نسائهن للحجاب أو للنقاب، يشبهوننا في نضالهم من أجل دولة مدنية حديثة، الدين لله والوطن للجميع، يناضلون ضد نظام صنعه صالح، نظام فاسد تمتد أضلعه من الحكم إلى المعارضة، يناضلون ضد السلفيين وضد التيارات الدينية التي تريد أن تحكم بإسم الله ... وقع الفيلم تحت ضغط الحكايات الفردية ولم يوفق في أحيان كثيرة في فرض نسقه السردي بل كان النسق الطاغي هو نسق الحكايات، وبالغت المخرجة في الحضور بصوتها معلقة على هذا الحدث أو تلك الشخصية، ولم تنجح في الخروج من أروقة الخيام المنصوبة في ميدان التغيير لتنظر إلى هذا الحدث من الخارج بعين سينمائية أكثر موضوعية، خاصة وأنها لم تفلح كثيرا في الإقتراب من شخصياتها المختارة، بل ظلت الكاميرا حاجزا باردا أمام مشاعرهن وإنفعالاتهن، ولكن خديجة السلامي لم تسع إلى أن تظهر نفسها طرفا في ثورة ميدان التغيير كما فعل عدد من مخرجينا فكل من حمل كاميرا قبل 14 جانفي أو بعيدها أصبح بقدرة قادر مناضلا شرسا لا يشق له غبار، ولكن ما الحيلة فالذي تعود على مهادنة الوضع القائم مرة، قادر على التأقلم مع الوضع الجديد كل مرة، والساحة اليوم تزخر بالمتأقلمين وبالمؤلفة قلوبهم حتى أن أحد المراسلين ممن كان مرابطا بوكالة الاتصال الخارجي لخدمة أحد أذناب وزير القصر المكلف بالإعلام أصبح بحركة بهلوانية نجما ثوريا في أحد هذه الأفلام المصنوعة على عجل، ولم يبق من الثوار الهادرة أصواتهم يوم 14 جانفي 2011 سوى بعض الصور التي تعرض بالمناسبة والحديث عن شهداء الثورة وجرحاها في الخطب الحماسية والمناكفات السياسية والدعاية الحزبية والأعياد الوطنية- أقصد ما بقي منها في ظل حكومة الثورة المجيدة. والسينمائية اليمنية خديجة السلامي نفسها عاشت قصة مليئة بالمعاناة، قد أجبرها أهلها على الزواج وهي طفلة خوفا من أن يحدث لها ما حدث لبنت الجيران حيث اختطفها رجل واغتصبها... تقول خديجة « هذا أثّر على نفسيتي وأثر علىأفراد أسرتي مما جعلهم يجبرونني على الزواج بالقوة من رجل كبير بالسن. كان عمري وقتها أحد عشر عاماً، كنت قد أنهيت الخامسة ابتدائي» لا يحتاج الأمر إلى تفكير فقد طلقت خديجة السلامي وهي الآن متزوجة من أمريكي «طيب ومسلم بطبيعة الحال» وربما طلب منه أن يختن أيضا(بالدارجة يطهّر) لا تخفي خديجة السلامي موقفها من النقاب، وتصفه بالخيمة وهو في نظرها اختراع ذكوري و مخالف للدين الإسلامي، ولا يوجد نص قرآني يدعو إلى تحول المرأة إلى خيمة كاملة يلغي شخصيتها الحقيقية. في النهاية يبقى «الصرخة» ( وهو عنوان فيلم مصري من بطولة نور الشريف ومعالي زايد وإخراج محمد النجار) وثيقة مهمة في مسيرة التأسيس لسينما يمنية قد تأتي بتعبيرات مختلفة عن الأنماط السائدة في البلدان العربية. ليال عربية في سوق الخليج السينمائي... إنعقدت اول امس أولى الجلسات في إطار «ليال عربية» التي ينظمها سوق الخليج السينمائي بإدارة سامر المرزوقي-لا علاقة له برئيسنا المفدى- وتعقد الليالي العربية بداية من منتصف الليل إلى غاية الثانية صباحا، وقد تركزت السهرة الأولى على فهم كيفية عمل مهرجان الخليج السينمائي في برامجه المختلفة، وأقسام المسابقات، وأنشطة السوق السينمائي، وأدار الجلسة أنطوان خليفة مدير العلاقات الدولية في مهرجان دبي السينمائي الدولي الذي يبدو أنه عاشق للتنشيط وإدارة الندوات فضلا عن تخصصه في العلاقات الدولية فهو مدير لعدد من اللقاءات في مهرجان دبي والشأن نفسه في الخليج السينمائي رغم أنه بصراحة لا يمتلك من أدوات التواصل مع الآخرين سوى لهجته اللبنانية التي تصلح أكثر لمسلسل عاطفي من مائة حلقة. وشارك في الليلة العربية الأولى كل من شيفاني بانديا- المدير التنفيذي لمهرجان دبي السينمائي الدولي وسامر المرزوقي- مدير سوق دبي السينمائي و دلفين مروة – رئيسة إدارة البرامج في مهرجان دبي السينمائي الدولي- وتناول المتحدثون مواضيع متنوعة من بينها هوية الفيلم الخليجي ومقاييس إختيار أفلام المسابقة –ورد على المهرجان هذه الدورة قرابة 4000 فيلما في مختلف الأقسام من جميع أنحاء العالم كما تطرق المشاركون إلى عقبات الإنتاج في السينما الخليجية والمبادرات التي أطلقها مهرجان دبي السينمائي وكذلك شقيقه الصغير مهرجان الخليج السينمائي لفتح أبواب الإنتاج المشترك ودعم الأفلام القصيرة سنويا وإتاحة الفرصة للمخرجين الشباب لتطوير مشاريعهم بإشراف كفاءات مشهود لها فنيا وإنتاجيا وتسويقيا لا يوجد من بينهم أي تونسي بطبيعة الحال، وهنا علينا أن نلوم أنفسنا فصحافتنا غائبة أو تكاد في المهرجانات السينمائية الخليجية وسينمائيونا لا يبذلون سوى القدر اليسير من الجهد للتعريف بإنتاجاتهم .