تعتبر مدينة صفاقس قطبا ثقافيا واجتماعيا وإقتصاديا بالخريطة التونسية، وهي كبقية الولايات تعيش شيئا من التهميش مع القليل من المعاناة و الكثير من اللامبالاة . و في ظل غطرسة الشأن السياسي المرتهن بوضع البلاد و مستقبلها أصبح السبيل الوحيد للإرتقاء و لإزالة التهميش إصلاح الوضع الثقافي لأنه لا يمكن إعادة الإعتبار للعباد و البلاد إلا بإصلاح الثقافة أو بالأحرى التأسيس لثقافة تقوم على التوازن والإبداع لخلق مثقف يكون صوتا من أصواتها. فأية إجابة يمكن أن نحملها على الثقافة بمدينة صفاقس ؟ للإجابة على هذا السؤال نزلت " التونسية " للشارع متجهة نحو أهل الإختصاص لعلها تجد شبه إجابة عندهم : ربيعة بالفقيرة المندوبة الجهوية للثقافة بصفاقس "الوضع الثقافي بخير ... صعوبات في مستوى المادة" و في حوارها مع "التونسية" حول الوضع الثقافي في صفاقس قالت المندوب أنه لا يمكن تقييم المشهد الثقافي إلا من خلال النظر في تاريخه و هياكله من جمعيات و منظمات و نوادي و قالت أيضا أن الثقافة ليست وليدة اليوم بل لها تاريخ و هذا ما نجده في صفاقس من خلال عدد الجمعيات التي يفوق 150 جمعية فنية وأفادت أن تونس تتسع للجميع بقطع النظر عن التوجهات والثقافة في صفاقس بخير من خلال الإنتاج الوفير على مستوى الأنشطة و العروض الوطنية و الدولية. و حول الوضع المادي أضافت أنها دخلت في ديون وهو ما كبلها نوعا ما و تبقى الصعوبات في المادة فقط و الإنتاج و الإبداع بخير. الروائي عامر بشة "الوضع الثقافي في صفاقس لا يزال يحبو" وعن الوضع الثقافي في صفاقس قال الروائي عامر بشة " للتونسية " أن العلاقات الشخصية في الوسط الثقافي لا تزال مسيطرة على الساحة إلى حد الآن و أن الكاتب في صفاقس أصبح يناضل من ذاته و من جيبه و دمه لإخراج إنتاجه. و قد تساءل عامر بشة على مدينة الإسمنت و الحجر وهي تغطي 40% من الإنتاج القومي و كيف تراها عاجزة عن الدعم الثقافي و يشير بالخصوص إلى مجلة القلم التي فقدت صوتها و كيف أن الثقافة لا تزال تحبو. الشاعر محمد المكور "لا يوجد وضع ثقافي مشجع في صفاقس" ويضيف الشاعر محمد المكور "للتونسية" أن الأفكار و العلاقات الثقافية بين الرواد والهواة و بين الأكاديميين و المرتزقين تدهورت و تشظت. و حول الوضع الثقافي في صفاقس يقول أنه محزن للغاية للتشتت الثقافي كالنوادي الفارغة من المبدعين و السبب يعود إلى الجيل السابق جيل السبعينات. و يرى أيضا أنه مع كامل الأسف أن يغيب التشجيع المادي و المعنوي للمبدع و أن تتحول الثقافة في صفاقس إلى مجرد بضاعة تباع و تشترى. الفنانة التشكيلية ليلى بوطبة "الثقافة بخير" و رأت ليلى بوطبة أن الوضع الثقافي في صفاقس يشهد زخما من خلال المعارض و العروض و الفقرات و النوادي الناشطة و التي تسعى إلى تنمية النشاط الفكري من خلال الندوات و الورشات التي تقام يوميا من المسرح و الشعر و السينما و الفن التشكيلي. الصحبي الجد مدير دار الثقافة باب بحر صفاقس : " صفاقس قطب ثقافي متميز " و في دردشة مع "التونسية" قال الصحبي الجد أن صفاقس من الولايات الأولى في المجال الثقافي و هذا ظاهر للعيان من خلال البرامج الموجودة من تظاهرات مختلفة و أضاف أيضا أنه لطالما أن ميزانية وزارة الثقافة لا زالت لم تبلغ 1 % من ميزانية الدولة فإن هذا الوضع يقلق نوعا ما و يرى أنه بالرغم من الصعوبات المالية فإن صفاقس تبقى قطبا ثقافيا متميزا. الروائي سمير بوليلة "الثقافة في صفاقس نهر نضبت موارده" أما الروائي سمير بوليلة فيرى أنه في ظل المتاهات التي أصبحت تعيشها الثقافة في البلاد بعامة و في صفاقس بخاصة أصبح من العسير فهم الوضع الراهن كأننا أصبحنا نتحدث عن أحزاب ثقافية تنثر على المثقف بقايا التهميش. و أكد سمير أن الثقافة في صفاقس أصبحت من آخر الإهتمامات إذا علمنا أن المبدع أصبح يعيش في مفترق لا مخرج منه امامإنتفاء المسؤوليات الجادة بالنهوض بهذا القطاع. الشاعر الهادي العايش رئيس نادي محمد البقلوطي للقصة و الشعر : "الوضع الثقافي في صفاقس كوضع المهرج في السيرك" و في تصريح " للتونسية " يقول الهادي العايش أننا إعتدنا كل شيء يمشي على إثنين أو أربع ما عدا الثقافة في صفاقس كالمهرج في السيرك تمشي على عجل واحد أما أن تنفذ و تمر و إما أن تسقط و لا تستطيع المواصلة. و يرى الشاعر الهادي أن عدم التكاتف و التوحد بين مبدعي الجهة و إطاراتها يجعلها غير قادرة على تكريس مشهد ثقافي جامع و مؤسس. و حول الفكر النفعي و المادي يرى أنه سيطر على مدينة صفاقس التي بإمكانها أن تكون رائدة في جميع المجالات و خاصة في الادب و الثقافة لما تحتويه من طاقات إبداعية قادرة على النفاذ و المواصلة. د. سالم العيادي رئيس منتدى الفارابي للدراسات و البدائل : "ثقافة الإقصاء تؤدي حتما إلى إقصاء الثقافة" و في دردشة مع رئيس المنتدى د. سالم العيادي قال "للتونسية" أن تقييم أي وضع لا يجوز أن يكون في المطلق و إنما يكون بالمقارنة بين وضعين أولا و بإختيار معيار للحكم ثانيا. في إطار المقارنة نلاحظ اليوم أن الوضع الثقافي بجهة صفاقس تغير جذريا بالنظر إلى ما كان عليه قبل ثورة 17 ديسمبر / 14 جانفي: من وضع واحدي الرؤية منغلق من حيث الرؤى إلى واقع متنوع و منفتح. و هذا يعتبر إنتقالا محمودا نحو إغناء المشهد الثقافي. أما المعيار فيتمثل في مبدأين اساسيين هما الإبداع و الحرية. و يقول عن الوضع الثقافي بولاية صفاقس يتجه أكثر فأكثر نحو ظهور مشاريع إبداعية و نحو تعبير أوضح عن حرية المفكر و المثقف و الفنان. الإعلامي و الشاعر علي المرزوقي: "صفاقس مركز ثقافي كبير" و يرى الإعلامي علي المرزوقي أن المشهد الثقافي بصفاقس آخذ في التنوع و الإمتداد من خلال الحضور الكثيف لكل ألوان التعبير الثقافي و من خلال التوزيع العادل للأنشطة الثقافية على المعتمديات و الاطراف. فتظاهرة "نصيبي من الثقافة" لقي نجاحا باهرا من خلال أن الأنشطة الكبرى لم تعد حكرا على المركز. و من جانب ثان الجهد الذي تبذله المكتبات العمومية و التي كانت تكتفي بإعارة الكتب لتصبح خلايا لنشاط ثقافي زاخر.