اغتصاب وحمل.. هذا كل ما تتذكره الضحية من طفولتها رغم أن عمرها الآن لم يتجاوز 18 عاما وقد أخذت منها المأساة كل سنوات طفولتها واستنزفتها لتقفز بها إلى كهولة نفسية من فرط الصدمات التي أثقلت كاهلها ... فتحت عينيها على أمل قد تصنعه من كراسها وقلمها في المدرسة التي سعدت كثيرا بالجلوس على مقاعدها لان الأمر لم يكن بهذه السهولة نظرا لانتمائها إلى عائلة فقيرة قدمت من ادغال ارياف تونس لتعمل والدتها كمعينة منزلية بأحد المنازل في انتظار أن يجد والدها العاطل عملا أو أي مورد رزق مهما كان بسيطا .... مرت سنوات الدراسة في الابتدائي كمعسول الرؤى لتنتقل بعدها إلى المعهد حيث بدأت تتضح لديها بعض معالم الحياة القادمة إلى أن كانت اللحظة الفارقة في حياتها التي زلزلت كل كيانها وقلبت بيض لياليها سودا يوم توجهت صحبة والدتها وشقيقها إلى منزل خالتها لمساعدتها على القيام ببعض الأعمال المنزلية الشاقة مقابل الحصول على بعض المساعدات... المشوار الصعب انطلق منذ سنة 2008 عندما بدأ قريبها يتحرش بها. لم تكن تفقه جوهر هذه التصرفات التي تمارس على جسدها دون عنوان واضح. صمتت في البداية لأن عقلها الصغير لم يقو على استيعاب ما يحدث ...كانت المسائل في البداية عرضية وتمر ونظرا للعقلية الريفية لوالدتها المنغلقة لم تجرأ أن تعيد على مسامعها اللحظات التي تعيشها يوميا مع قريبها وقد تواترت الحكاية إلى أن اختلى بها بعد أن مكن شقيقها من بعض المال للذهاب إلى قاعة الألعاب فكانت الفرصة الذهبية ليواقعها طالبا منها التزام الصمت ثم أصبحت المسألة شبه يومية حيث كان يختلق الأسباب للانفراد بها ... عادت إلى بيتها بتونس صحبة والدتها وهي حاملة وزرا ثقيلا. لم تستطع أن تستأنف الدروس كما كانت وتجلس على مقاعد الدراسة ربما حسب ذكرها لأنها كانت تشعر أن المعهد يحمل قداسة في حين أنّها بعد أن اغتيلت براءتها أصبحت تعتبر نفسها مدنسة ...كان افك الذنب يحاصرها في كل لحظة إلى حد انها فقدت السيطرة على نفسها وتدهورت نتائجها وانتهى بها الأمر إلى الانقطاع طوعا عن الدراسة... لكن الأمور لم تقف عند هذا الحد حيث تعقدت أكثر فأكثر بعد ظهور أعراض الحمل. في البداية كانت تتقصّى المعلومات عن طريق والدتها لأنها لم تكن تعلم شيئا عن ذلك لكن مع انتفاخ بطنها أصدحت لوالدتها بالحقيقة التي صعقتها وكان أول سؤال لها من الفاعل؟ وعندما علمت بهويته صدمت واتصلت بقريبتها لتعلمها بالمستجدات. كان ردّ القريبة عنيفا معتبرة أن ابنها فوق أيّة شبهة أخلاقية وان عليها البحث عن المسؤول الحقيقي؟ وأمام الاصرار على رفض الاعتراف اضطرت الأمّ إلى تقديم قضية ضد المتهم المزعوم وخوفا من التبعات ابرم عقد زواج بالقاصرة في انتظار وضع المولود بعدما ظل متمسكا أن لا ناقة له ولا جمل في ما حصل وانه مستغرب من الورطة التي وجد نفسه فيها مفيدا انه اضطر إلى إبرام عقد الزواج لأنه حديث العهد بالوظيفة وهو مضطر الى التنازل محافظة عليها... وانه يرفض أن يساكنها إلى أن يتاكد من نسب المولودة... بعد وضع المولودة تقدم والدها بشكاية طالبا القيام بالتحليل الجيني للتثبت من أبوّة الفاعل للرضيعة وأفاد التقرير انه والدها الشرعي لكن أطوار القضية لازالت متواصلة ولم تنته بعد حيث طعن هذا الأخير في نتائج التحليل وادّعى أن والدة الطفلة زوّرت نتيجة التحليل وطلب بناء على ذلك اعادة الاختبار الطبي من أجل نفي نسب المولودة مبيّنا أن والدة الطفلة اختارت حشره في القضية لأنه يعمل حتى تضمن النفقة.. المحكمة رفضت مطلبه واقرت بنسب الطفلة كما هو مسجّل بدفاتر الحالة المدنية.