تونس تحتفل بعيد الشغل العالمي وسط آمال عمالية بإصلاحات تشريعية جذرية    دوري ابطال اوروبا.. التعادل يحسم مباراة مجنونة بين البرسا وانتر    شهر مارس 2025 يُصنف ثاني الأشد حرارة منذ سنة 1950    يظلُّ «عليًّا» وإن لم ينجُ، فقد كان «حنظلة»...    الاتحاد يتلقى دعوة للمفاوضات    تُوّج بالبطولة عدد 37 في تاريخه: الترجي بطل تونس في كرة اليد    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    قضية مقتل منجية المناعي: إيداع ابن المحامية وطليقها والطرف الثالث السجن    رحل رائد المسرح التجريبي: وداعا أنور الشعافي    القيروان: مهرجان ربيع الفنون الدولي.. ندوة صحفية لتسليط الضوء على برنامج الدورة 27    الحرائق تزحف بسرعة على الكيان المحتل و تقترب من تل أبيب    منير بن صالحة حول جريمة قتل المحامية بمنوبة: الملف كبير ومعقد والمطلوب من عائلة الضحية يرزنو ويتجنبو التصريحات الجزافية    الليلة: سحب مع أمطار متفرقة والحرارة تتراوح بين 15 و28 درجة    عاجل/ الإفراج عن 714 سجينا    عاجل/ جريمة قتل المحامية منجية المناعي: تفاصيل جديدة وصادمة تُكشف لأول مرة    ترامب: نأمل أن نتوصل إلى اتفاق مع الصين    عاجل/ حرائق القدس: الاحتلال يعلن حالة الطوارئ    الدورة 39 من معرض الكتاب: تدعيم النقل في اتجاه قصر المعارض بالكرم    قريبا.. إطلاق البوابة الموحدة للخدمات الإدارية    وزير الإقتصاد يكشف عن عراقيل تُعيق الإستثمار في تونس.. #خبر_عاجل    المنستير: إجماع خلال ورشة تكوينية على أهمية دور الذكاء الاصطناعي في تطوير قطاع الصناعات التقليدية وديمومته    عاجل-الهند : حريق هائل في فندق يودي بحياة 14 شخصا    الكاف... اليوم افتتاح فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان سيكا جاز    السبت القادم بقصر المعارض بالكرم: ندوة حوارية حول دور وكالة تونس إفريقيا للأنباء في نشر ثقافة الكتاب    عاجل/ سوريا: اشتباكات داخلية وغارات اسرائيلية وموجة نزوح..    وفاة فنانة سورية رغم انتصارها على مرض السرطان    بمناسبة عيد الإضحى: وصول شحنة أغنام من رومانيا إلى الجزائر    أبرز مباريات اليوم الإربعاء.    عملية تحيّل كبيرة في منوبة: سلب 500 ألف دينار عبر السحر والشعوذة    تفاديا لتسجيل حالات ضياع: وزير الشؤون الدينية يُطمئن الحجيج.. #خبر_عاجل    الجلسة العامة للشركة التونسية للبنك: المسيّرون يقترحون عدم توزيع حقوق المساهمين    قابس: انتعاشة ملحوظة للقطاع السياحي واستثمارات جديدة في القطاع    نقابة الفنانين تكرّم لطيفة العرفاوي تقديرًا لمسيرتها الفنية    زيارات وهمية وتعليمات زائفة: إيقاف شخص انتحل صفة مدير ديوان رئاسة الحكومة    إيكونوميست": زيلينسكي توسل إلى ترامب أن لا ينسحب من عملية التسوية الأوكرانية    رئيس الوزراء الباكستاني يحذر الهند ويحث الأمم المتحدة على التدخل    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    ابراهيم النّفزاوي: 'الإستقرار الحالي في قطاع الدواجن تام لكنّه مبطّن'    القيّمون والقيّمون العامّون يحتجون لهذه الأسباب    بطولة إفريقيا للمصارعة – تونس تحصد 9 ميداليات في اليوم الأول منها ذهبيتان    تامر حسني يكشف الوجه الآخر ل ''التيك توك''    معرض تكريمي للرسام والنحات، جابر المحجوب، بدار الفنون بالبلفيدير    أمطار بكميات ضعيفة اليوم بهذه المناطق..    علم النفس: خلال المآزق.. 5 ردود فعل أساسية للسيطرة على زمام الأمور    بشراكة بين تونس و جمهورية كوريا: تدشين وحدة متخصصة للأطفال المصابين بالثلاسيميا في صفاقس    اغتال ضابطا بالحرس الثوري.. إيران تعدم جاسوسا كبيرا للموساد الإسرائيلي    نهائي البطولة الوطنية بين النجم و الترجي : التوقيت    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    في جلسة ماراتونية دامت أكثر من 15 ساعة... هذا ما تقرر في ملف التسفير    ديوكوفيتش ينسحب من بطولة إيطاليا المفتوحة للتنس    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    شحنة الدواء العراقي لعلاج السرطان تواصل إثارة الجدل في ليبيا    الميكروبات في ''ديارنا''... أماكن غير متوقعة وخطر غير مرئي    غرة ذي القعدة تُطلق العد التنازلي لعيد الأضحى: 39 يومًا فقط    تونس والدنمارك تبحثان سبل تعزيز التعاون في الصحة والصناعات الدوائية    اليوم يبدأ: تعرف على فضائل شهر ذي القعدة لعام 1446ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين الوضع الأمني والإهمال والديون:متى ينجلي ليل السياحة ؟
نشر في التونسية يوم 19 - 05 - 2013


400 ألف عامل مهدّدون بالبطالة
شوارع شبه خالية إلا من بعض السواح وأصحاب العربات... أوساخ متناثرة في كل مكان وأشجار مهملة, ذلك هو المشهد الذي يعترضك في شوارع مدينة الحمامات. هذه المنطقة السياحية التي كانت منذ تاريخ قريب أيقونة السياحة في تونس ومضرب المثل في النظافة والجمال, أصبحت اليوم مدينة متروكة رغم ما نسمعه يوميا عن نوايا النهوض بالقطاع السياحي وعن سعي لتحقيق رقم قياسي في عدد السياح هذا الموسم. حال الحمامات لا يختلف في بؤسه عن بقية المناطق السياحية في تونس فبعد أحداث 14 جانفي 2011 تداعى القطاع السياحي في البلاد نظرا لتدهور الوضع الأمني علاوة عن غياب برنامج واضح للنهوض بهذا القطاع الذي يعتبر ركيزة من ركائز الإقتصاد الوطني لكنه يعاني من مشاكل مترسبة وجديدة تهدده بالإندثار وتنذر بإحالة قرابة 400 ألف عامل على البطالة. عن هذه المشاكل وعن حال السياحة التونسية اليوم أنجزت «التونسية» هذا التحقيق الذي انطلقنا فيه بزيارة ميدانية إلى مدينة الحمامات واستأنسنا برأي جل المتدخلين في هذا القطاع.
بلغ عدد السياح الوافدين إلى تونس بين 1 جانفي و10 ماي 2013: 1547.708 سائحا. أغلبهم قادمون من الدول المغاربية خاصة ليبيا ب 694.970 سائحا في حين تراجع عدد السياح الأوروبيين من 796.163 في نفس الفترة من سنة 2010 إلى 548.619. هذا ويأمل وزير السياحة أن يرتفع عدد الوافدين إلى تونس إلى 7 ملايين سائح هذه السنة.
مدينة الأوساخ
رغم انطلاق الموسم السياحي الصيفي فإن مدينة الحمامات مازالت تنتظر زوارا قد يكونوا كرهوا الرجوع إليها أو أنها لم تعد وجهة مميزة تغريهم بتمضية صائفة فيها. مدينة فقدت بريقها متأثرة بالأحداث السياسية والإجتماعية المضطربة في البلاد لكن المشكلة الكبرى هي غرق ياسمين الحمامات في الأوساخ والفضلات المتراكمة والمتناثرة في كل مكان لا سيما على الشاطئ الذي أصبح مصب فضلات الحيوانات وعلب الجعة وقوارير البلاستيك بالإضافة إلى فضلات بعض النزل حيث أكد بعض عملة المقاهي المطلة على البحر أن بعض النزل تعمد إلى وضع فضلاتها قرب الشاطئ حتى تجبر البلدية على رفعها.
تتقدم قليلا في اتجاه وسط المدينة فتعترضك أشجار النخيل المهملة يتساقط منها «السعف» التالف، بجوارها أحواض كانت بالأمس مخصصة لزرع الورود واليوم أصبحت مرتعا للأعشاب الطفيلية وحلت محل حاويات النظافة هذا بالإضافة إلى رائحة «روث» الأحصنة الملقى على قارعة الطريق. كل ما تراه في ياسمين الحمامات يدل أن الموسم السياحي انتهى أو أن المدينة تستعد لإقفال أبوابها للصيانة.
وباتصالنا بالسيدة بسمة درغام زين العابدين المندوبة الجهوية للسياحة بياسمين الحمامات أكدت لنا أن البنية التحتية في المدينة «تاعبة» وأن الحمامات مقسومة بين بلدية بوفيشة وبلدية الحمامات ولا يوجد تنسيق وتعاون في العمل بينهما وأن النيابات الخصوصية لم تعقد اجتماعاتها بعد. وأضافت محدثتنا أن وزارة السياحة كانت تخصص ميزانية عناية بالمحيط للمندوبية تتولى من خلالها غربلة رمل الشاطئ وجمع القوارير البلاستيكية و«كنس» الطرقات الكبرى, لكنها حذفتها وانجرّ عن ذلك حل الفريق العامل المتكون من 15 عونا مضيفة أن البلدية ستفوّت في التجهيزات التي كانت تستخدمها للبلديات.
وأضافت محدثتنا أن البلديات لا تعلم إلى حد الآن المطلوب منها رغم إلحاح وزير السياحة على العناية بالبيئة والمحيط.
سياح مرعوبون
لا تخلو مدينة الحمامات من المئات من السياح تراهم يتجولون داخل المدينة أو لا يغادرون النزل. التقينا بعضهم وأردنا الحديث معهم لكن أغلبهم رفض حتى اقترابنا منه إما خوفا منا أو تطبيقا لنصائح وجهت إليهم بعدم الإحتكاك بالمواطنين اجتنابا لأي مشكلة وهو الأمر الذي أكده «ألك» وهو سائح أكراني ويعمل نادلا يزور تونس لأول مرة حيث بين انه نصح بعدم التواصل مع «التونسييين» خوفا من الإعتداءات أو السرقات أو الإستغلال. لكنه لم ينف انبهاره بجمال البلد وجودة الخدمات الفندقية المقدمة لا سيما الخدمات الإستشفائية. وبين «ألك» أنه ينوي العودة إلى تونس في جويلية القادم ولا يخشى تدهور الوضع الأمني لأن الانفلات الأمني كما قال محصور في مدن بعيدة عن المنطقة السياحية.
«سويفي» سائحة بلجيكية تعمل ممرضة تزور تونس لأول مرة صحبة زوجها وابنها أكدت أنها منبهرة بجمال البلد وجودة الخدمات المقدمة في الفندق لا سيما الخدمات الإستشفائية التي اعتبرتها بخسة الثمن ومن أكثر الخدمات التي تغري بالعودة إلى تونس.
تتقدم قليلا وسط محلات المدينة الفارغة إلاّ من أصحابها وعملتها لعلّك تجد سائحا يتبضّع لكن تصدم بوجود قلّة من السياح يتجوّلون.. يدققون في البضائع من بعيد ويرفضون حتى الدخول إلى المحلات رغم إلحاح الباعة. وقد أكد السيد عبد الستار حنيفة عامل بأحد المحلات أن جل السواح الوافدين على ياسمين الحمامات هذه الفترة من الجنسية الروسية وأغلبهم لا يغادرون النزل.مضيفا أنهم حتى إن تجوّلوا في المدينة فإنهم لا يتبضعون وأنهم أحيانا يأكلون خارج الفندق وإن صادف ورغب أحدهم في شراء بضاعة فإنه يناقش في الثمن ويلح في التخفيض. وأكد عبد الستار أن سنة 2013 أسوأ من التي سبقتها.
السائحة الفرنسية «جانجات» التي كانت تعمل بإحدى وكالات الأسفار بفرنسا أكدت في هذا الصدد انها تناقش الباعة بشأن الثمن لأنها تعلم أن كل ما يباع تقليد أو صيني الصنع وبينت أنها تزور تونس للمرة السادسة وتعرف جيدا الأسعار واستغربت من غياب الصناعات التقليدية الأصلية التونسية في الأسواق وأكدت أن السائح الأجنبي يتعرض للعديد من عمليات الغش وأن هذا مضر بسمعة الصناعات التقليدية التونسية بالخارج. وبينت محدثتنا أنها لاحظت غيابا نسبيا للأمن في الأماكن التي زارتها خاصة تونس العاصمة وبنزرت وتمنت «جانجات» ألا تقبر تونس «الجميلة» تحت أقدام التشدد الديني.
ماهي حكاية «البزناسة»؟
أكد العم بشير بالتومية صاحب «كاليس» لنقل السياح والذي يعمل بهذا المجال منذ 15 سنة أن القطاع السياحي دخل في حالة فوضى وأصبح مرتعا لل«كلوشارات» و«البزناسة» مشيرا الى أن السائح أصبح مهددا عند خروجه من النزل إذ انه يجد أشخاصا يتربّصون به عند الباب إما لإغرائه بالتنقل معهم على متن العربات والجمال غير المرخص فيها أو يتعرض للسرقة أو التحيل. الشيء الذي أكده زميله عماد لحفيف الذي قال أن هناك «كلوشارات» يستعملون دراجات نارية لتتبع السياح وأن الكثير من السياح عبروا عن خوفهم من التنقل بمفردهم داخل مدينة الحمامات خوفا من المضايقات. وقد أكد هذا الأمر أيضا السيد طاهر الزهار مدير عام نزل بياسمين الحمامات مبيّنا أن 10 بالمائة فقط من «الجمالة» الموجودين بالمدينة يملكون رخصا والبقية يعملون «بعلي» وحيواناتهم مريضة وذكر أن العديد من السياح تعرضوا للضرب والسرقة من طرفهم.
بداية نكبة السياحة التونسية
أكد السيد البشير ميلاد صاحب نزل أو العميد كما يحلو لزملائه مناداته أن السياحة التونسية تراجعت منذ التسعينات لا سيما حين رفّعت السلطة آنذاك في عدد الأسرّة ب 100 ألف سرير. هذا بالإضافة إلى عدم مواكبة البنية التحتية والتكوين السياحي للنهضة السياحية في البلاد الأمر الذي جعل اليد العاملة المختصة غائبة مضيفا أنه رغم توفير الدولة لنسبة 3 بالمائة من كلفة التكوين المستمر إلا أنه اندثر. وبين أن «الوتلاجي يحب يربح الفلوس ومايحبّش يخلّص».
وبيّن محدثنا أن السياحة التونسية بقيت تقليدية ولم يخلق أربابها علامة سياحية خاصة بتونس لذلك «نجد أنفسنا في الصف الأخير». بالإضافة إلى تهميش النظام السابق لهذا القطاع.
وأضاف محدثنا أن ما يقسم ظهر السياحة التونسية حاليا هي مسألة تحديد الأسعار إذ أن «تكسير الأسعار» بين النزل جعل أسعار الإقامة متدنّية للغاية ولا تغطي نسبة الكلفة مع العلم انه لا يوجد قانون للمحاسبة وهذا المشكل لن يحل دون تحديد الأسعار حتى تكون المنافسة شريفة. وبين محدثنا أن الأمر الذي يعمق الأزمة يوما بعد يوم هي نوعية السياح الوافدة إلى تونس والتي تعتبر رديئة للغاية ولا تنفق.
تعميق الأزمة
وأكد السيد طاهر الزهار أن القشة التي قسمت ظهر السياحة في الحمامات وتونس قاطبة هي إقامة الخيمات الدعوية داخل المناطق السياحية وذكر أن إحدى الجمعيات أقامت خيمة دعوية للداعية محمد حسان في المنطقة السياحية مؤخرا بثت الرعب في صفوف السياح زادها بلة ريبورتاج بثته إحدى القنوات الفرنسية. محدثنا أكد أيضا أن المسؤولين في الحمامات على غرار الوالي والمعتمد لا يفهمون معنى السياحة. وبين أن السياحة صورة لابدّ من تجميلها باستمرار حتى يسهل تسويقها.
هذا وتأسف محدثنا على الحال الذي وصلت إليه النظافة في ياسمين الحمامات مشيرا الى أن الكلاب السائبة والفضلات والفئران وحتى الثعابين منتشرة في كل مكان والتنسيق غائب مع البلديات حيث ترفع الفضلات ب«التلحليح» وقال إنه حين طلب أصحاب النزل من البلديات قتل الكلاب السائبة تعلّلت بعدم ملكيتها للخراطيش اللازمة لذلك. وأكد محدثنا أن أبسط أبجديات العناية بالمنطقة السياحية غائبة على غرار تنوير بعض الطرقات. ولم ينف وجود مشكلة كبيرة مع البلديات لا سيما على مستوى نظافة الشاطئ ومداواة «الناموس».
وواصل محدثنا كلامه عن مسألة التسعيرة في النزل مبيّنا أن تدني الأسعار وصل ببعض النزل إلى بيع الليلة ب10 أورو إلى متعهدي السفرات وأضاف محدثنا أن الحجوزات الكاملة «أول أنكلوزف» عمقت الأزمة. هذا بالإضافة إلى الديون المتراكمة للنزل ذلك أن البنوك تسببت في ترفيعها إلى 3 أضعاف عن قيمتها الحقيقي وعجّزت أصحاب النزل عن تسديدها وأكد أن الحلول المقترحة اليوم بجعل 165 نزلا تحت إشراف شركة أمر مرفوض ذلك أن «الوتلاجية» لا يعرفون إلى اليوم النزل المعنية بهذا الأمر ولا المقاييس التي استند عليها لاختيارها.و بين أن هذا المقترح يهدف إلى بيع النزل بربع سعرها الحقيقي وأن الحكاية لا تتعدى حرب مصالح.
واستغرب محدثنا من عدم توجه البنوك مباشرة إلى النزل التي لم تستخلص ديونها وأكد أنه لا توجد إرادة سياسية لإنقاذ القطاع. وفي هذا الصدد أكد السيد وجدي السخيري مستثمر شاب في قطاع السياحة أن البنوك لم تحترم القوانين وخاصة المناشير التي أصدرها البنك المركزي.
وبخصوص موضوع المديونية قال السيد محمد بالعجوزة رئيس الجامعة التونسية للنزل في كلمته التي ألقاها مؤخرا بمناسبة الجلسة الإنتخابية للجامعة أن هذه الأخيرة قدمت إلى الدولة ملفا تضمن حلولا لمشاكل المديونية وطرق الإستثمار والترويج لكنه لم يجد آذانا صاغية إلى حد الآن. وطالب بالعجوزة وزارة السياحة بتشريك أهل المهنة في الرأي واتخاذ القرار بالإضافة إلى دعم القدرات التنافسية للقطاع.
من جانبه طالب السيد محمد علي التومي رئيس الجامعة التونسية لوكالات الأسفار ببعث اتحاد تونسي للمهن السياحية مستقل عن الإتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية ليتولى الدفاع عن قطاع السياحة الذي له خصوصيات مختلفة عن بقية القطاعات. وطالب كذلك السيد محمد علي التومي بتفعيل مشروع «دار السياحة» المتوقف منذ مدة كبيرة والذي لا يتطلب إتمامه سوى بعض مئات الآلاف من الدنانير ليكون علامة سياحية مميزة وأول دار للسياحة في العالم.
«قطاعنا بدأ في الإندثار»
أكد السيد حبيب بوسلامة رئيس جامعة النزل بالوطن القبلي أن السياحة في تونس تأخرت نوعيا وكيفيا وأكد أن السلطات «تحب فلوس السياح وما تحبش السياحة» مشيرا الى أن أول عائق يقف أمام تطوير هذا القطاع هو العزيمة السياسية. وقال أن الرؤية غير واضحة وأن القطاع أصبح مهددا وبدأ يندثر خاصة مع تفاقم مشكلة المديونية.
وبيّن محدثنا أن جامعة النزل ناقشت مع توفيق بكار حين كان محافظا للبنك المركزي هذا الأمر لكنه قال لهم «ياخي أحنا باش نحلو محكمة نورمبارغ من جديد؟». هنا بين السيد بوسلامة أن البنوك أغرقت قطاع السياحة حيث فوترت فوائض في حدود 16 و17 بالمائة وأن هناك من دفع مرتين أصل دينه وما يزال مطالبا بدفع الأضعاف. وأكد محدثنا أن كل ديون القطاع لا تتجاوز 3500 مليار وأن سبل التفاهم موجودة لكن السلطات لا تشرك أهل القطاع في الحوار.
غياب المنتوج السياحي
وأضاف السيد بوسلامة أن المنتوج السياحي التونسي المتمثل في الشمس والبحر يدوم 3 أشهر فقط وأن المؤسسة السياحية لا تستطيع أن تتواجد بقية السنة وهي مغلقة لذلك يلاحظ أن المردودية ضعيفة للغاية. وبيّن أن عامل الإستقطاب غائب في السياحة التونسية وأن تاريخ تونس وثقافتها غير مستغلين علاوة على انعدام بوادر تطوير القطاع من قبل السلطة رغم العديد من المبادرات والمقترحات من قبل الخواص على غرار الخمسة ملفات التي قدمت لوزارة السياحة منذ مدة قصد إنشاء 5 ملاعب صولجان جديدة في الحمامات وجربة وسوسة.
وأضاف محدثنا أن 400 ألف تونسي اليوم مهدّدون بالبطالة إذا ما اندثر قطاع السياحة.
عودة السياح صعبة
أكد السيد بوسلامة أن المحيط الإقتصادي للنزل «مات» وأن نسبة عودة السائح الزائر لتونس حاليا ضعيفة للغاية لأنه لا يوجد منتوج أو أمر مشجع للرجوع مرة أخرى.لكن محدثنا لم يفقد الامل بعد في إنقاذ القطاع الذي قال عنه أنه بإمكانه قلب كل المعطيات في تونس والخروج بها من عنق الزجاجة.
وبخصوص وعود وزير السياحة الحالي الذي لم يمر على توليه الوزارة سوى 9 أسابيع قال محدثنا أن الوزير وكل المتدخلين في القطاع لم يكتشفوا بعد تعقيدات المنظومة السياحية وأنهم غير قادرين على إيجاد حلول لكل المشاكل البالغ عددها 160 حددتها جامعة النزل في دراسة. وبيّن محدثنا أن النوايا الطيبة لا تكفي بمفردها لإصلاح قطاع مهدد.
وخلاصة القول أن السياحة التونسية تمرّ اليوم بأسوإ فتراتها منذ بعثها بما أنها أهملت وباتت مهددة بالإندثار متأثرة بحال البلاد المتذبذب وبتراخ سياسي في التعاطي معها بوضوح وإبعادها عن التجاذبات السياسية ومسألة الحلال والحرام والأنشطة الدينية. وأحببنا أم كرهنا فهي دعامة أساسية للإقتصاد الوطني ولا بديل عنها ولا يمكن أن تلغى. وبعض الأصوات التي تنادي بأسلمتها والتوجه أكثر لجلب السياح العرب تتكلم من فراغ وجهل بخصوصيات السياحة في تونس والنقص الكبير في المنتوج المقدم والذي بإمكانه أن يغري السائح العربي وبالأدق الخليجي لاختيار تونس وجهة سياحية.
أرباب المهنة مازالوا متفائلين رغم الصعوبات التي يمرون بها ويأملون في تشريكهم في أخذ القرار فهم وحدهم يعرفون مكمن الداء ويستطيعون إقتراح الحلول الكفيلة بتخطي المرحلة الصعبة. لكن أولا لا بد من توفير الأمن الذي كان المنتوج الأول الذي يسوق لتونس وربما هو الإغراء الوحيد الذي كان يجلب السائح الأوروبي لأن عامل البحر والشمس وحتى الأسعار المغرية موجود في بلدان أخرى مجاورة وسياحتها متطورة جدا بالمقارنة مع السياحة في تونس. أمر آخر لا بد من الإشارة إليه ألا وهو عدد السياح الوافدين إلى تونس فهو لا يعكس نجاح أو فشل الموسم السياحي إذ أن نوعية السواح الوافدين متدنية للغاية علاوة على أن ثمن إقامتهم بخس ولا يغطي في غالب الأحيان الكلفة لذلك فإن حديث الوزير عن حلمه ب 7 ملايين سائح هذه السنة سيصطدم بالكلفة الباهظة وتدني الخدمات وغياب المنتوج و... لذلك لن يطمع في القدوم إلينا سوى سائح مفلس يريد استغلال فرصة استماتة التونسي لإنقاذ سمعة بلاده بأي ثمن.

خبير اقتصادي:الحلّ في تحويل وزارة السياحة إلى وزارة سيادة
أكد الخبير الاقتصادي مراد الحطاب ل«التونسية» أن وزير السياحة الجديد جمال قمرة بدأ بالتحرك منذ الأيام الأولى لتوليه منصبه بزيارة عدة دول أجنبية وأدلى بتصاريح لا سيما على هامش معرض دبي للسياحة مؤكدا أن قطاع السياحة هو القلب النابض للإقتصاد التونسي بتشغيله خمس اليد العاملة النشيطة. وأشار إلى أن الوزير تحدث بإطناب عن الآفاق الواعدة للقطاع باعتبار وجود ملفات عديدة لمستثمرين خليجيين وآسيويين يرغبون في الإنتصاب بتونس وركز في حديثه على أن «البيكيني» والكحول سيبقيان كما ان نسبة استقطاب السائح الخليجي تبلغ 1 بالمائة وأن السلطة ستعمل على الترفيع فيها للإبتعاد عن التعويل بالأساس على السائح الأوروبي. وأكد محدثنا أن كلام الوزير يستدعي التوقف عند عدة نقاط لعل أولها أنه لم يتطرق إلى معاناة القطاع من الحملة الشرسة التي تستهدفه باعتبار حجم ديونه التي تمثل في الواقع 18 بالمائة من الديون المتعثرة الإجمالية في تونس مقابل 24,6 بالمائة كنسبة قطاعية إجمالية حسب إفادة تقرير مؤسسة «فيتش رايتنغ» الصادر في آخر ديسمبر 2012. من ناحية أخرى قال الخبير الاقتصادي أن ما يتهدّد القطاع أيضا هو إقرار قانون يسمح بالإستحواذ على 165 وحدة سياحية من جملة 630 وحدة مصنفة والتفريط فيها لصندوق يشتري ديونها بربع قيمتها الإسمية بعد طرح الفوائد المعلقة. وبيّن محدثنا انه كان من الأجدر الحديث أيضا عن أن نسبة الإستقطاب قد تراجعت خلال العشريتين الأخيرتين من 17 بالمائة إلى 4,7 بالمائة مما أثر على مداخيل القطاع أمام تضخم مصاريفه (127 بالمائة زيادة في نفقات الكهرباء و40 بالمائة زيادة في فاتورة الماء و20 بالمائة ارتفاع في الأجور).
وبيّن السيد مراد الحطاب أن لا أحد سمع بمسألة السيّاح الخليجيين ومشاريع أصحاب المال والاعمال المقدمة من قبلهم لم يسمع بها أحد وأنه لم يفصح أي مستثمر عن نيته القدوم الى تونس وذلك لعدة أسباب أولها أن سلوك السائح الخليجي يختلف كثيرا عن سلوك السائح المتعود على الوجهة التونسية والتي لا تمثل مركز استقطاب لمثل هذا الصنف من السياح. وأضاف ان المهم للمستثمر الخليجي أو الآسيوي هو بالأساس الإستثمار العقاري. وأشار الخبير إلى أن تدني البنية الأساسية ومعاناة الباعثين الشبان من تجاوزات قانونية ومالية من قبل بنوك التنمية السياحية التونسية الخليجية سابقا والتي أجبرت البعض منهم بحكم ارتفاع هوامش ربحها إلى تسديد 3 أضعاف دينهم إلى جانب الضغط الجبائي المسلط على القطاع (28 بالمائة) عوامل تساهم إلى حد كبير في تدهور القدرة التنافسية للسياحة التونسية.وقال محدثنا انه قبل التفكير في استقطاب مستثمرين من الحجم الكبير من الاجدر حماية المستثمر التونسي ودعم علاقته بالأسواق التقليدية وذلك من خلال سن قانون تحديد التعريفات وإيقاف سياسة الإغراق التي يمارسها بعض مهنيي السياحة.
وفي جانب آخر أكد محدثنا أن الإستثمار في ظل وجود مخاطر من جميع الأصناف والأشكال يعتبر أمرا مجانبا للواقع إذ أن الدوافع التي تجعل أي مستثمر يقدم على ضخ أموال في بلد ما هي وجود استراتيجيات تضمن له الربح حسب سياسة استثمارية محددة وفي إطار نسبة مخاطر يقدم عليها والملاحظ لدى الجميع أنه لا يوجد لتونس اليوم استراتيجية سياحية ويكفي الإطلاع على الموقع الوطني للسياحة والمواقع التابعة لها لاكتشاف وجود إحصائيات تغيب عنها التحاليل وتشريك أهل المهنة.وفي تعليقه على حديث الوزير حول تحويل جزيرة جربة إلى منطقة سياحية بيئية بالكامل بعد عامين بكلفة 16 مليار دينار أكد محدثنا أن هذا المبلغ يكفي لتحويل تونس برمتها إلى بلاد صديقة للبيئة وأنه رقم يمكن أن يستثمر في عدة أبواب أخرى علما أن ميزانية التنمية لا تتجاوز 6 مليارات.
وأكد محدثنا أنه كان من الأجدر التدخل لإصلاح القطاع السياحي قبل هذه السنة التي ستشهد حسب كل المؤشرات وتصريحات الممارسين للمهنة نقصا لن يقل عن 30 بالمائة وبين أنه لا بد لوزارة السياحة أن تتحرك لرفع 700 ألف طن من القمامة المكدسة في المدن الكبرى لا سيما السياحية منها وبالذات جربة.
أما بخصوص «البيكيني» والكحول فقد أوضح مراد الحطاب أنهما نواتج أو خدمات سياحية ومسألة شخصية وأنه لا توجد في أي بلد سياحي فنادق تمارس التفرقة على أساس اللباس أو احتساء الناس لأي مشروب أيا كان نوعه.
وأضاف محدثنا أن الأزمة العميقة التي يجب الحديث عنها اليوم هي أزمة النقل الجوي مشيرا الى أن الخطوط التونسية في وضعية أحادية الإستغلال والى أنه لا يمكن استقطاب السياح إلا بخلق شركات متفرعة عنها تطبق تسعيرات مخفّضة على غرار التجربة الفرنسية لجلب السياح. وأن هذا الأمر لن يضرّ بمصالح الخطوط التونسية إذ سيقع إدماج العملة في الشركات الفرعية في الشركة الأم مع الحفاظ على كافة الإمتيازات.
وبيّن محدثنا ان دور الوزارة كبير على مستوى التفاوض حول الأسعار مع الشركات العالمية الكبرى لاستقطاب السواح وإجبارهم على التعامل بالعملة الصعبة ومنح المؤسسات السياحية امتيازات المؤسسات المصدرة وذلك في إطار تصنيف للتعريفات والحد من تكاثر تطبيق خدمات «أل أنكلوزف» التي يتم التعامل بها بشكل فوضوي.
وأوضح الخبير أن قطاع السياحة يمثل المنقذ الوحيد للإقتصاد لا سيما في الظرف الحالي إذ يستطيع تجاوز العجز في الميزان التجاري بنسبة 62 بالمائة كما أنه يدرّ ما يناهز 19 بالمائة من العملة الصعبة ويضمن إلى حدّ كبير خدمة الدين الخارجي المتفاقم في تونس دون اعتبار أن مدنا كاملة تعيش على السياحة ولذلك فإن الارتقاء بوزارة السياحة إلى وزارة سيادة مثلما هو الشأن في المغرب تدير الثقافة والنظافة وتعدل السوق أمر مصيري لهذه البلاد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.