«جمال الماجري» فلاّح من سبيطلة، رفض النزوح من منطقته كما يفعل بعض الشباب مفضلا الإستثمار في العمل الفلاحي وإستقطاب بعض العائلات المجاورة التي أصبحت تشتغل معه وتقتات من العمل الفلاحي، يقول أنه إختار أرضا قاحلة لا ماء ولا حياة فيها ،تبلغ مساحتها 117 هكتارا وقام بدارسة قدّمها إلى ديوان الوسط الغربي بالقصرين لتحويلها إلى «جنّة» على وجه الأرض وطلب قرضا من البنك الفلاحي ب 870 ألف دينار لإنجاز هذا المشروع الضخم. وأضاف : «لقد طلبت من البنك قرضا على أمل الحصول على هذا المبلغ كاملا لإنجاز المشروع في أسرع وقت وحصد النتائج، وقد منحني البنك القرض المتفق عليه ولكن على عدة أقساط ممّا أدّى إلى تعطيل المشروع وربما فشله لاحقا». وقال : «في 2005 تحصلت على مبلغ مالي يقدر ب122 ألف دينار لإقتناء الأرض،وفي 2006 تم منحي 64 ألف دينار لحفر الآبار». وأكدّ انه اثناء حفر الآبار وجد مياه عذبة في الأرض، وهي ذات جودة عالية، وقال انه حفر بئرا عميقة وتحصل من البنك على مبلغ يقدر ب26 ألف دينار لتجهيز البئر وقسطا آخر ب 9 آلاف دينار تحصل عليها في 2008 لإنجاز الأشغال الكهربائية ولإقتناء بقية التجهيزات الضرورية». وقال أنه من بين المفارقات التي حصلت انه كانت تصله مطالب لسداد القرض والمال لم ينزّل بحسابه البنكي بعد، فيضطرّ في كل مرّة إلى القيام بمطلب مذكرّا البنك انه لم يتحصل على القرض بعد. وأشار «الماجري» إلى انه تحصل في 2009 على مبلغ يقدر ب171 ألف دينار لبناء مجمع مائي وإسطبل للأغنام وتربية نحو 150 رأس غنم وزراعة نحو 4000 شجرة زيتون على مساحة تقدر ب 20 هكتارا وريّها يطريقة قطرة قطرة . وقال :«لقد استغليّت جزءا بسيطا من الأرض لأن القرض البنكي كان يصلني عبر أقساط وهو ما لم يسمح لي باستغلال كل المساحة التي تتطلب إمكانيات مالية كبيرة» مضيفا : «في 2010 و2011 غرست أشجار الزيتون وقدّر بعض المختصين مداخيل هذه الأشجار بنحو 80 ألف دينار سنويا في مرحلة الإنتاج». وقال للأسف طالبني البنك بتسديد جزء من القرض رغم أن الأشجار لا تزال غير منتجة، مشيرا إلى أنها تتطلب سنتين على الأقل لتنمو. وأكدّ انه مطالب بتسديد 10 بالمائة من المبالغ التي تحصل عليها وهذا غير ممكن في الوقت الراهن،مؤكدا انه طلب من «البنك الفلاحي» مهلة بسنتين ولكن جوبه مطلبه بالرفض الشديد، وقال ان عدول التنفيذ «إنهالوا» عليه مطالبين إياه بالتسديد أو بيع الأرض وبالتالي فقد أصبح المشروع برمّته في مهبّ الريح. قصة «جمال» وصراعه مع «البنك الفلاحي»والذي يعرفه القاصي والداني في «سبيطلة» لم يقف عند هذا الحدّ ، بل قال انه مهدّد ايضا بدخول السجن بسبب إقتنائه لجرار فلاحي في 2010 بمبلغ 64 ألف دينار عن طريق شيكات وهذه الشيكات دفع جزءا منها ولكنه عاجز عن دفع البقية . وإعتبر «الماجري» ان الآداءات البنكية أثقلت كاهله وان الديون تراكمت بنسق سريع وبالتالي فإن مصيره بات غامضا ومشروعه مهدد بالفشل وقال: «طلبت تسخير خبراء من البنك لمعاينة المشروع لأني طلبت مهلة من الوقت لأتمكن من تسديد الديون ورغم أني وعدتهم أن النتائج تكاد تكون مضمونة في المستقبل ولكن البنك لم يرحمني ولم يمهلني المزيد من الوقت». وأكدّ انه إستغل جزءا بسيطا من الأرض، والبقية لا تزال غير مستغلة وقال إنه بإمكانه زراعة الخضروات وبعض الزراعات الورقية فقط لو وجد الإمكانيات المادية اللازمة. وقال محدثنا: «عندما أقمت هذا المشروع الفلاحي واستغليّت هذه الأرض التي يحيط بها القحط والجفاف والمساحات البورالشاسعة من كل مكان ،عادت الكثير من العائلات والشباب الى المنطقة لأن الكثير منهم هجروا نحو المناطق المجاورة للعمل في مجال البناء وبالتالي فقد ساهم هذا المشروع في خلق مواطن للرزق رغم العثرات التي واجهها». واضاف : «لو يرحمني البنك وينجح المشروع كما خططت سابقا ،سأستقطب ما لا يقل عن 50 عائلة في النشاط الفلاحي». فهل يجد هذا «الفلاّح» من يأخذ بيده وينقذ مشروعه من الفشل؟ أم ان الأرض ستعود بورا كما كانت وتنطلق معها مآسي العديد من العائلات .