رئيس الجمهورية قيس سعيّد.. المفسدون... إمّا يعيدون الأموال أو يحاسبهم القضاء    فاتورة استيراد الطاقة لا تطاق .. هل تعود تونس إلى مشروعها النووي؟    في علاقة بالجهاز السرّي واغتيال الشهيد بلعيد... تفاصيل سقوط أخطبوط النهضة    مذكّرات سياسي في «الشروق» (5) وزير الخارجية الأسبق الحبيب بن يحيى... يتكلّم الصادقية حاضنة المعرفة والعمل الوطني...!    أخبار المال والأعمال    تقديرات بانحسار عجز الميزانية الى 6.6 ٪ من الناتج المحلي    مع الشروق .. «طوفان الأقصى» أسقط كل الأقنعة.. كشف كل العورات    مع الشروق .. «طوفان الأقصى» أسقط كل الأقنعة.. كشف كل العورات    مزاد دولي يبيع ساعة أغنى راكب ابتلعه الأطلسي مع سفينة تايتنيك    الرابطة الثانية (ج 7 إيابا) قمة مثيرة بين «الجليزة» و«الستيدة»    مانشستر سيتي الانقليزي يهنّئ الترجي والأهلي    ترشح إلى «فينال» رابطة الأبطال وضَمن المونديال ...مبروك للترجي .. مبروك لتونس    فضاءات أغلقت أبوابها وأخرى هجرها روادها .. من يعيد الحياة الى المكتبات العمومية؟    تنديد بمحتوى ''سين وجيم الجنسانية''    ابتكرتها د. إيمان التركي المهري .. تقنية تونسية جديدة لعلاج الذقن المزدوجة    الكاف..جرحى في حادث مرور..    نبيل عمار يؤكد الحرص على مزيد الارتقاء بالتعاون بين تونس والكامرون    استشهاد خمسة فلسطينيين في قصف لطيران الاحتلال لمناطق وسط وجنوب غزة..#خبر_عاجل    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    ماذا في لقاء وزير الخارجية بنظيره الكاميروني؟    طقس الليلة    تسجيل مقدّمة ابن خلدون على لائحة 'ذاكرة العالم' لدى اليونسكو: آخر الاستعدادات    بطولة الرابطة 1 (مرحلة التتويج): حكام الجولة الخامسة    البطولة الافريقية للجيدو - ميدالية فضية لعلاء الدين شلبي في وزن -73 كلغ    توزر: المخيم الوطني التدريبي للشباب المبادر في مجال الاقتصاد الأخضر مناسبة لمزيد التثقيف حول أهمية المجال في سوق الشغل    نابل: الاحتفاظ بشخص محكوم بالسجن من أجل "الانتماء إلى تنظيم إرهابي" (الحرس الوطني)    أكثر من 20 ألف طالب تونسي يتابعون دراساتهم في الخارج    التوتر يشتد في الجامعات الأمريكية مع توسع حركة الطلاب المؤيدين للفلسطينيين    مواطن يرفع قضية بالصافي سعيد بعد دعوته لتحويل جربة لهونغ كونغ    مدير عام وكالة النهوض بالبحث العلمي: الزراعات المائية حلّ لمجابهة التغيرات المناخية    الجزائر تسجل حضورها ب 25 دار نشر وأكثر من 600 عنوان في معرض تونس الدولي للكتاب    المؤرخ الهادي التيمومي في ندوة بمعرض تونس الدولي للكتاب : هناك من يعطي دروسا في التاريخ وهو لم يدرسه مطلقا    كتيّب يروّج للمثلية الجنسية بمعرض تونس للكتاب؟    وزارة التجارة تتخذ اجراءات في قطاع الأعلاف منها التخفيض في أسعار فيتورة الصوجا المنتجة محليا    الرابطة 1 ( تفادي النزول - الجولة الثامنة): مواجهات صعبة للنادي البنزرتي واتحاد تطاوين    افتتاح المداولات 31 لطب الأسنان تحت شعار طب الأسنان المتقدم من البحث إلى التطبيق    تضم فتيات قاصرات: تفكيك شبكة دعارة تنشط بتونس الكبرى    يلاحق زوجته داخل محل حلاقة ويشوه وجهها    عاجل/ إصابة وزير الاحتلال بن غفير بجروح بعد انقلاب سيارته    القلعة الصغرى : الإحتفاظ بمروج مخدرات    تراجع إنتاج التبغ بنسبة 90 بالمائة    هام/ ترسيم هؤولاء الأعوان الوقتيين بهذه الولايات..    تقلص العجز التجاري الشهري    الشابّة: يُفارق الحياة وهو يحفر قبرا    السعودية على أبواب أول مشاركة في ملكة جمال الكون    عاجل/ تحذير من أمطار وفيضانات ستجتاح هذه الدولة..    أخصائي في أمراض الشيخوخة: النساء أكثر عُرضة للإصابة بالزهايمر    التشكيلة المنتظرة للترجي في مواجهة صن داونز    تُحذير من خطورة تفشي هذا المرض في تونس..    عاجل : القبض على منحرف خطير محل 8 مناشير تفتيش في أريانة    دورة مدريد : أنس جابر تنتصر على السلوفاكية أنا كارولينا شميدلوفا    أمين قارة: إنتظروني في هذا الموعد...سأكشف كلّ شيء    هرقلة: الحرس البحري يقدم النجدة والمساعدة لمركب صيد بحري على متنه 11 شخصا    وصفه العلماء بالثوري : أول اختبار لدواء يقاوم عدة أنواع من السرطان    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رؤى عمالية للقطاع الفلاحي في تونس الواقع المكبل والامكانات الواعد في كل من ولايات (الكاف، سيدي بوزيد، قفصة)
نشر في الشعب يوم 12 - 05 - 2012

رغم ما يمثّله هذا القطاع من اهمية كبرى في الاقتصاد الوطني فإنّه لم يستطع أن يعكس كافة الممكنات التي تتوفر عليها البلاد بما انه وحسب كل التقديرات لا يزال قادرا على خلق آلاف مواطن الشغل الجديدة وعلى استيعاب استثمارات لا يشك أحد في مردوديتها العاجلة والآجلة. لذلك عكف الاتحاد العام التونسي للشغل من خلال المجهودات التي يبذلها قسم الدراسات والتوثيق على اصدار دراسات علميّة يتناول من خلالها واقع التنمية الجهوية في المناطق الداخلية، واهمّها ثلاث دراسات الأولى صدرت بتاريخ نوفمبر 2006 بعنوان «مقاربة نقابية للاجابة على اشكاليات التنمية بولاية الكاف: مقترحات للتجاوز» والثانية بتاريخ أوت 2010 بعنوان «التنمية الجهوية بولاية سيدي بوزيد بين الواقع المكبّل والامكانيات الواعدة» والثالثة بتاريخ نوفمبر 2010 بعنوان «التشغيل والتنمية بولاية قفصة: الواقع والآفاق».
حرصنا في ملفنا هذا على نشر الأجزاء الخاصة منها بقطاع الفلاحة في الولايات الثلاث (الكاف، سيدي بوزيد، قفصة) مساهمة في التعريف بواقع القطاع الفلاحي والامكانات الواعدة التي يزخر بها.
ولاية سيدي بوزيد غنيّة ومن سماتها العطاء:
تمثّل الفلاحة العمود الفقري في اقتصاد ولاية سيدي بوزيد، وهي في نفس الوقت تؤمّن جانبا هاما من غذاء كل التونسيين والتونسيات.
يمسح الوسط الغربي 1.25 مليون هك منها 10٪ سقوي، وتغطّي الجهة نحو 20٪ من الانتاج الفلاحي بالبلاد ممّا يجعل منها من المصادر الأساسية بل المصدر الأساسي في تغطية حاجيات البلاد من الموارد الفلاحية رغم العديد من الصعوبات والعوائق.
نصيب سيدي بوزيد من الإسهام في هذه الثروة داخل الوسط الغربي:
بين تقييم الدراسة حول آفاق التنمية الصناعية لجهة الوسط الغربي أنّ ولاية سيدي بوزيد تمثّل أوّل قطب فلاحي على المستوى الوطني وتعتبر الفلاحة أهم نشاط اقتصادي في الولاية إذ تشغل ما يقارب من نصف سكانها النشطين وهذا ما يميّزها في مستوى الجهة حيث توفّر للوسط الغربي 51٪ من إنتاج الخضروات و23٪ من إنتاج الأشجار المثمرة (36٪ زيتون) و100٪ من إنتاج الفلاحة البيولوجية و21٪ من إنتاج الحبوب و51٪ من إنتاج الحليب.
كما توفّر ولاية سيدي بوزيد أكثر من 50٪ من منتوج البصل والثوم والجزر، ورغم أهميّة هذا الانتاج فإنّ ولاية سيدي بوزيد لم تتمتّع بإمكانيات تحويل إنتاجها على عين المكان لدفع القيمة الاقتصادية بالولاية.
ومن سمات الوضع في سيدي بوزيد أنّ اللاتوازن يبقى قائما في عمليّة الأخذ والعطاء بين الجهات الغربية والساحلية وأنّ هذا العطاء الذي توفره سيدي بوزيد وجهة الوسط الغربي من اللوازم الحياتية الغذائية الى الجهات الأخرى يبقى بدون «مقابل» في مستوى الاستفادة ممّا تحظى به جهات أخرى من تصنيع وخدمات ودفع وتحفيز للاستثمار.
فالمناطق التي بدأت تتميّز بفلاحة عصرية ذات الانتاجية العالية انحصرت في بعض المناطق كالرقاب مثلا حيث وقع التفويت في الكثير من الضيعات التي امتلكها واستثمرها باعثون من غير متساكني الولاية بعد اشترائها بأثمان زهيدة من فلاحين صغار نتيجة حاجتهم الماسة الى الأموال ولعدم قدرتهم على الاستثمار بسبب عزوف البنوك عن تقديم القروض ولأنّ مردودية هذه الأراضي محدودة ولا تمكن من إعالة أسرة، وفي آخر المطاف لم تستفد سيدي بوزيد من منتوجاتها ولا من مداخيلها. ومن نائج ذلك هجرة المزارعين الأصليين أو تحويلهم إلى عملة داخل أراضيهم.
إشكاليات الفلاحة في سيدي بوزيد وإمكانيات معالجتها:
لا يمكن التطرّق إلى قضايا القطاع الفلاحي بمعزل عن المسألة العقارية والموارد المائية والبُنى التحتية، وغيرها...
المسألة العقارية:
توجد بالولاية ثلاثة أنواع من الأراضي:
• الأراضي التعاضدية (مبروك، النصر، النجاح).
• الأراضي الإشتراكية التي تطغى عليها العروشيّة وهي متواجدة بالجنوب. هناك برنامج تسوية في طور الإنشاء إلاّ أنّ التسوية حاليا تقع بالحوز والتصرّف.
• ملك الدولة الخاص.
تاريخيا كانت الأراضي مشاعة عندما ظهرت تربية الماشية، في آخر القرن الثامن عشر والقرن التاسع عشر فأصبحت الملكية العقارية بالحوز والتصرّف.
أنواع الملكيات العقارية وأشكال التسوية:
ومن أنواع الملكيات العقارية عقود بالبيع والكراء شهائد إسناد إثر تسوية أقرّتها الدولة سنة (1957) حيث تمّ تحديد الهكتار آنذاك ب 300د.
وبقانون 1991، عوضت شركات الاستثمار Les Agrocombinats الاّ أنّ القانون لم يفصل بين الخاص وبين ديوان الأراضي الدولية OTD et Privé ممّا أحدث إشكالا كبيرًا، ففي الرقاب مثلا أصبحت أراضي سراب بقمودة (آلاف الهكتارات) ملكا للدولة الاّ أنّه يبدو أنّ هذه الأخيرة لم تحسن التصرّف فيها، إذ يقع توزيع الأراضي بطريقة عشوائيّة وتكون أملاك الدولة غير مراقبة.
وهكذا فشلت 5 من بين 6 شركات إحياء وفشلت التنمية الفلاحية بالولاية حيث تمتّع المستثمرون مدّة 10 سنوات بالدعم واستثمروها ثمّ تركوا الوضع الاجتماعي متردّي، عملة بدون أجور وتمّ استرجاع 3 منها لديوان الأراضي الدولية. وبالتالي تكون معالجة الأوضاع بقرار سياسي جريء لتحقيق التنسيق بين المركبات من ناحية ولتسوية وضعيات الأراضي القديمة العائدة إلى عهد البايات من ناحية أخرى.
الإشكال القائم اليوم يتمثّل في كون الأراضي الدولية غير قابلة للبيع بينما يتواجد مواطنون لهم عقود Titres Bleus عائدة إلى سنة 1931 أو آخرون يملكون وعودًا بالبيع لم تتمّ تسويتها. ولم تفلح الدولة في تسوية الوضعية إذ رفض أغلب المواطنون سعر الهكتار الذي حدّدته الدولة ب 300د.
وتكون معالجة تشتّت الملكية بتمكين أهلها من التعويض العيني أو المادي وسنّ تشريع يحيي هذا الإجراء. أمّا بالنسبة لملكية أراضي الدولة فيمكن أن يتمّ بتحويز وإسناد الأراضي الاشتراكية لأصحابها ومدّهم بالوثائق الرسمية المعترف بها قانونيا. وبالنسبة للوضعيات العقارية للأراضي الدولية المسندة سلفا تتمّ تسويتها باسنادها إلى أصحابها ومدّهم بالوثائق القانونية اللازمة (حجج الملكية).
كما يتعيّن حصر الأراضي الدولية المنتشرة بربوع الولاية والمحاطة بالشطوط والأودية والجبال التي يقع استغلالها والتصرّف فيها من طرف المواطنين بصفة عشوائية وغير قانونية.
والحلّ أن يقع إسنادها للفنيين على شكل مقاسم لامتصاص البطالة في صفوف الفنيين والمهندسين الشبّان خريجي المدارس والمعاهد الفلاحية.
المائدة المائية:
• تتميّز المائدة المائية بملوحتها وعمقها ويفتقد كامل جنوب الولاية (منزل بوزيان، المكناسي، مزونة وجنوب معتمدية الرقاب) للماء في الوقت الذي ترتفع فيه استنكارات الاستغلال المكثّف وغير المدروس للمكناسي ويتساءل البعض لمَ لم تتخذ الدولة احتياطاتها في ذلك بالتحجير؟ ولماذا لم تقع تجربة العيون الجارية؟
• وهناك إمكانية تخزين مياه الشتاء واستغلالها حسب الضرورة خاصّة وأنّ مياه الأودية مثل واد الفكه وغيره تعبر المناطق دون الاستفادة منها والتكثيف من زراعة الأشجار المثمرة والزراعات العلفية والرعوية على ضفافها وزيادة السدود مما يسهّل عمليّة التحكم في هذه المياه.
• أمّا بخصوص الآبار العميقة فتجدر الصيانة والعناية بالمعدّآت المتداعية وتشجيع الخواص على إحداث آبار عميقة وذلك بالتمويل اللازم والدعم بالمنح.
• وفي المناطق الجبلية يمكن تعميم البحيرات وتجهيزها.
• وتتمّ مراعاة خصائص الجهة إذا ما وقع استعمال سلالات بذور منتجة ومتأقلمة عوضا عمّا هو موجود على الساحة.
• وفي هذا الشأن يبرز تفعيل دور ديوان تربية الماشية والمصالح المختصّة في تبليغ المعلومة وتسهيلها وتداولها بين المربين.
تربية الماشية تتميّز بها ولاية سيدي بوزيد:
• تمثّل ولاية سيدي بوزيد خصائص المجتمع الرعوي الذي تحوّل إلى مجتمع فلاحي مستقر. لقد كانت الملكية على الشياع في أواخر الدولة المرادية، وبدأ الحوز والتصرّف وبدأت الملكية مع بداية الدولة الحمودية، فكان تشجيع تربية الإبل خاصة جنوب الصحراء وتواجد تربية البقر الاّ أنّ تربية الماعز بقيت محدودة.
• لكن تشتّت الملكية أثّر على تربية الماشية، هذا علاوة على النقص في الإرشاد الفلاحي ممّا يستوجب تكثيف الحملات الوقائية حسب رزنامج فنية ومدّ المربّين بها وأخذ التدابير الضرورية في الإبّان عند ظهور الأمراض الفجئية بالقطعان ومدّهم بالأدوية اللازمة.
• كما لم يقع استغلال الموارد المحلية بتشجيع تربية الإبل والتي تكاد تنقرض بالجهة رغم تأقلمها مع مناخ المنطقة وباعتبارها غير مكلّفة من ناحية شراب الماء.
تحسين سلالة الأغنام واستعمال التقنيات الحديثة كتجميع الولادات
• يكون اعتماد الإرشاد الفلاحي في ذلك بتكثيف الأيّام الإعلامية الخاصة بالفلاحين وتناول جميع المواضيع الخصوصية بكل قطاع (تربية الماشية، الزراعات الكبرى، الأشجار المثمرة، الأعلاف)، وربط الإرشاد بالبحوث وتوفير وسائل العمل وجعلها في متناول الفلاحين كمًّا وكيفًا (الفنيون المختصون في كل ميدان، وسائل النقل، الوثائق الفنية اللازمة والمعتمدة والحديثة).
الإنتاج الحيواني
بخصوص الإنتاج الحيواني فهو يعاني من ظواهر اقتصادية واجتماعية كظاهرة الاحتكار والغش وتبعيّة المزارعين لأصحاب المعامل وكذلك من معوقات أخرى تقنية كالإغفال عن التلقيح وغيره.
1) وينادي متساكنو الولاية بمقاومة احتكار الأعلاف وذلك بتكثيف المراقبة والتشجيع على بعث وحدات إنتاج علفية بالجهة، علما أنّ الأعلاف الموجودة حاليا سيئة ومغشوشة ممّا نتج عنه نقص في إنتاج الحليب وتأخير الولادات. كما أنّ المربي ليس له اختيار في اقتناء هذه المادة.
2) كما يطالبون بتعميم التلقيح الاصطناعي والتكيّف مع المراقبة.
3) وفي نظر أبناء الجهة يبقى الفلاح «رهينة» لأصحاب المعامل لأنّه لتشجير منتوجه يلتجئ إلى هؤلاء الذين يمتلكون الأدوات الفلاحية اللازمة لهذه العمليّات ممّا يجعل الفلاح تحت رحمتهم.
- أسباب عزوف القطاع الخاص
كلّ هذه الإشكاليات تؤكد عزوف القطاع الخاص عن الاستثمار في الفلاحة ويرجع ذلك لعدّة أسباب منها:
ضعف الموارد المالية
الأداء الضريبي
ارتفاع سعر المواد الكيميائية
تراجع دعم الدولة للمحروقات
تراجع دعم الدولة للقمح والشعير (زراعة وعلف) ممّا نتج عنه تراجع في عدد رؤوس الأبقار والأغنام.
عدم دعم الدولة لكهربة الآبار السطحية
تراجع دعم الدولة للاستثمار الفلاحي الذي كان في المخطّط العاشر 797. 263 م د وأصبح 399. 76 م د في المخطّط الحادي عشر.
التمويل والتشجيعات
• قروض طويلة المدى
يقع إسناد قروض لشراء الأراضي ثمّ يتملّص البنك من إقحام عمليّة تمويل التجهيزات ويصبح الفلاح مُطالبا بتسديد الأقساط قبل إتمام المشروع والدخول في عمليّة الانتاج. فلابد من آلية لدفع البنك لإتمام تمويل كامل المشروع في آجال معقولة حيث أنّ القانون ينصّ على أن يقع تمويل المشاريع الفلاحيّة في أجل لا يتجاوز ال 45 يوما.
• قروض قصيرة المدى
بالنسبة لهاته القروض تبدو الإجراءات طويلة ومعقدة وتتجّه المطالبة بتبسيط الإجراءات وتقليص آجال التمويل وإعطاء أولوية لبعض القطاعات على غرار ماهو معمول به في الاقتصاد في الريّ كقطاع تربية الماشية والعناية بغابات الزياتين وتشجيع ريّها خاصّة في سنين الجفاف.
واقع القطاع الفلاحي في ولاية قفصة
الوضع الفلاحي بالجهة عرف تطورا هاما منذ سنوات واعتمد هذا التطور على استعمال مكثف للموارد الطبيعية خاصة منها المائية الشيء الذي اصبح يمثل عائقا لاستمرار هذا التطور نظرا لمحدودية تعبئة هاته الموارد من جهة ولتراجع جودتها من جهة اخرى (مثل المساحات الرعوية والموارد المائية).
والمعلوم ان ولاية قفصة تتميز بوجود مساحات صالحة للفلاحة يصل حجمها الى 000 . 270 هك وتمثل حوالي 35٪ من جملة مساحة ولاية قفصة علما ان اهم الانشطة الفلاحية تخص تربية الماشية خاصة الغنم والماعز وزارعة الاشجار المثمرة خاصة الزيتون واللوز والفستق (حوالي 000 . 76 هك) والحبوب (000 . 60 هك) والعلف (حوالي 000 . 30 هك) والبقول (700 هك) والخضروات (4900 هك). كما تطورت في السنوات الاخيرة أنشطة جديدة تتمثل في زراعة اخرى فصلية (البطاطا والفقوس الخ...) الموجهة بنسبة لا يستهان بها للتصدير.
الوضع العقاري بولاية قفصة:
وكما هو الشأن بالنسبة لكامل ولايات الجنوب والوسط التونسي يتصف الوضع العقاري للأراضي تاريخيا بأهمية الاراضي الاشتراكية والاراضي الدولية وبمحدودية الاراضي الخاصة. وقد حاولت الدولة خاصة منذ أ واخر الثمانينات في اطار اللامركزية الاسراع بتصفية وتسوية الاوضاع العقارية للأراضي الاشتراكية عبر بعث مجالس وصاية محلية في كل معتمدية بجانب مجالس جهوية على نطاق الولاية.
الا ان الاوضاع العقارية بقيت دائما محل نزاعات وتمثل عوائق جدية امام النهضة التنموية بولاية قفصة. وعلى سبيل المثال نشير الى ان شركة فسفاط قفصة في السنوات الاخيرة عرفت عديد العراقيل العقارية بمناسبة انجاز أحواض تجميع الاوحال بالمظيلة والرديف. فالمظيلة جاء موقع الاحواض في أرض عرش موضوع نزاع بين عرشين: أولاد شريط وأولاد ثلجان. ولتفادي تأخير انجاز المشروع عمدت شركة فسفاط قفصة الى اختيار موقع اخر بأرض اشتراكية اخرى تابعة لمجموعة العكارمة.
وهذا الوضع يتكرر بالحوض المنجمي في كل المدن: المتلوي كلها قائمة على أراضي دولية وكذلك الشأن في الرديف بنسبة تتجاوز 90٪ ومن جهتها مدينة أم العرايس قائمة بالتساوي تقريبا على أراضي اشتراكية وأراضي دولية.
اما في الرديف فان شركة فسفاط قفصة قد أقامت حوض تجميع الاوحال في ملك الدولة الخاص المرسم عليه حق الاستغلال لفائدة الشركة المذكورة الا ان عرش أولاد بويحي قام بالاعتراض على الاشغال مطالبا بالتعويض اطلاقا من الاستظهار بمضمون اسناد أرض اشتراكية على وجه ملكية خاصة داخل حدود ملك دولة مسجل.
كما ان شركة فسفاط قفصة عرفت عديد العراقيل ذات الصبغة العقارية بمناسبة حفر الآبار بحثا عن المياه المستخدمة في غسل الفسفاط او بمناسبة تمرير قنوات الماء الخ...
وفي اغلب الاحيان تتعرض شركة فسفاط قفصة الى نزاعات في أراضي الدولة المرسم عليها حق الاستغلال من طرف الشركة وغالبا ما تكون هاته المشاكل ناتجة عن تداخل الاراضي الاشتراكية في الاراضي الدولية وعن اسنادات الملكية التي وقعت على وجه الخطأ.
وعموما فان المشاكل العقارية كانت من جملة الاسباب التي ساهمت في توتر العلاقات بين شركة فسفاط قفصة ومحيطها. رغم ان هذا المحيط غالبا ما يستفيد من وجود هاته الشركة كما تدل على ذلك المبالغ الطائلة التي دفعتها الشركة لمواجهة تكاليف اقتناء أراضي لانجاز مشروع مدّ قنوات من القويفلة نحو المتلوي
المستغلات الفلاحية:
وبجانب المشاكل العقارية بالجهة يجب كذلك الاشارة الى تشتت الملكية وصغر حجم المستغلات الفلاحية خاصة في الواحات علاوة على التوزيع غير العادل للأراضي.
وقد نتج عن هذا التطور في عدد المستغلات تراجع هام في متوسط حجم المستغلات الفلاحية في ولاية قفصة من 17،3 هك سنة 1995 الى 14،3 هك سنة 2005 اي بنسبة 17،3٪ علما ان نسبة هذا التراجع وصلت الى 42،7٪ بمنطقة الجنوب الغربي مقابل 8،9٪ فقط على المستوى الوطني. 41،7٪ من المساحات الفلاحية الصالحة للاستغلال توجد في مستغلات فلاحية حجمها دون 20 هك والمستغلات التي يفوق حجمها 50 هك تمثل 29،7٪ من المساحات الفلاحية مقابل 33٪ على المستوى الوطني.
5،2٪ فقط من المستغلات الفلاحية بقفصة تتجاوز مساحتها 50 هك. اضافة الى ان 5،2٪ من المستغلات اي المستغلين الفلاحيين يستغلون 29،7٪ من المساحات الفلاحية الصالحة للاستغلال.
بجانب الأراضي الاشتراكية والدولية هناك الاراضي الخاصة الموزعة على عديد الضيعات التي يقع استغلالها مباشرة بنسبة 98٪ مقابل 1،2٪ يقع استغلالها بطرق اخرى مثل الكراء، وهذه الوضعية تدل على تعلق كبير بالأرض خاصة مع غياب فرص بديلة للتحصل على الشغل، انطلاقا مما سبق فان الوضع العقاري للأراضي الفلاحية يتميز بجمود الهيكلة وبغياب سوق عقارية من شأنها ان تقود الى الرفع من متوسط حجم المستغلات الفلاحية واذا استمر الوضع على هاته الحالة فهذا من شأنه ان يزيد من عدد المستغلات ومن تقلص حجمها ومردودها الشيء الذي من شأنه ان يهدد مستقبل الفلاحة بهاته الولاية.
الموارد المائية:
كما تتميز ولاية قفصة بوجود مساحات فلاحية فانها كذلك تتمتع بموارد مائية تصل الى 221 مليون متر مكعب منها 100 مليون مياه سطحية والبقية جوفية.
ويوجد بولاية قفصة 30 مائدة مائية تحتوي على 121 مليون م3 اي 67٪ من الموارد المائية بالجهة. كما يوجد 17 مائدة عميقة وقع تشخيصها حوالي 95،1 مليون م3 وقد وقع تعبئة واستغلال الموارد المائية عبر عديد المنشآت المائية التي تم انجازها مثل سد سيدي عيش (بطاقة 33 مليون م3) وسد لالة (4،6 مليون م3) والسد الجوفي بأم القصاب (4،5 مليون م3) وسد واد الكبير بصدد الانجاز فضلا عن قرابة 230 بئرا عميقة و 7600 بئر سطحية منها 4345 مجهزة (المندوبية الجهوية الفلاحية 2008).
عموما رغم قساوة الظروف المناخية التي تميز ولاية قفصة (قلة الأمطار وعدم انتظامها، تكرار فترات الجفاف وصعوبة تعبئة الموارد المائية الخ...) الا اننا نلاحظ إقبالا هاما نسبيا على الاستثمار في القطاع الفلاحي اذ ان الاستثمار في هذا القطاع مثل في المعدل 26٪ من مجموع الاستثمارات المنجزة في ولاية قفصة اثناء الفقرة 2003 2007 مقابل اقل من 10٪ على المستوى الوطني. كما ان نسبة انجاز المشاريع الفلاحية حسب وكالة النهوض بالاستثمار الفلاحي قد وصلت الى 70٪ في نفس الفترة مقابل نسبة انجاز المشاريع الصناعية التي لم تتجاوز 22٪ في نفس الفترة (دون اعتبار الاستثمار المخصص لانجاز معمل الاسمنت) حسب وكالة النهوض الصناعة.
وقد مكنت الموارد المائية والمالية من تطوير الزراعات السقوية التي شملت سنة 2008، 796 . 16 هك منها 6226 هك مناطق سقوية عمومية و 10570 مناطق سقوية خاصة.
وقد اعتمدت هاته المناطق السقوية بنسبة 76،2٪ على الآبار السطحية و 22،4٪ على الآبار العميقة. علما ان هاته النسب تصل في كامل الجمهورية وعلى التوالي الى 47،6٪ و 25،1٪ (تحقيق في هيكلة المستغلات الفلاحية 2005). كما ان توزيع المساحات السقوية حسب الانتاج يبرز اهمية الاشجار المثمرة (زيتون، دقلة الخ...) التي تمثل 74٪ سنة 2005 مقابل 7،5٪ خضروات و 2،8٪ حبوب.
وبخصوص المساحات السقوية يجدر الاشارة الى الفوارق القائمة بين الواحات التقليدية المنتجة للدقلة وبقية المساحات السقوية، ذلك ان الواحات التقليدية لم تعرف تطورا ملحوظا لمساحاتها وهي تعاني في ولاية قفصة من نقص في الموارد المائية ومن شيخوخة المنشآت المائية رغم ما تتميز به من ارتفاع نسبة انتاج دقلة النور (حوالي 50٪ من انتاج الولاية) وقد أقر المخطط الحادي عشر برمجة تجديد شبكة المياه بالواحات على امتداد 2000 هك قصد انقاذ هاته الواحات من الضياع لكن يجب كذلك الاهتمام بنجاعة تدخل الجمعيات المائية التي تكاثرت دون تحسين أدائها وخدماتها.
أما بقية المساحات السقوية فتتميز بهيمنة زراعات الزيتون والخضروات والعلف واهمية القطاع الخاص وانجازاته في مجال ارتفاع عدد الآبار السطحية.
وقد قاد التطور السريع للفلاحة السقوية الى بروز بوادر الاستغلال المشط للموارد المائية. وقد وصلت نسبة استغلال المائدات السطحية قرابة 137٪ حسب المخطط الحادي عشر كما تختلف هاته النسبة من منطقة الى اخرى حيث تصل الى 125٪ في قفصة الشمالية و 147٪ في قفصة الجنوبية.
بجانب الزراعات السقوية تتميز ولاية قفصة في جهة الشمال خاصة في منطقة السباسب العليا بتنامي زراعة الاشجار المثمرة خاصة الزيتون والفسدق واللوز منذ سنة 1990. كما نسجل تنامي الزراعات الكبرى البعلية: حبوب، علف، الخ... لكن الزراعات تبقى مرتبطة ارتباطا وثيقا بالظروف المناخية.
المرعى وتربية الحيوانات:
أخيرا يمثل المرعى وتربية الحيوانات نشاطا تقليديا ومتناميا في ولاية قفصة بالمقارنة مع الجنوب الغربي.
ذلك ان ولاية قفصة تحتوي على قرابة 73٪ من مجموع الاغنام بالجنوب الغربي و 35٪ من الماعز وقد تطور في المساحات السقوية تربية الابقار الحلوب (6000 بقر حلوب) انتجت حوالي 22000 طن سنة 2008 اي اكثر من طاقة استهلاك الجهة مما ادى الى تحويل الفائض خارج ولاية قفصة نظرا لانعدام وحدة تحويل بالجهة.
والمعلوم ان تربية الماشية تبقى مرتبطة من جهة بما توفره المراعي من تغذية ومن جهة اخرى بسوق العلف نظرا لعجز الجهة في مجال العلف الذي يصل الى 70٪ اثناء السنوات العجاف. هذا الوضع يجعل الثروة الحيوانية في حالة هشة خاضعة للمتغيرات المناخية ولمتغيرات اسعار العلف.
وقد عرفت سنة 2008 حدوث الكارثتين معا: غياب الامطار وارتفاعا مشطا لأسعار العلف مما نتج عنه انخفاض عدد رؤوس الاغنام والماعز وصل الى 20 و 30٪ وفي عدد الابقار وصل الى 5٪ (حسب التقرير السنوي للمندوبية الجهوية للفلاحة لسنة 2005). كما عرفت هاته الفترة بالخصوص تهريبا هاما للحيوانات من قفصة الى الجزائر يساهم في تقليص عدد الماشية.
ومن المفروض ان يقود هذا الوضع الى اعادة النظر في دور الدولة في مجال الفلاحة خاصة في الجهات الداخلية وفي السنوات الصعبة.
لكن في العموم وبفضل نوعية التربية الملائمة للزراعات السقوية وخاصة الخضروات والبطاطا وبفضل توفر الموارد المائية والتجهيزات وتطور البنية التحتية فقد حققت الجهة تطورا هاما في ميدان الفلاحة قائما بالاساس على القطاع الخاص بالمعتمديات الشمالية والشرقية للولاية.
وقد بلغت الاستثمارات الفلاحية في القطاع الخاص 12 مليون دينار سنة 2007 و 20 مليون دينار سنة 2008 ومكنت هاته الاستثمارات من بعث 239 مشروعا وخلق 409 موطن شغل اضافيا.
وخصصت هاته الاستثمارات أساسا للزراعات السقوية وتربية المواشي ومن بين نتائج هاته الاستثمارات والجهود نسجل تطورا في الانتاج الزراعي من الخضروات وبطاطا آخر فصلية من جهة وانتاج الحليب واللحوم من جهة اخرى. (انظر جدول 45 مكرر) وقد بلغ انتاج البطاطا آخر فصلية سنة 2008 حوالي 18 ألف طن منها حوالي 3 آلاف طن معدة للتصدير والباقي للترويج الداخلي. وقد نما انتاج البطاطا الغير فصلية منذ 2003 وارتفعت المساحات المخصصة لذلك في المناطق السقوية وخاصة في قفصة الشمالية. وقد اصبحت ولاية قفصة تتصدر المرتبة الاولى في انتاج البطاطا الآخر فصلية.
ورغم ان هذا النوع من الانتاج مطلوب بكثرة وبالخصوص في الاسواق الألمانية والفرنسية والايطالية وبأسعار مشجعة على الانتاج (دينار للكلغ في المعدل) الا ان محدودية الموارد المائية المخصصة لهذا الانتاج (التي تمثل كذلك عائقا لتوسيع مساحات الاشجار المثمرة) تحول دون ارتفاع المساحات. كما تطور انتاج الحليب من 9 الاف طن في الثمانينات الى 12،9 ألف طن سنة 2008 أما انتاج اللحوم الحمراء فقد بلغت 10،5 ألف طن سنة 2008 في حين انها كانت تمثل حوالي 7 ألف طن في الثمانينات.
تطور الانتاج الفلاحي بولاية قفصة
بالرغم من التوسع الذي شهدته المساحات الفلاحية والتطور الفلاحي الحاصل يبقى النشاط الفلاحي خاصة بالمعتمديات المنجمية مرتكزا على النمط التقليدي والزراعات البعلية.
وتفتقر هاته المعتمديات لقاعدة فلاحية انتاجية تمكنها من بعث مشاريع فلاحية تحل محل النشاط المنجمي في غياب الاستثمارات اللازمة لكشف واستغلال الموارد المائية.
من أهم العراقيل التي تعطل التطور الفلاحي نذكر بالخصوص:
1 تشتت الملكية الذي لا يقتصر على الواحات فحسب.
2 تدني معدل المساحة الصالحة للزراعة للضيعة الواحدة.
3 عدم تصفية الأوضاع العقارية لقسط كبير من الاراضي مما يعقد عملية الاستثمار والاستغلال، حيث ان المساحة التي لم تشملها التصفية تقدر ب 71 ألف هكتارا اي حوالي 20٪ من جملة الاراضي الجماعية علاوة على الاشكاليات التي تخص الاراضي الاشتراكية والاراضي الدولية.
4 ضعف الأنشطة المكملة للقطاع الفلاحي كالخدمات والتكييف والتحويل.
5 عدم تنظيم مسالك الترويج وانعدام عقد الانتاج مع المصدرين وأصحاب وحدات الصناعات التحويلية الغذائية.
6 ضعف هياكل التأطير والتصرف في المنشآت المائية ونقص الامكانيات على الصعيد الجهوي والمحلي مما ادى الى استغلال مشط للموارد المائية المتوفرة من جهة ومشاكل فنية فيما يخص عملية الانتاج الفلاحي (تربية المواشي وزراعة البطاطا) من جهة أخرى.
7 وجود مصاعب كبيرة في التحصل على قروض فلاحية يجعل أغلب الفلاحين لا يلجؤون لطلبها.
 ان الفلاحين بقفصة يلجؤون الى طلب القروض اكثر من غيرهم وذلك لقلة الموارد المالية الذاتية حيث ان 16،6٪ من مجموع المشتغلين الفلاحيين يتقدمون بمطالب قروض مقابل 10،7٪ بالجنوب الغربي و 12،5٪ بكامل الجمهورية.
 ان نسبة مطالب القروض الملبات بولاية قفصة لا تفوق 29٪ مقابل 42٪ بالجنوب الغربي و 51٪ بكامل الجمهورية.
 ان تكاليف تهيئة الارض البور وحفر الآبار وتوفير المعدات لاخراج الماء مرتفعة نسبيا ولا يمكن تحملها من طرف الاغلبية الساحقة للفلاحين بولاية قفصة ذلك انه حسب تحقيقاتنا الميدانية تصل تكلفة الحرث العميق (من 1 الى 1،2م) للهكتار الى 500 دينار وحفر البئر بعمق 150م الى 000 . 30 دينار وشراء المعدات لاستغلال الماء الى 000 . 40 دينار الخ... هذا بجانب عدم توفير الضغط الكهرباء العالي haute tension (380 وات) وضرورة اقتناء المحول الكهربائي convertisseur من 220 الى 380 وات Watt.
8 وأخيرا محدودية الموارد المائية التي تمثل احدى اهم الاسباب التي تعوق النهضة الفلاحية بالجهة رغم وجود إقبال من طرف المستثمرين وآفاق واسعة لتحقيق اكثر تطور بهذا القطاع.
الناشطين في قطاع الفلاحة بجهة قفصة:
رغم كل المجهودات المبذولة لتطوير قطاع الفلاحة بولاية قفصة الا ان الفلاحة بهاته الولاية بقيت لا تشغل بكثافة اليد العاملة خاصة الماهرة منها. ذلك ان الأنشطة الفلاحية المهيمنة في هاته الولاية تبقى المرعى في المنطقة الجنوبية للولاية والاشجار المثمرة بعلي في المنطقة الشمالية للولاية. وتتميز هاته الانشطة بعدم استعمالها اليد العاملة بكثافة لهاته الاسباب لم يساهم القطاع الفلاحي بقفصة في خلق مواطن شغل الا بنسبة 14،5٪ من مجموع المشتغلين مقابل 18،5٪ على المستوى الوطني (إحصائيات 2008). كما تتراوح هاته النسبة من 4،5٪ في معتمدية المتلوي الى 47٪ من معتمدية سيدي عيش.
كما يتميز التشغيل الفلاحي بصبغته العائلية و الموسمية وضعف الاختصاص والدخل يصل عدد الناشطين المباشرين للعمل الفلاحي 29842 منهم قرابة 52٪ معينين عائليين و 43،5٪ رؤساء ضيعات فلاحية. اما الأجراء القارون فلا تتجاوز نسبتهم 4،7٪.
إلى جانب ضعف نسبة النشاط لدى المعينين العائليين. ذلك ان هاته النسبة لا تتجاوز 33،6٪ مقابل 69٪ لدى رؤساء المستغلات الفلاحية.
كما تجدر ملاحظة النسبة العالية (قرابة 60٪) من النساء العاملين الوقتيين بالفلاحة بولاية قفصة. علما ان العمل الوقتي يهم بالاساس الزراعات الكبرى تليها الخضروات والزيتون.
كما يشير (الجدول 49) أن ولاية قفصة تتميز بوجود نسبة عالية من الأجراء الفلاحيين من صنف النساء. وهاته النسبة تصل الى 25،2٪ وتأتي في المرتبة الثانية بعد قابس مقابل 8،3٪ على المستوى الوطني.
كما تجدر الاشارة الى ان نسبة المستغلين الفلاحيين الذين يخصصون كامل وقتهم للعمل الفلاحي تصل الى 25،5٪ مقابل 20،9٪ على المستوى الوطني و 18،5٪ في الجنوب التونسي و 38،6٪ في ولايات الشمال. كما ان هناك 27،4٪ يشتغلون اكثر من نصف الوقت في العمل الفلاحي بقفصة مقابل 23،5٪ على المستوى الوطني. علما ان نسبة النساء على رأس مستغلات فلاحية يصل الى 5٪ بقفصة مقابل 5،6 بالجنوب التونسي و6،4٪ بكامل الجمهورية. ورغم النسبة المرتفعة للذين يسخرون اكثر من نصف وقتهم للعمل الفلاحي (حوالي 53٪) الا ان قرابة 47٪ لا يخصصون الا اقل من نصف الوقت بالعمل الفلاحي.
وهاته الاوضاع ينتج عنها البحث على أنشطة اخرى بمقابل خارج ضيعاتهم الفلاحية. والملاحظ ان نسبة المستغلين الفلاحيين الذين يتعاطون أنشطة اخرى بمقابل قد ارتفعت بنسبة هامة ومرت من 24،7٪ سنة 1995 الى 42،5٪ سنة 2005. كما ان نسبة الذين لهم نشاط رئيسي خارج المستغلات الفلاحية قد ارتفعت من 22،2٪ سنة 1995 الى قرابة 31٪ سنة 2005 كما هو الشأن بالنسبة للذين يتعاطون نشاطا ثانويا قد ارتفعت من 2،5٪ الى 11،6٪ في نفس الفترة. علما ان قرابة 3/2 من المستغلين الفلاحيين يسكنون المناطق الحضرية و 3/1 فقط يقيمون بضيعاتهم الفلاحية.
العراقيل امام تطور القطاع الفلاحي بولاية الكاف
تشتت المستغلات الفلاحية وصغر حجمها.
عدم تجدد أجيال المستغلين الفلاحيين وضعف التكوين لديهم.
ضعف الإحاطة الفنيّة واقتصار دورها على المهام التقليدية ولعل ذلك يعود إلى قلّة عدد الاطارات الفنية المختصة الموجودة في مختلف الادارات ذات الصلة.
نقص على مستوى تحفيز الفلاحين للانخراط في صلب هياكل مهنية.
ارتفاع المديونية وعدم وجود حوافز مالية خصوصية وكافية.
ظاهرة الانجراف التي تمسّ 60٪ من المساحات الصالحة للفلاحة، منها 120 الف هكتار مهددة بصفة مباشرة وتستدعي تدخلا عاجلا.
ويثير النقابيون بالجهة ظاهرة عزوف الفلاحين عن تعاطي النشاط الفلاحي لاسباب عدّة منها المديونية وغلاء البذور والاسمدة والبنزين وكراء الآلات الفلاحية الخ..
وتبدو الأوساط النقابية في ولاية الكاف شديدة الاستياء من ظاهرة التفويت في ضيعات الدولة للخواص ويرون ان هذه الضيعات كانت منتجة ومشغّلة للمئات من العمال واصبحت الآن إما مفلسة أو غير منتجة او أشبه ما تكون بالمنتجعات الاصطيافية.
خلاصة
هذا الجرد الموجز لأهم الإشكاليات الهيكلية المعيقة لتنمية القطاع يضيء الطريق أمام مجالات تدخل الدولة بمختلف هياكلها من اجل وضع الاجراءات المصاحبة وبعث مؤسسات الاحاطة والإرشاد وتدعيمها بالإطارات الكفأة والمتحمسة.
ويمكن بكل ايجاز حصر أهم فرص الاستثمار الممكنة والكامنة في المجالات السامحة بالتحول من قطاع مرتكز على الفلاحة البعلية إلى قطاع مركز على الفلاحة السقوية والاشجار المثمرة والتنويع الانتاجي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.