تحولت المناطق الرطبة المحمية بالوطن القبلي بموجب الاتفاقية الدولية «رمسار» التي أمضتها تونس منذ 1980 إلى مكبات للنفايات المنزلية والصناعية وبقايا حضائر البناء ومياه الصرف الصحي مما حولها إلى مستنقعات تنعدم فيها كل انواع الحياة المائية والبرمائية . فجهة الوطن القبلي تضم سبختين مدرجتين ضمن المناطق المحمية بموجب هذه الاتفاقية وهما «سبخة سليمان» و«سبخة قربة» إلاّ أنّهما تحولتا إلى مصبين لمياه الصرف الصحي والفضلات المنزلية في تجاهل كامل لقيمتهما البيئية وثراء مخزونهما النباتي واستقطابهما لأعداد كبيرة من الطيور المهاجرة مما تسبب في اختلال لدورة الحياة التي كانت موجودة واختفت كل مظاهرها وعوضتها الروائح الكريهة والحشرات . هذاالتلوث الشديد الذي يبرز جليا بالمنطقة الرطبة بسليمان ومصب «وادي الباي» تسبب في انخرام واضح للتوازن البيئي فعوض ان تكون المناطق الرطبة متنفس طبيعي للمناطق المتاخمة اصبح دورها عكس ذلك تماما حيث تملحت مياه الابار بالمناطق المجاورة مما جعل عديد المزارع يفرط فيها اصحابها لفائدة الزحف العمراني كما برزت عدة اشكاليات كالروائح الكريهة والحشرات والكلاب السائبة علاوة عن المشاهد المروعة بمنطقة تعد طريق سياحية . وللإشارة فإنّ المناطق الرطبة تنظم المناخ عبر تنظيم الغازات الدفيئة والحرارة بتخزين ثاني أكسيد الكربون وتعديل تدفق المياه عبر تغذية المائدة المائية وحمايتها من التملح وتلعب دورا أساسيا كاسفنجة التي تمتص الملوثات هذا علاوة عن الحماية من الفيضانات. ولمواجهة هذا الوضع الذي تشترك فيه عديد المناطق الرطبة بجهة الوطن القبلي على غرار قليبية وسليمان وجب تبني قضية التلوث من قبل المصالح المختصة وجمعيات المجتمع المدني وعدم الاكتفاء بمرحلة تشخيص الحالة والمرور إلى برمجة اجراءات عملية تهدف لتطهير وحماية هذه المناطق الطبيعية واستصلاحها واعادة الحياة اليها حتى تبقى متنفس كل المنطقة . كما وجب تشريك مختصين في الاتصال البيئي ومنحهم فرصة التدخل بفعالية لتحسيس المواطنين واستقطاب دعم جمعيات المجتمع المدني من اجل تنفيذ مشاريع تهذيب للنهوض بالمناطق الرطبة التونسية وتطوير المقاربة الكفيلة بالحفاظ عليها والتصرف بصفة تشاركية تدمج كل مستلزمات الحماية والتنمية المستديمة. وان حماية المناطق الرطبة او السباخ الساحلية لجهة الوطن القبلي ضرورة ملحة ووقائية حتي لا نصل إلى مرحلة يصير فيها خليج تونس كخليج قابس وهذا يستوجب توفر الارادة على المستوى الجهوي اولا والتخلي عن سياسة اللامبالاة وإدراج تهذيب هذه المناطق الطبيعية ضمن مخططات التنمية قريبة المدى.