محاماة محترمة أنفع من محاماة مدجنة ومذيلة» حاورته: إيمان الحامدي هو عميد المترشحين لرئاسة الهيئة الوطنية للمحامين باعتبار أنه يترشح لهذا المنصب للمرة الرابعة. قال إن تمسكه بالترشح ليس رغبة في المنصب بقدر ما هو إيمان بأنه يحمل رسالة يجب أن يؤديها تجاه المهنة التي انتسب لها منذ أكثر من 35 عاما. ضيف «التونسية» في حوار اليوم هو الأستاذ « إبراهيم بودربالة» الذي سبق أن ترأس الفرع الجهوي بتونس في دورتين متتاليتين . هذه هي المرة الرابعة التي يترشح فيها الأستاذ بودربالة. ألهذا الحد يغريك التربع على عرش المحاماة؟ منذ أن انتهت رئاستي للفرع الجهوي للمحامين بتونس جوان 1998 تقدمت للترشح في كل مرة لخطة عميد الهيئة الوطنية للمحامين وقدمت تصورا لازلت متمسكا به وهو تحييد ساحة المحاماة من الصراعات الحزبية وهذا هو سر إصراري على الترشح. ذلك انه منذ منتصف 1995 انزلقت مهنة المحاماة في الصراعات السياسية حتى اني في الجلسة العامة للفرع الجهوي للمحامين بتونس في 1997 واثر انعقاد مؤتمر اتحاد المحامين العرب بسوسة وما لاحظته لأول مرة منذ انتسابي لمهنة المحاماة من صراعات سياسية متضادة طلبت. وأنا في تلك الجلسة العامة وبعد ان استعرضت مخاطر الانقاسامات السياسية داخل الساحة المهنية من الحاضرين أن يكونوا صوت المحاماة في احزابهم لا صوت احزابهم في مهنة المحاماة. ألا ترى أن موقفك من تسييس المحاماة كان وراء اقصائك من المنصب في أكثر من مناسبة رغم ما تحظى به من شعبية وسمعة طيبة في صفوف زملائك؟ نعم أشاطرك الرأي في هذا الجانب. فنتيجة لمواقفي لم يتحمس لترشحي لا المحامون الموالون للسلطة ولا الذين كانوا يقفون ضد هيمنة السلطة على مهنة المحاماة بصورة خاصة والحياة السياسية بصورة عامة .ومنذ ذلك التاريخ غرقت المهنة وهياكلها في الصراعات الحزبية وقل الاهتمام بالشؤون المهنية ونتيجة لذلك اصبحت المهنة تعاني من المشاكل التي وصلت الى حد المعضلات دون ان تجد حلا لها وزاد الأمر تعكرا بعد تدفق عدد كبير من الزملاء على القطاع دون ان يجدوا التأطير المناسب وهو ما جعل الوضعية المستقبلية للمحاماة محفوفة بمخاطر عدة . من وجهة نظرك ما هي أهم المشاكل التي تهدد المحاماة اليوم؟ المشاكل التي تهدد المهنة عديدة ومن اهمها انحسار النشاط المهني للمحامين وفقدان التأطير بالنسبة لحديثي الانتساب بالمهنة وتدني أداء المحاكم واكتظاظ الجلسات وانعدام التفكير الجدي في توسيع مجال تدخل المحامي خاصة في الميدان الاقتصادي مثل تكوين الشركات والمعاملات التجارية وكذلك الشأن بالنسبة للقضايا الشغلية وقضايا الاحوال الشخصية والقضايا الجناحية . أضف إلى ذلك أن العديد من الادارات لا تتعامل مع مهنة المحاماة بما يليق بها على غرار الدول المتقدمة من ذلك أنه يقع استبعاد المحامين أو يكاد من بعث المشاريع وتمويلها أو انجازها . الاسباب متعددة اهمها موقف بعض القوى الفاعلة داخل السلطة التي تستهجن دور المحاماة في المجتمع وعدم تدخل المشرع لسن قوانين من شأنها تحقيق متطلبات تطال المهنة وغياب دراسات استشرافية من هياكل المهنة . لمن تحمل مسؤولية ما وصلت إليه المهنة اليوم ؟ اعتقد ان المسؤولية الاكبر تتحملها السلطة لانها سعت إلى حل مشكل تشغيل حاملي الشهائد العليا من خلال اقحام عدد هام منهم في مهنة المحاماة وعلى سبيل الذكر فإنه خلال الشهر المتراوح بين 15 أفريل و15 ماي 2010 وقع ترسيم حوالي 1500 محام دفعة واحدة علما أن حصة التجنيد الإجباري لا تصل في بعض الأحيان إلى هذا العدد ... قلت أنك دفعت فاتورة مواقفك بإقصائك في كل مرة من سباق العمادة فهل ترى أنك اليوم قادر على الوصول إلى هذا المنصب بانتفاء الأسباب التي حالت دون ذلك ؟ شخصيا يعرفني جل المحامين خاصة المباشرين داخل المحيط الجغرافي للفرع الجهوي للمحامين بتونس. ذلك انه عندما كنت عضوا بمجلس الهيئة الوطنية للمحامين اشرفت على محاضرات التمرين من سنة 1987إلى 1992 ثم انتخبت رئيسا للفرع الجهوي للمحامين بتونس في جويلية 1992 واعيد انتخابي سنة 1995 وكنت دائما حريصا على التعامل بصراحة وواقعية في خصوص الشأن المهني وكنت أدافع عن رسالة المحاماة واستقلاليتها ولكن مع الاسف في نهاية التسعينات ونتيجة للوضع السياسي الذي مرت به البلاد انقسمت المحاماة إلى ثلاثة أقسام تقريبا قسم مؤيد للسلطة وقسم معارض لها والقسم الأكبر اختار الانزواء والاهتمام بأموره الشخصية. ونظرا لإيماني بالقيم المشتركة الجامعة للمحامين وثوابت مهنة المحاماة بقيت ولازلت انادي بوجوب اتباع الخيار المهني الذي يأخذ نفس المسافة من كل الاحزاب مهما كان موقعها لان مهنة المحاماة تأبى بطبعها الهيمنة والفوضى. هل تعتبر أن المحاماة اليوم في منآى عن الانقسامات الحزبية ؟ اعتقد ان المحاماة لعبت دورا هاما خلال الاحداث التي مرت بها البلاد وأهم مؤشر لذلك خروج المحامين بزيهم امام المحاكم وفي مقدمة المتظاهرين. وقد كان لهذه الحركة وقع نفساني كبير على السلطة ورجال الأمن مما جنب وقوع كوارث للبلاد يستحيل تداركها. وأعتبر أن المحاماة اليوم في حالة مخاض ولازلت تحدق بها نفس مخاطر التقسيم بين قسمين قسم مع «النهضة» وحلفائها وقسم ثان ضد «النهضة» وحلفائها والأمل في أن يعي المحامون وخاصة من اختاروا في السابق الانزواء أن مستقبلهم مرتبط بارجاع الاعتبار لمهنتهم وحل مشاكل عموم المحامين المادية والمعنوية. هل ترى أن انتخابات العمادة القادمة في مأمن عن تأثير الاحزاب؟ الخطر الذي تواجهه المهنة هو شراء الضمائر بواسطة المال السياسي الفاسد وأنا من موقعي هذا اهيب بكافة الاحزاب بالنأي عن هذه الممارسات لأنه في مصلحتها ومهما كان موقعها ان تكون مهنة المحاماة حرة مستقلة تقوم برسالتها في المنظومة القضائية على احسن وجه وتمارس شراكتها في اقامة العدل بكل مسؤولية وكل نزاهة . من هي الاحزاب التي تخشى منها على المحاماة وانتخابات العمادة؟ لن اعطي اي اسم لأن المحامين يعرفون هذه الأطراف واني اعول على وطنية الأحزاب وحسن تقييمها للمسؤولية السياسية الملقاة على عاتقها في هذا الظرف الذي تمر به البلاد واعدها بأن محاماة محترمة انفع لها وللبلاد من محاماة مدجنة ومذيلة . من تراه منافسك الحقيقي في السباق نحو منصب العمادة؟ يعرف أغلب المحامين أن منافسي الأول والاخير هو من يسعى إلى التوظيف الحزبي للمهنة وأقرب شخص لي هو من يتعهد بالاهتمام بالشؤون المهنية . ما هو سيناريو التحالفات الذي تتوقعه في الانتخابات القادمة؟ اعتقد ان الاحزاب الماسكة بالسلطة والاطراف المناهضة للسلطة ستكون ضد بعضها بشكل واضح وتبقى الأطراف المساندة للخيار المهني هي الفيصل. وهنا السؤال المطروح ما هو حجم المنتصرين للخيار المهني لأنه وفي صورة المرور للدور الثاني فإن أيا من الطرفين السابق ذكرهما والذي ينسحب من السباق سينضم بالضرورة إلى الخيار المهني وأعتبر أن الشق الذي يمثل التيار المهني هو الذي سيحسم الصراعات السياسية وسيكون عامل استقرار بالنسبة للمدة الانتخابية المقبلة. ما هي أبرز ملامح برنامجك الإنتخابي؟ أهم ما في برنامجي الانتخابي هو الاهتمام بالعمل اليومي للمحامي ومؤازرة المحامين وخاصة المبتدئين منهم على كافة الاصعدة المادية والتأطيرية والعمل على دفع المشرّع إلى سن قوانين توسع مجال تدخل المحامي والاهتمام بمشاغل المحامين الخارج عن نشاطهم المهني من الناحية الثقافية ومن ناحية الانشطة الرياضية .... هذا إلى جانب مراجعة وضعية التقاعد بصورة جذرية والتفكير في بعث مؤسسة تهتم بالمؤازة الادارية والتنظيمية لمكاتب المحامين ونشاطهم اليومي مع العمل على حث وزارة العدل على إحداث دوائر جنائية بمختلف المحاكم الابتدائية وتفعيل دور المحامي في النشاط الاقتصادي للبلاد وإقرار وجوبية تحرير عقود الشركات من طرف المحامين ووجوبية اجراء التدقيقات القانونية من طرف المحامين وغير ذلك من الانشطة القانونية والقضائية على نحو الدول المتقدمة التي نصبو الى الوصول إلى مستواها . من هو قدوتك في العمادة؟ لقد باشرت مهنة المحاماة منذ 6 ماي 1977 عندها كان العميد المباشر المرحوم فتحي زهير ثم خلفه العميد الأزهر القروي الشابي أطال الله في أنفاسه واعتقد أن تلك الفترة تمثل بالنسبة لي الفترة الذهبية التي كانت فيها المحاماة محترمة وكان المحامون يتمتعون بالاعتبار اللائق بمكانتهم . في صورة لم تفز بالعمادة هل ستترشح للمرة الخامسة؟ لكل حادث حديث وعلى أية حال سأبقى دائما مدافعا عن رسالة المحاماة ودورها في المجتمع وأن الخيار المهني هو افضل سبيل لنعيد للمحاماة مكانتها وللمحامين اعتبارهم .