طالبت مجموعة من الناشطات في المجتمع المدني باعتماد مسألة النوع الاجتماعي والجندرة في مشروع العدالة الانتقالية من خلال إدراج باب خاص بمختلف الانتهاكات التي تعرضت لها النساء في العهد السابق. واقترحن خلال ندوة دولية حول التجارب الدولية والخصوصية التونسية للعدالة الانتقالية الموجهة للمرأة التي نظمتها أمس جمعية «تونسيات» تخصيص لجنة خاصة ضمن هيئة الحقيقة والكرامة الواردة بمشروع العدالة الانتقالية من أجل النظر في الانتهاكات الجسدية والنفسية التي تعرضت لها النساء. وشددن على ضرورة تنفيل النساء عند جبر الضرر عبر تمتيعهن بضعف ما سيحصل عليه الرجال في عملية التعويض بما فيها التعويض معتبرين أنه في حال إقرار هذه العملية ستكون سابقة أولى في تاريخ الدول التي مرت بالعدالة الانتقالية. وأثارت المشاركات المحجبات في أغلبهن في هذه الندوة، مسألة تعرض عائلة السجين السياسي سواء كانت أمّا أو زوجة أو أختا أو ابنة إلى الإقصاء من الحياة النشيطة وحرمانهن من الشغل علاوة على عدم تمتع بعض النساء بالعفو التشريعي العام. واعتبرن أن مسألة الجندرة والنوع الاجتماعي لم تحظ بالاهتمام في مشروع العدالة الانتقالية بما يرتقي لما تعرضت إليه العديد من النساء صاحبات الخلفية السياسية أو المنخرطات في أحزاب سياسية ممنوعة في العهد السابق. وأعربت المشاركات عن الأمل في أن يقع اعتماد مقاربة النوع الاجتماعي في هيئة الحقيقة والكرامة. وتطرقن أيضا إلى مسألة المضايقات والتحرش الجنسي الذي تعرضن إليه طيلة فترات السجن وحتى في الحياة العامة بطريقة ممنهجة على حد تعبيرهن، شمل الإقصاء المهني والدراسي والعلمي. وقالت رئيسة الجمعية هند البوزيري أن هذه الندوة تندرج في إطار الاستئناس بالتجارب الدولية واستخلاص العبر والدروس بعد إرسائها للعدالة الانتقالية وخاصة إعطاء حقوق النساء اللاّتي تعرضن إلى انتهاكات حقوق الإنسان. وقدمت مديرة برنامج العدالة والجندرة بالمركز الدولي للعدالة الانتقالية بنيويورك، «كيلي مودال» مداخلة حول العدالة الانتقالية والجندرة أبرزت فيها تباين التجارب من منطلق خصوصية كل دولة غير أنها اعتبرت أن هناك نقاط تشابه تتمثل حسب رأيها في الانتهاكات الجسدية والعنف بمختلف أنواعه المسلط على المرأة. وأشارت إلى أن تجارب العدالة الانتقالية لم تركز بالشكل الكافي على تجارب النساء ومقاربة النوع الاجتماعي مؤكدة على أن «المفتاح الأساسي في العدالة الانتقالية يتمثل في وجوب تشخيص العنف المسلط على المرأة والاعتراف به ومساءلة المذنبين والمعتدين ومحاسبتهم» من وجهة نظرها. وشددت المتحدثة على وجوب أن تهتم لجان كشف الحقيقة في مختلف الدول التي تشهد عدالة انتقالية، على «ضرورة توثيق شهادات النساء اللائي تعرضن إلى التعنيف الجسدي والجنسي وإظهارها للرأي العام لإبراز حجم الجرائم المرتكبة ضد النساء» على حد قولها. وفي معرض حديثها عن علاقة الجندرة بجبر الضرر أكدت الخبيرة على أنه يجب أن يأخذ عدة أشكال من أهمها التعويض المادي وإسناد خدمات اجتماعية كتوفير العلاج الطبي للمتضررات. واشتمل برنامج الندوة الذي يمتد على يومين، على مداخلات تتعلق بمكانة المرأة في لجان الحقيقة والعدالة الانتقالية الموجهة للمرأة في بلدان الربيع العربي وقراءة نقدية لقانون العدالة الانتقالية ومكانة المرأة. من جانبها تحدثت هند بلحاج خليفة منسقة مشروع «مسارهن المهني رهينة» موضحة أنه تم إنجازه بمساهمة برنامج الأممالمتحدة الإنمائي ويهدف إلى تسليط الضوء على الانتهاكات التي طالت نساء إقليم تونس الكبرى في مستوى المسار المهني والإقصاء من الدراسة. ولاحظت أن المشروع يشمل 40 إمٍراة ضحية بسبب توجههنّ السياسي بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من خلال القيام بجلسات استماع سيتم توثيقها مشيرة إلى أنه يتم الإعداد لتصوير شريط قصير يدوم 25 دقيقة يهم رواية أربع نساء من اليسار ومن التيار الإسلامي. وأفادت أنه المشروع الذي يدوم سنة واحدة سينطلق بإعداد تقرير يتناول الانتهاكات المسلطة على المرأة في مسارها المهني ملمحة إلى إمكانية تعميم المشروع على بقية مناطق البلاد. وأقرت من جهة أخرى بصعوبة القيام بالعمل مؤكدة أن العديد من النساء يرفضن الخوض في تجاربهن وخاصة توثيقها وعرضها لاحقا على الرأي العام.