*محمّد بوغلاب علمت "التونسية" من مصدر قريب من رئيس الحكومة السابق حمادي الجبالي أنه نفى أن يكون الفريق أول رشيد عمار هو صاحب فكرة تشكيل حكومة كفاءات وطنية إثر اغتيال شكري بلعيد في 6 فيفري 2013 كما صرّح بذلك في ظهوره التلفزيوني المثير للجدل في قناة التونسية في سهرة الإثنين الماضي. ونقل مصدرنا عن السيد الجبالي أمين عام حركة النهضة أن رئيس الحكومة السابق اقترح يوم 10 ديسمبر2012 على إثر تعثر المشاورات بخصوص التحوير الوزاري، على الأحزاب السياسية تكوين حكومة سياسية مع الالتزام بعدم الترشح في الانتخابات القادمة بدءا بنفسه حتى يتفرغ الوزراء لعملهم الحكومي بعيدا عن أجندات الانتخابات الخاصة. وأمام هذا الرفض، تطورت الفكرة تدريجيا، وفي شهر جانفي 2013 اقترح حمادي الجبالي تكوين حكومة محايدة بعيدا عن الانتماءات الحزبية وأجرى جملة من اللقاءات في هذا الإطار للخروج من المأزق الذي كان يتهدد البلاد أمام تعثر الأداء السياسي وانسداد الأفق. ويكشف مصدرنا المقرب من السيد حمادي الجبالي أن رئيس الحكومة السابق عرض مقترحيه الأول والثاني على مجلس شورى حركة النهضة، وقوبل المقترحان بالرفض وخاصة من طرف أعضاء المجلس الذين يتقلدون خطة حكومية. ويضيف مصدرنا أن السيد حمادي الجبالي دعا إثر اغتيال شكري بلعيد يوم 6 فيفري عدة شخصيات إلى مسكنه بقرطاج من بينها الفريق أول رشيد عمار رئيس هيئة أركان الجيوش الثلاثة وعرض على ضيوفه فكرة تشكيل حكومة كفاءات وطنية وهو المقترح الذي حظي بدعم واسع منهم . وعصر يوم 6 فيفري أعلن السيد الجبالي قراره لمجلس الأمن القومي بحضور الرئيسين المرزوقي وبن جعفر وأعلم الحاضرين بقراره مخاطبة الشعب مساء كما انعقد مجلس الوزراء في ذات اليوم بقصر الضيافة بقرطاج وأحاط الجبالي الفريق الحكومي بقراره. ومساء يوم 6فيفري تحدث رئيس الحكومة السابق إلى الشعب التونسي معلنا نيته تشكيل حكومة كفاءات وطنية لإدارة شؤون الدولة خلال الفترة المتبقية من الانتقال الديمقراطي تحظى بثقة ودعم كل التونسيين و كل الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية والمجتمع المدني، وكشف رئيس الحكومة السابق أن التحوير الوزاري ينبني على جملة من المبادئ من أبرزها ضمان مدنية الدولة وتعزيز المكتسبات الاجتماعية وصون الحريات في تصالح مع هوية البلاد وخصوصيتها وأن يلتزم الجميع بإدانة العنف بكل أشكاله ورفض كل صراع وإستقطاب إيديولوجي وحياد الإدارة عن التجاذبات السياسية وإعتماد آلية تشاركية فعلية في التسميات بالوظائف العليا للدولة واعتماد مقاييس موضوعية على أسس الكفاءة والمصلحة الوطنية عبر إحداث لجنة إستشارية لمراجعة التسميات متكونة من أطراف الائتلاف الحاكم وخبرات تعمل تحت إشراف رئيس الحكومة و يمكن لهذه الجنة مراجعة أي تسميات سابقة لم تتوفر فيها شروط الكفاءة والنزاهة والحياد للتأكد من سلامتها. وفي سياق متصل كشف عبد الفتاح مورو نائب رئيس حركة النهضة –قبل أسابيع في برنامج شكرا على الحضور بالوطنية2- أنه إتصل برئيس حركة النهضة يوم6فيفري (تاريخ إغتيال شكري بلعيد) وأفاده أنه يتعين تنحية كل من وزيري العدل والداخلية لامتصاص الغضب الشعبي على حادثة إغتيال بلعيد، وتفيد مصادر التونسية أن المفكر يوسف الصديق كان حاضرا بمكتب الغنوشي وشاهدا على المقترح الذي لم يلق القبول لاحقا من طرف رئيس الحكومة الذي إختار المضي بعيدا بإعلان رغبته تشكيل حكومة كفاءات قبل أن تسقط مبادرته في الماء.