عندما يمدّ البحر أمواجه للسباحة ويفتح الصيف أبوابه للسياحة...ترفل مدينة المحرس (30كلم عن ولاية صفاقس) في حلة عاصمة الفن التشكيلي وتتزين برداء المتحف العالمي المفتوح للفنون ...لتصبح قبلة أرباب الريشة والألوان من كل أصقاع العالم. وفي هذه الصائفة يضئ المهرجان الدولي للفنون التشكيلية شمعته 26 , بين احضان هذه المدينة، وقد عقدت هيئة المهرجان ندوة صحفية يوم أمس بأحد النزل بالعاصمة لتقديم ملامح هذه الدورة التي تنتظم من 28 جوان إلى 8 جويلية 2013. حوالي 70 رساما ونحاتا تشكيليا من تونس و40 دولة أجنبية سيشاركون في الدورة 26 للمهرجان الدولي للفنون التشكيلية بالمحرس. ومن الملاحظ أن مشاركة الدول الأوروبية شهدت تراجعا في هذه الدورة.وقد صرّح كاتب عام المهرجان إسماعيل حابة أن الاتصالات الاولى بفناني الدول الأوروبية كانت في شهر فيفري الماضي لكن اغتيال المناضل شكري بلعيد أثار تخوّفهم .ثم وقعت مراسلاتهم ثانيا ولكن وقوع أحداث الشعانبي جعلتهم يتردّدون من جديد ... « حنظلة» ...على الشاطئ ملك المهرجان الدولي للفنون التشكيلية هذا العام, هو فن الكاريكاتور. ويتنزل الاحتفاء بالكاريكاتور لأول مرة في تاريخ مهرجان المحرس نظرا لالتصاقه بالثورات العربية كأداة للتعبير الناقد للأنظمة الغاشمة والنافذ إلى قلوب الجماهير العريضة . كما تحتفل عاصمة الفن التشكيلي بمحفلها للدولي هذه السنة تحت شعار «حنظلة في المحرس»اعترافا بمساهمة الرسام الفلسطيني ناجي العلي والشخصية الكاريكاتورية «حنظلة» في المقاومة الفلسطينية ضد الكيان الصهيوني بسلاح الفن وبندقية الكاريكاتور . وفي هذه السنة, ستؤسس مجموعة المجسمات والمنحوتات المنتشرة على شاطئ مدينة تحفة فنية جديدة تجسد «حنظلة» في شكل مجسم ستبدعه أنامل فنية تونسية لينضاف هذا الرمز الفلسطيني إلى قائمة الأهرام التونسية التي خلّدها مهرجان المحرس وجسدها بمحاذاة البحر على غرار مجسمات ابن خلدون ومحمد الجموسي وأبي القاسم الشابي... وإلى جانب معرض صور لرسومات ناجي العلي وابداعاته في فن الكاريكاتور ,سيتم تكريم الفن التشكيلي الفلسطيني عبر عرض الشريط الوثائقي «ناجي العلي»الذي قام بدور البطولة فيه الممثل المصري نور الشريف ويروي قصة حياة هذا الرسام الكاريكاتوري الفلسطيني الذي تميّز بالنقد اللاذع في رسومه التي ناهز عددها ال40 ألفا. لكن يد الغدر اغتالته في لندن عام 1987. أيضا ستكون فلسطين حاضرة في هذا المهرجان عبر مشاركة سبعة فنانين فلسطينيي الهوى والجرح والوجع... تشريفات ...وتكريمات التكريم, سنّة دأب عليها المهرجان الدولي للفنون التشكيلية بالمحرس وتمسك بها بعد مرور أكثر من ربع قرن على تأسيسه سنة 1988 من قبل ثلة من التشكيليين وعلى رأسهم الفنان يوسف الرقيق الذي وافته المنية السنة الماضية. والذين سيحظون بالتكريم هذا العام سيكونون أساسا من أهل فن الكاريكاتور. حيث سيتم تكريم الرسام طالب دويك من فلسطين والفنان «يوسف معتوق» من ليبيا ,أما من مبدعي الكاريكاتير في تونس فستسند أوسمة التكريم إلى لطفي بن ساسي وحبيب بوحوال. وإن كان المهرجان الدولي للفنون التشكيلية بالمحرس يعدّ من أبرز المهرجانات المتخصصة عالميا في الفنّ التشكيلي, فإنه يتحف ضيوفه وروّاده وأهل مدينته بباقات من العروض الفرجوية والأمسيات الشعرية والسهرات الموسيقية التي تؤمنها هذا العام ثلة من الاسماء التونسية على غرار فرحات الجديدي والشاعرين الهادي قمري ونورالدين بوجلبان... مطلوب...دعم ورغم نجاح المهرجان في تحويل مدينة المحرس من مجرد قرية للصيادين إلى عاصمة عالمية للفن ,ورغم مساهمته في تنشيط السياحة الثقافية بالمنطقة...فإنه من دورة إلى أخرى يقف امام صعوبة الدعم .ويبدوأن وزارة الثقافة قد تنبّهت إلى قيمة هذا المهرجان وتفرّد اختصاصه فرفعت في نسبة دعمه إلى 40 ألف دينار في هذه الدورة.لكن الولاية في المقابل تنصّلت من المساهمة, في حين تراجع معدل دعم البلدية . وفي ظل هذه المعطيات يفتقد هذا المهرجان الدولي إلى فضاءات تحتضن لوحاته وحتى إلى دليل يحفظ تاريخه وذاكرته...من الضياع.