كشفت دراسة حديثة أعدها المعهد الوطني للاستهلاك تغير الأنماط الاستهلاكية في تونس على المستوى الغذائي أثبتت أن غذاء التونسي شهد تغيرا كبيرا بفعل العديد من العوامل المباشرة. وتتمثل هذه العوامل بحسب ما أظهرته الدراسة التي تم الشروع في انجازها سنة2010 وتجميع نتائجها خلال هذه السنة، في نتائج تطور نصيب الإنفاق خارج المنزل على النفقات الغذائية بمعنى أن التونسيين باتوا يفضلون الأكل خارج المنزل، حيث أصبحت هذه النسبة تمثل 8.7 بالمائة من إنفاق الأسر سنة 2010 على المستوى الوطني، وترتفع هذه النسبة إلى مستوى 18 بالمائة في إقليم تونس، وإلى 26 بالمائة بالنسبة لأصحاب الدخل المرتفع. وأظهرت نفس الدراسة أن تطور النمط الغذائي للمستهلك التونسي أدى إلى تطور مستوى السمنة ليبلغ 10.4 بالمائة من السكان سنة 2010 مقابل 7.6 بالمائة سنة 1985، كما تطورت الزيادة في الوزن من 26 بالمائة سنة 1985 إلى 45 بالمائة سنة 2010. وتختلف نسبة السمنة بين الرجل والمرأة، فهي أهم لدى النساء وتشمل 14.6 بالمائة من النساء سنة 2010، مقارنة ب5.6 بالمائة بين الرجال لنفس السنة. وتجدر الإشارة إلى أن النحافة وسوء التغذية تراجعا بنسبة تفوق 50 بالمائة مقارنة بسنة 1985، حيث شملت هذه الحالة 3.3 بالمائة من السكان سنة 1985، مقابل 1.4 بالمائة من السكان سنة 2010. ومن جملة ما خلصت إليه الدراسة تطور استهلاك التونسي للحليب بنسبة 153 بالمائة، ليمر من 37.5 كلغ للفرد في السنة سنة 1985 إلى 95 كلغ للفرد في السنة سنة 2010، إلى جانب تسجيل ارتفاع في استهلاك الياغورت، ليمر من 29 علبة سنة 1985 إلى 72 علبة سنة 2010. كما تم تسجيل زيادة كبيرة في استهلاك الدواجن بنسبة 238 بالمائة مقارنة بسنة 1985، مع ارتفاع كبير في استهلاك البيض، ليمر من 77 بيضة للفرد سنة 1985 إلى 167 بيضة للفرد سنة 2010، مع تسجيل زيادة طفيفة في استهلاك الزيوت بأنواعها، مع تسجيل تراجع طفيف في استهلاك زيت الزيتون مقابل ارتفاع في استهلاك الزيوت النباتية. وفي السياق ذاته تم تسجيل تراجع في استهلاك الحبوب بنسبة 11.6 بالمائة من 1985 إلى سنة 2010، ليصبح 180 كلغ للفرد في السنة بعد أن كان في حدود 204 كلغ للفرد سنة 1985. التغير في مستوى أبواب الإنفاق ومن العوامل الأخرى التي اظهرتها الدراسة أن أبواب الإنفاق شهدت تغيرا كبيرا خلال السنوات الأخيرة، حيث تطور معدل الإنفاق الفردي بنسبة 9.8 بالمائة سنويا خلال الفترة 1980 2010. كما تراجع الإنفاق في مستوى التغذية ليمر من 39 بالمائة من الإنفاق الأسري سنة 1985 إلى 29.4 بالمائة سنة 2010، مقابل تطور هام للإنفاق في الملابس (من 6 بالمائة سنة 1985 إلى 8.75 بالمائة سنة 2010)، والنقل (من 9 بالمائة سنة 1985 إلى 14.4 بالمائة سنة 2010) والصحة (من 7 بالمائة سنة 1985 إلى 8.75 بالمائة سنة 2010). أما على المستوى الديمغرافي فقد حصل تحول ديمغرافي كبير في تونس خلال ال 50 سنة الأخيرة، في حين أن هذا التحول امتد على فترة بين 100 و150 سنة في الدول الأوروبية. وشهد المجتمع التونسي دمقرطة للاستهلاك تمثلت خاصة بالتماهي بين الأذواق والتوجهات الاستهلاكية بتأثير من الإشهار ووسائل الإعلام. وأصبحت تغذية التونسي صناعية أكثر، آخذة مكان «العولة وبيت المونة». وبالنسبة لعديد التونسيين أصبح الاستهلاك وسيلة للتموقع الاجتماعي أكثر منه وسيلة لاشباع الحاجيات. تأثير تطور تجارة التوزيع على النمط الاستهلاكي كما ساهم تطور تجارة التوزيع بحسب ما بينته الدراسة في إدخال تغييرات على نمط الاستهلاك في تونس خاصة مع ظهور المساحات التجارية الكبرى وقرب المساحات التجارية من المواطن، وتعصير طرق البيع. فضلا عن تطور نسبة التجهيز للأسر التونسية، حيث أن 14 بالمائة من الأسر لها مكيف هواء سنة 2010، مقارنة ب7 بالمائة فقط سنة 2005، و94 بالمائة من الأسر لها ثلاجة، مقارنة ب84 بالمائة سنة 2005. هذا وأثرت العوامل الديمغرافية في نمط الاستهلاك، حيث تراجع معدل أفراد الأسرة من 4.41 أفراد للأسرة الواحدة سنة 2006 إلى 4.03 أفراد للأسرة سنة 2010، في حين مرت نسبة النمو السكاني من 2.9 بالمائة سنة 1966 إلى 1.29 بالمائة سنة 2010، وتراجعت نسبة النمو الطبيعي من 7.6 بالمائة سنة 1996 إلى 2.13 بالمائة سنة 2010.