التونسية (تونس) عقد النواب المرابطون بالمجلس الوطني التأسيسي لقاء تشاوريا استشاريا بقاعة الجلسات القديمة لبلورة المواقف وتبادل الآراء ومناقشتها حول المرحلة العصيبة التي تمر بها البلاد،. ولئن أجمع الحاضرون على تمسكهم بشرعية المجلس فقد تباينت الآراء حول الدعوة إلى تشكيل حكومة جديدة، علما أن عددا من النواب وجهوا أصابع الاتهام إلى وسائل الإعلام خاصة القناة الوطنية بالتسويق لما أسموه بالانقلاب لأنها في نظرهم تركز في تغطيتها على «اعتصام الرحيل» دون التركيز على «اعتصام الشرعية». وقال النائب عن «حركة وفاء» أزاد بادي في مستهل الجلسة إنه من واجب السلطة الشرعية أن تأخذ على عاتقها الأمانة التي حمّلها إياها الشعب في انتخابات 23 أكتوبر، داعيا إلى قراءة الفاتحة ترحما على شهداء الوطن من قوات الجيش الوطني وترحما على الشهيد النائب محمد البراهمي. وللإشارة فقد ترأس هذه الجلسة كل من النائب أزاد بادي عن «حركة وفاء» والنائب اسكندر بوعلاقي عن «تيار المحبة» والنائب المستقل طارق بوعزيز، في حين تغيب رئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر لانشغاله بتواصل المشاورات مع الأطراف الفاعلة في البلاد لايجاد حل للمأزق الذي تعيشه البلاد، علما أن غيابه أثار استياء عدد من النواب لا سيما نواب «النهضة» و«حركة وفاء». تمسك بالشرعية عبر رئيس «حركة وفاء» عبد الرؤوف العيادي عن حيرته الشديدة لتوقف أشغال المجلس، مشيرا إلى أن أحكام الوكالة هي التي يجب أن تطبق لأن النائب ليس طرفا في جبهة سياسية كي ينسحب وعليه في المقابل إما التراجع عن موقف الانسحاب أو تقديم استقالته. واتهم العيادي النواب المنسحبين بأنهم يطبقون أجندات حزبية، مشيرا إلى أن الانسحاب بدعة وخروج عن كل النواميس السياسية والقانونية وأن حل المجلس لن يحدث إلاّ طبق القانون. واتهم العيادي بعض وسائل الإعلام بالتورط والضلوع في محاولة ما أسماه ب«الانقلاب»، كما دعا إلى التعجيل بالمحاسبة وقانون العدالة الانتقالية، مشيرا إلى أن الشعب كان ينتظر المحاسبة وتفكيك منظومة الفساد. من جهته قال النائب عن كتلة «المؤتمر» هشام بن جامع أن الصراع اليوم أصبح بين الحق والباطل، مشيرا إلى أن من يتحدث عن الشرعية أصبح متهما ومن يدعو إلى الاحتكام للشارع أصبح صاحب الحق. وأكد بن جامع أن الأطراف الداعية إلى حل المجلس التأسيسي، كانت في كل مرة تستغل حدثا للركوب عليه والدعوة إلى حل المجلس مذكرا بقضية البغدادي المحمودي وحادثة اغتيال الشهيد شكري بلعيد. من جهته قال رئيس كتلة «النهضة» الصحبي عتيق أن المشكل ليس أزمة شرعية انما يرى أن هناك محاولة لتعطيل المسار الانتقالي الديمقراطي في تونس. وأضاف أن من يدعو للانقلاب لا يؤمن بإرادة الشعب ولا يؤمن بالديمقراطية، مشدّدا على أنه لا وصاية على هذا المجلس ولن يتنازلوا عن صلاحياته داعيا رئيس المجلس إلى استئناف الأشغال والتعجيل بجلسة عامة، كما دعا المنسحبين إلى العودة إلى العمل. وأضاف قائلا «لا بد من احترام آليات العمل الديمقراطي، لا للارهاب لا للانقلاب ونعم للحوار». من جهة أخرى اتهم النائب عن «تيار المحبة» أيمن الزواغي من أسماهم بالفاشلين في الانتخابات بضلوعهم في محاولة «الانقلاب» وذلك بالمطالبة بحل المجلس التأسيسي على حدّ تعبيره. وأفاد الزواغي أنه تم أول أمس اطلاق حملة تحمل شعار «بالانتخاب لا بالانقلاب» تؤكد رفض حل المجلس والمؤسسات المنبثقة عنه وتعتبر حله انقلابا على ارادة الشعب، وأشار إلى أنهم تحصلوا على أكثر من 30 ألف امضاء. وكبقية النواب توجه أيمن الزواغي بأصابع الاتهام إلى بعض وسائل الاعلام، مؤكدا أنها تعمل على التسويق للانقلاب. بدوره تساءل النائب المستقل وسام ياسين عن الشخصيات المستقلة التي يمكن أن تشكل حكومة الكفاءات التي يدعو إليها البعض، معتبرا أن المستقلين لن يكونوا سوى تجمعيين، كما دعا إلى محاكمة الداعين إلى الانقلاب. وأكد النائب عن كتلة «المؤتمر» البشير النفزي أن الأزمة مفتعلة من أطراف أخذت موقفا معينا من المجلس التأسيسي، مشيرا إلى أن تونس ليست مصر وأن الحل الأمثل هو الوفاق الوطني لأن في نظره مسألة تجييش الشارع مسألة خطيرة وعواقبها وخيمة جدا. لا لحل المجلس نعم لتشكيل حكومة جديدة ولئن أجمع أغلب النواب الحاضرين وهم من كتلة «النهضة» و«المؤتمر» و«التكتل» وعدد من المستقلين على شرعية المجلس الوطني التأسيسي والتشبث بعدم حله فإنهم اختلفوا في ما يتعلق بتشكيل حكومة جديدة. فبعض النواب المستقلين إلى جانب حركة «النهضة» متشبثون بشرعية حكومة علي العريض في حين تجاوبت كل من كتلة «التكتل» وكتلة «المؤتمر» تجاوبا مع فكرة تشكيل حكومة جديدة. فقد دعا النائب عن كتلة «التكتل» جمال الطوير زملاءهم المنسحبين إلى التعقل والرجوع الى المؤسسة التي انتخبوا من أجلها، مشيرا الى أن كل شيء ممكن كإدانة الحكومة ولم لا تشكيل حكومة كفاءات جديدة على حد تعبيره، لكنه أكد أن الحوار لا يكون إلا داخل أسوار المجلس وليس خارجه. من جهته، أكد رئيس كتلة «التكتل» المولدي الرياحي أن الشعب انتخبهم ليكونوا في المجلس ولا يمكن لأحد في نظره أن يشل عمله، داعيا إلى ضرورة استكمال الدستور والحفاظ على المسار الانتقالي للوصول إلى الانتخابات. وأشار الرياحي الى أن من يرغب في استنساخ السيناريو المصري يرغب في تقسيم البلاد في حين أن دور النواب هو ابقاؤها موحدة. أما النائب عن كتلة «المؤتمر» سليم بن حميدان فقد أكد أن مطالب التكنوقراط هو التفاف على الشرعية مشيرا إلى أن مطلب التوافق هو الحل. وتجدر الإشارة إلى أن النواب المجتمعين خرجوا بجملة من التوصيات حظيت بموافقة رئيس المجلس مصطفى بن جعفر ، وتتمثل هذه التوصيات في التمسك باستكمال المسار الانتقالي الديمقراطي والتمسك بشرعية المجلس بالإضافة إلى ضبط رزنامة واضحة للانتخابات وعقد جلسة عامة يوم الاثنين أو الثلاثاء القادم ومواصلة التحاور مع النواب المنسحبين والتسريع في عمل لجنة التوافقات. وقد تم تشكيل وفد رسمي للتحاور مع النواب المنسحبين يتكون من 7 نواب غير منسحبين وهم اسكندر بوعلاق عن «تيار المحبة» ، وليد البناني عن حركة النهضة ، جمال الطوير عن التكتل ، هشام بن جامع ، ونورة بن حسين عن المؤتمر من أجل الجمهورية ومن غير المنتمين إلى كتل طارق بوعزيز. كما سيتوجه نفس الوفد إلى كل من رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية لتبلغيهما بجملة توصياتهم. وتواصلت هرسلة الاعلام خارج الجلسة وتجدر الإشارة إلى أن النائبة الأولى لرئيس المجلس محرزية العبيدي قامت بتوجيه اتهامات لمراسلة التلفزة الوطنية بالانحياز للمعارضة وطلبت منها تصوير كامل الندوة التي تجاوزت مدّتها ثلاث ساعات. ولم تتوان العبيدي عن وصف ما حصل بالمؤامرة والانخراط في لعبة الانقلاب على الشرعية مؤكدة ان التلفزة الوطنية لا تدخر جهدا في دعم الانقلاب المفضوح بتغطيتها لاعتصام 30 نائبا في حين تتجاهل جلسة عمل يعقدها ما يقارب 180 نائبا. من جهته مارس النائب النهضوي بدر الدين عبد الكافي مساعد رئيس المكتب المكلف بالمنظمات والجمعيات ضغطا فاضحا على صحفي التلفزة الوطنية مطالبا ببث مباشر لأعمال «جلسة الدفاع عن الشرعية». وقد اتصلت محرزية العبيدي بالرئيسة المديرة العامة للتلفزة الوطنية ايمان بحرون لتنقل لها استنكارها وغضبها من «لا وطنية» التلفزة الوطنية.