أسبوع بعد التحويرات « الجريئة والشجاعة» التي أدخلها المكتب الجامعي على تركيبة الإدارة الوطنية للتحكيم بسناريو من رئيس الجامعة وإخراج من الأعضاء الذين هم في نهاية الأمر أداة تنفيذ لا أكثر لما يقرره «البوس»(boss) تبدو الأمور عادية داخل عائلة التحكيم فالبطولة تنطلق الأحد القادم والهم الوحيد للحكام الآن هو ما سينالونه من الغنيمة فلا أحد منهم تساءل لماذا رحل هشام قيراط ولا أعتقد أن أحدهم رفع السماعة وواساه في «مصابه الجلل» (تحكيميا طبعا) فالملك القديم قد مات وجاء ملك جديد. ولسائل أن يسأل لماذا رحل هشام قيراط؟ هل وقع تقييم عمل الإدارة الوطنية للتحكيم مثلما وعدونا بذلك منذ فترة؟ وما هي مؤاخذاتهم على هشام قيراط؟ شخصيا أتابع المشهد التحكيمي عن قرب منذ أكثر من 3 عقود ويعتبر هذا الموسم تحكيميا الأنجح على الإطلاق خصوصا عندما نضع في الاعتبار الوضع الذي تعيشه البلاد من انفلاتات وتجاوزات وإذ لا يمكن لقيراط أن يكون كامل الأوصاف وكغيره من البشر يخطئ ويصيب إلا أنه نجح في مهمته ولنكن واضحين ما هي مهمة قيراط تحديدا؟ إنها لا تتعدى تعيين الحكام مما هو متوفر وقد قام بمهمته على الوجه المطلوب فكان الحكم المناسب للقاء المناسب في أغلب الحالات وحصلت بعض الأخطاء في تعيين بعض الحكام ولكن هل يتحمل قيراط المسؤولية إذا قام حكم ما بهفوة تقديرية أو إن لم يكن في يومه؟ من جهة أخرى لا يمكن أن ننكر أن الأجواء داخل الإدارة الوطنية للتحكيم مشحونة وملغومة والتيار بين قيراط وعواز منقطع فكان لا بد من القيام بشيء ما لإثبات الوجود فضحّى المكتب الجامعي بتخطيط وتكتيك من رئيسه بهشام قيراط أما عواز فيبقى وسيلة ضغط يلعب بها المكتب الجامعي متى شاء فمسألة الامتحانات والتي لم يقرر المكتب الجامعي شيئا في شأنها لينغص بذلك على الناجحين كان يفترض أن تعصف بالمدير الوطني للتحكيم مثلما حصل للناصر كريم السنة الماضية ولكن رئيس الجامعة كسياسي محنك يعرف من أين تؤكل الكتف. فماذا يبغي الجميع؟ التغيير على رأس إدارة التحكيم فآستجابت لهم بتغيير قيراط وتعيين جمال بركات وهو مشروع مخطط له منذ أشهر فتعيين رئيس الجامعة لحكمي الجولة الأخيرة من «البلاي أوف» دون استشارة قيراط وتعزيز لجنة التعيينات بعواز وبركات في نهاية الموسم لم يكن سوى بداية المناورة لإبعاد قيراط. أما عواز الطرابلسي فلم يشمله التغيير رغم أنه كان الأقرب لذلك فلأنه يجد بعض الدعم من قبل بعض الأعضاء ولكن هذا الدعم ظرفي وعندما يقرر وديع الجريء التخلص منه لن تشفع له مساندة بقية الأعضاء ولو أنه صراحة لم نلاحظ عملا مشينا قام به عواز ومع ذلك سيكون عواز تحت الضغط وسيناوره رئيس الجامعة طيلة هذا الموسم. بماذا سيأتي «بركات»؟ ستبدأ لجنة بركات عملها منذ اليوم والبداية لن تكون سهلة فالجولة الأولى من البطولة أبت إلا أن تفرز 3 مقابلات من الحجم الثقيل: دربي الساحل بين النجم والاتحاد والكلاسيكو بين الإفريقي والصفاقسي ولقاء من نار بين البنزرتي والترجي فاللجنة ستكون في اختبار صعب منذ البداية فنجاح الحكام في القيام بواجبهم سيبعث الطمأنينة نوعا ما وإن حصلت هفوات فالسهام جاهزة ولا تنتظر غير الإطلاق. إن جمال بركات ليس قادما من المريخ أو زحل وليس في جيبه حكاما ممتازين لم يعيّنهم هؤلاء الذين سبقوه وإنما سيجد قائمة من الحكام سيتصرف فيها بمعرفته وحسب ما تسرب من معلومات وحسب ما نعرفه عن بركات فإنه سيتخلى عن سياسة المحاصصة الجهوية فترشيح رؤساء اللجان الجهوية لقائمة الحكام الذين يرغبون في تعيينهم كل أسبوع بمختلف الأقسام لم يعد مقبولا فالحكام المؤهلون لإدارة المباريات معروفون ولا فائدة في حصر قائمة أسبوعيا فيمكن اعتماد جملة من الحكام من رابطة واحدة لفترة ما وعدم اعتماد رابطة أخرى فالضرورة والمقابلات هي التي تفرض الحكم وليس التقسيم الجهوي. هذا لا يعني أن رئيس اللجنة الجديد لن يتعامل مع رؤساء اللجان بل على العكس سيكون على اتصال أكثر بهم لمتابعة كل التفاصيل ولكن طريقة العمل ستتغير وستكون لنا فرصة قادمة لتقديم البرنامج الكامل لبركات ولكن الأكيد أن بركات سيواصل التعويل على الأسماء ذاتها لأنه بصراحة ليس لنا مخزون آخر من الحكام. خلاصة القول هو أن قيراط أو غيره لا يمكنه أن يقدم أكثر ممّا قدم فمشاكل التحكيم التونسي أعمق بكثير مما هو متداول ويتطلب عملا على المدى الطويل ولكن أي مكتب جامعي لا يمكنه القيام بذلك لأن مهمته الأولى هي إرضاء من انتخبه أما الحكام فليذهبوا الى الجحيم فهم لم يحصلوا على أي مليم منذ31 ديسمبر والله أعلم بوضعياتهم المادية خصوصا الطلبة والعاطلون عن العمل منهم والجامعة لا تنظر اليهم بعين الرحمة في المقابل تفعل المستحيل لإرضاء الأندية. وللحديث بقية.