أدى صباح أمس «محمد بن سالم» وزير الفلاحة زيارة تفقدية الى معتمدية الفحص من ولاية زغوان وتحديدا منطقة «الشنانفة» التي تعيش على وقع حرائق ضخمة اتت على مئات الهكتارات من الغابات, للوقوف على حقيقة الأضرار التي لحقت بالمنطقة ولتفقد الأهالي والإنصات لشواغلهم وبحث الحلول الكفيلة باخراجهم من مأساتهم. وتجول الوزير وسط الغابة المحروقة وتفقد وحدات الحماية المدنية واعوان الغابات المجندين لإخماد الحرائق التي اجمع الجميع على انها بفعل فاعل, كما استمع الوزير الى تشكيات المواطنين الذين ناشدوه ايجاد حل سريع لانقاذهم من التشرد والفقر والعطش... خسائر بالمليارات والوزير يتوعد المجرمين وعقد «محمد بن سالم» ندوة صحفية ميدانية اكد خلالها على ضرورة بذل مزيد من الجهد للسيطرة على الحرائق ومنع اتساع رقعتها, مضيفا ان ألسنة اللهب أتت على مساحات كبيرة من الغابات في عدد من الولايات في فترة وجيزة, مشيرا الى ان الحرائق لم تكن اعتباطية وانما بفعل فاعل, قائلا: «يجب معرفة المجرمين الذين يقفون وراء الحرائق, هؤلاء اناس يريدون الفحم... وعلى الأهالي مساعدتنا لمعرفة ألغاز الجريمة...», وتوعد الوزير الضالعين في عمليات احراق الغابات بتسليط اقصى عقوبة عليهم والتي قد تصل الى السجن مدى الحياة, معتبرا انه سيتعامل مع المجرمين بطريقة خاصة, معلقا: «انه عمل طائش واجرامي كبّد الدولة المليارات, ويجب على الجميع إدانته ويجب فتح تحقيق فوري لمعرفة الجناة وستكون هناك قوانين صارمة وردعية تنتظر كل من يجرم في حق الطبيعة, وعقوبات قد تصل الى السجن مدى الحياة و30 سنة ...». وتجول الوزير وسط الغابات المتضررة وتحادث مع اعوان الحماية والغابات المباشرين لمهامهم, وشدد على ضرورة التنسيق والتعاون وتأجيل الخلافات بين الاعوان الى حين اخماد الحريق الذي وصفه بالعدو الأول. حرائق مفتعلة واعمال اجرامية وقد تحوّل جزء كبير من الغابة قدره الاهالي بمئات الهكتارات الى رماد بعد ان طالتها ألسنة اللهب التي اضرمتها أيادي العابثين حسب تعبير الوزير وبعض المسؤولين وعدد من الأهالي. وفي هذا الاطار أوضح «سمير بلحاج صالح» كاهية مدير حماية الغابات بوزارة الفلاحة ان 45 حريقا اندلع خلال عطلة العيد ب4 ولايات وهي «زغوان والكاف وبنزرت وجندوبة» مؤكدا ان الاسباب مفتعلة وان المنفذون استغلوا ارتفاع سرعة الرياح لتنفيذ عملياتهم الاجرامية قصد القضاء على اكبر مساحة ممكنة من الغابات, قائلا: «اندلاع الحرائق في مختلف الغابات كان بنفس الطريقة وهي أعمال اجرامية مع سابق الاضمار... ومن السابق لأوانه الحديث عن نسبة الخسائر او المساحات المتضررة ...». من جانبهم لم يستبعد بعض المسؤولين في ولاية زغوان ضلوع عدد من المزارعين في عملية اضرام النيران قصد تدمير الغابات والتوسع على حسابها لاستغلال الاراضي, فيما رجح البعض الآخر ان تكون غاية المخربين جمع اكبر عدد ممكن من الحطب والفحم. ومن جهة اخرى كشف الاهالي ان الحريق الأول اندلع ليلة عيد الفطر في حدود الساعة الثانية ليلا, لتتبعه فيما بعد سلسلة حرائق أخرى بنفس المنطقة لكن في مواقع مختلفة لتشتيت جهود أعوان الحماية المدنية حسب تعبير مسؤولين بإدارة الغابات. تقاعس وتقصير وعطب بطائرة الإطفاء وخلال الاجتماع بوزير الفلاحة اتهم عمدة المنطقة اعوان الغابات بالتقاعس والتقصير في اداء واجبهم وإخماد الحرائق موضحا انه في فترة اندلاع الحرائق خلد الاعوان الى الراحة وعلقوا نشاطهم وقد اشتكى هؤلاء من نقص الامكانيات وكذبوا اتهامات العمدة امام الوزير الذي طالب الجميع بالتريث والعمل صلب فريق واحد وتأجيل تبادل التهم الى أجل آخر. ولاحظ الوزير وضاعة المجهود الذي يقدمه اعوان الغابات متسائلا عن دورهم في هذه المرحلة الدقيقة. ونظرا لاتساع رقعة الحرائق استنجدت فرق الحماية المدنية بطائرة لمساعدتهم على تطويق النيران والحيلولة دون وصولها الى المناطق الآهلة بالسكان. الأهالي يفكرون في الرحيل واعربت مجموعة من اهالي المنطقة المنكوبة عن رغبتهم في الرحيل بعد تدمير الغابة التي تعتبر مورد رزق لهم , مؤكدين ان وجودهم لم يعد له فائدة خاصة انهم يمتلكون المواشي, فيما ناشد عدد آخر وزير الفلاحة التدخل السريع لانقاذهم من التشرد والعطش نظرا للانقطاع المستمر للمياه عن المنطقة, مرددين: «سيدي الوزير ربي الفوق وانت تحت, ارأف بحالنا, نريد حلا سريعا ...». وطالب الاهالي بضرورة توفير مزيد من اعوان حراسة الغابات لإصلاح ما افسدته ايادي العابثين ولتوفير مواطن شغل لشباب الجهة العاطلين عن العمل . ارهاب, رعب وحالات اختناق وفي سياق متصل استقبلت النسوة «محمد بن سالم» المصحوب بمسؤولين من وزارة الفلاحة بالزغاريد والاهازيج, وصدحت حناجرهن بعديد المطالب راجين تحقيقها في القريب العاجل لانتشال الجهة من الفقر والخصاصة. وروت النسوة تفاصيل اندلاع الحرائق على مسمع الوزير الذي تعهد بالنظر في كل الملفات العالقة وتسوية وضعية المتساكنين وفق الشروط القانونية المنصوص عليها. وأكد الاهالي انه عند نشوب النيران في الغابة المحاذية لهم اصيبوا بحالة من الهلع والذعر بعد ان فتحت ابواب جهنم امامهم, فيما اصيب الاطفال بحالات اختناق نتيجة كثافة الدخان المنبعث من النيران المشتعلة. ووصف البعض الآخر الحرائق بأنها ارهاب اشد ضراوة وخطورة من الذي يعيشه جبل الشعانبي, واشادوا بالدور الكبير الذي لعبه اعوان الحماية المدنية الذين منعوا الحرائق من الوصول الى المنازل . منتصر الأسودي