تغير العالم بعد قيام بوش ورامسفيلد بتطبيق عقيدتهم وهي الحرب الشاملة على الإرهاب وقد ترتب على ذلك ولادة جيوش خاصة حيث تحولت مثلا , شركة صغيرة غير معروفة اسمها بلاك ووتر إلى لاعب مركزي في الحرب الشاملة التي تشنها أمريكا، هذه العقيدة أوجدت نظاما جديدا للعمليات الحربية الحديثة. عدد الشركات الأمنية العاملة في العراق يتجاوز ال160 شركة. أكبر الشركات وأخطرها "بلاك ووتر وقد تردد اسمها بعد قتل 11 عراقياً في بغداد. حسب تصريح رئيس مجموعة العمل التابعة للأمم المتحدة لشؤون المرتزقة خوسيه برادو. أصر ديك شيني على خصخصة سريعة للبيروقراطية العسكرية الأمريكية وترتب على ذلك وبين ليلة وضحاها , إنشاء شركة هاليبرتون في صناعة تلبي حاجات العملية العسكرية الأمريكية مع كسب مادي وفير , وكلما توسعت الولاياتالمتحدة في امتدادها العسكري العدواني كلما كان الأمر أفضل لأعمالها.إلى جانب مقاولين آخرين كما قامت بتدريب الجيش الكرواتي في حربه الانفصالية ضد يوغسلافيا ذات الأغلبية الصربية. ونتيجة لهذا العقد بدأ تورط القطاع الخاص في حرب ستصبح معياراً للحرب على الإرهاب من بعد ذلك. الإدارة الأمريكية لديها هدفان أساسيان وهما تغيير الأنظمة للدول التي تمثل مصالح إستراتيجية لأمريكا وتطبيق عملية التخصيص للقطاع العسكري والأمني في أمريكا. الرئيس إيزنهاور في خطابة الوداعي إلى الأمة حذر تحذيراً من الملابسات الخطيرة لنشوء المركب العسكري - الصناعي. حصلت شركة بلاك ووتر على عقود حكومية بمئات الملاين. ولا يتضمن هذا المبلغ صندوق عملياتها الأسود السري وهو لحساب وكالة الاستخبارات الأمريكية أو اتحاد الشركات والإفراد وحكومات أجنبية، وقد صرح أحد أعضاء الكونجرس الأمريكي بأنه في إمكان بلاك ووتر قلب الكثير من الحكومات في العالم. بلاك ووتر تملك جيشا خاصا لا يخضع لأي ملاحقة أمنية على أي جرائم اقترفت في العراق. ووزارة الدفاع الأمريكية غير مستعدة لرؤية ملاحقة قانونية تفرض على أي مقاول خاص حتى ولو ثبت عليه أنه قتل مدنيا وكان مخالفاً للقانون فهم لا يخضعون لأي قانون, ولديهم الكثير من الرخص تمكنهم من تنفيذ القانون على طريقتهم الخاصة وبأيديهم يعتبر صاحب الشركة أن هذا الجيش هو جزء من القوة الأمريكية الشاملة, وتكون تكلفته أقل ب 60% من تكلفة الجيش الأمريكي النظامي فهو يعتبر لواء المقاولين كرديف وداعم للجيش الأمريكي النظامي. أهم المزايا التي أبرزتها بلاك ووتر على الدوام هي قدرتها الغريبة على التواجد في المكان المناسب وفي الوقت المناسب وخاصة عندما يتعلق الأمر بالغرف من العقود الحكومية المريحة. تدعي الشركة دائماً أنها تجد الحلول السريعة الجاهزة لتخطي البيروقراطية الحكومية وتعبئة الفراغات الأمنية لخدمة الأمن القومي. عندما استقال رامسفيلد بلغت نسبة الجنود الأمريكيين النظامين العاملين في الخدمة الفعلية إلى المقاولين الخاصين المنتشرين في العراق تقريباً بنسبة 1 إلى 1 وهو إحصاء لا سابقة له في العمليات الحربية المعاصرة. أنتوني أرنوف، مؤلف كتاب "العراق: منطق الانسحاب"، قال:"هناك 165 ألف جندي أمريكي في العراق لكن يوجد هناك 180 ألف مرتزق ومتعاقد وأضاف:"إن الحصانة التي تمتعت بها شركة بلاك ووتر في العراق تثير قضايا أكثر عمقا حول طبيعة الاحتلال الأمريكي. فبهذا النمط نجد أن أعداد القتلى العراقيين والمصابين والمشردين في تزايد باستمرار. بلاك ووتر أصبحت مركز الجيوش الخاصة الأكثر تطوراً في العالم وتمتلك الشركة أكبر مخزون خاص من الأسلحة الثقيلة في العالم وهي مركز تدريب رئيسي للقوات الأمريكية بالإضافة إلى قوات أجنبية وأفراد. تتطلع الشركة إلى ترسيخ نفوذها كجيش محترف وجيش مستقل قادر على أن ينتشر في مناطق النزاع كبديل لحلف شمال الأطلسي أو قوات الأممالمتحدة. كما أن لهم يدا طولى لدى بعض الأنظمة بالمنطقة وتوفر لهم مراكز للتدريب وقد صرح رئيس الشركة أن هدفها أن نفعل لجهاز الأمن القومي كما فعلته شركة فدكس لخدمة البريد، فنحن لن نحل محله لكننا نريده أن يعمل في شكل أفضل وأسرع وأذكى. يكمن الخطر من كل هذا، أن المرتزقة تسعد بوجود رئيس مغامر في البيت الأبيض فهي تمكنه من الحصول على عرض لا ينتهي من الغزوات والعمليات السرية والاحتلال والانقلاب دون المرور عبر قنوات البيروقراطية ودون أدنى اعتبار لرغبات الشعوب ومصالحهم وأمنهم، والأكثر من ذلك هو أن الجنود الخصوصيين المرتزقة لا يتم إحصاؤهم بين الموتى وذلك يوفر دفعاً آخر للحكومة أو الإدارة التي تستخدمهم , والمغري من ذلك هو أنه يمكن استخدام هذه القوات من دون الكثير من الدعاية والمعاملات الإدارية المطولة، فمثلا لو قتل 10 من الجنود المرتزقة سيقال إن هؤلاء ماتوا من أجل المال دون تحديد جنسياتهم وهذا مختلف كثيراً لو قتل 10 من الجنود النظاميين وتأثير ذلك على الناخبين. الخلاصة.. إن تحصين الدول العربية من شرور هذه الجيوش وأمثالها لا يتم إلا بمحاربة الفساد والبدء في الإصلاحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وعدم إقصاء أي فئة من فئات المجتمع عن المشاركة السياسية لبلده، فإمكانية تغيير وقلب وتقسيم البلاد متوفرة لدى تلك الجيوش وأصحاب المصالح الكثيرة والمتضاربة في الغرب وأمريكا تسهل تلك العمليات فهم يملكون السلاح والمقاتلين، وبكل أسف لا تخضع هذه الجيوش لأي رقابة أو محاسبة دولية وهدفها الأول والأخير هو الربح المادي