اليوم بدء الخريف الذي أعشق - هذه الريح الشقية بدأت العبث بأوراق الصفصافة الهرمة أمام المنزل... تعزف اللحن العتيق الذي أألفه جيدا كم تتشابه ذكريات شيخ المواسم في ذاتي - هاهي اليوم تجتر أزمنة الطفولة و بيتنا القديم - غناء السيدة العجوز ونحن نلتف حولها في دائرة البراءة أهازيج الشجن الدفيء تنساب كخرير جدول عذب - و الريح تموسق لها الترانيم الرطبة - لا شيء يشبه ذلك الحنين أو يسمو إلى مقامه الصرير حكايات الجدات وأنين المتعبين - ناي الريح المتخم بالأناشيد - قروية الحزن و رفيف الأجنحة المرهفة - همس الوجد للقلوب الدائخة مشاغبات المطر أحيانا - تنعجن بذلك الحفيف المنساب بين أوراق الدوح التي تقاوم الفراق - تتشبث بقدرة صفراء ستنهار قريبا سراعا تمر اللحظات الحالمة - اللون يتضاءل - الضوء يتوارى خلف حشود الغيم - الأرض صامتة حزينة - و تلك النسائم الباردة تنسج جبة الخيال لا يزال الوقت مبكرا على أزيز البرد و لكنها الرعشة الخفيفة تأتي حاملة زاد الشتاء - غدا ستحاورني الألوان التي تنام في فيء الغابة غدا تشتكي المقاعد الخشبية في الحديقة العامة من الجحود-هجرها الجميع-وحدي أذهب لأقدم لها قداس الوفاء - أتحاور من الذكريات التي تحتلها تسرقني الساعات دون احتساب - احتسي قهوتي المخبأة في ذاك الجراب الأحمق - و احتسي معها أحلامي المرهقة بطول الانتظار لا فرق بين حلمي الجميل و شيخ المواسم - فكلاهما يتساقطان من سلال الشجن و سحب الزمن فيأتلفان كراقص وراقصة من قبيلة البجع