تطوير خدمات الطفولة المبكرة محور لقاء وزيرة الأسرة ورئيسة غرفة رياض الأطفال    فوز المرشح المدعوم من ترامب بالانتخابات الرئاسية في هندوراس    تحت شعار «إهدي تونسي» 50 حرفيّا يؤثّثون أروقة معرض هدايا آخر السنة    فاطمة المسدي تنفي توجيه مراسلة لرئيس الجمهورية في شكل وشاية بزميلها أحمد السعيداني    عاجل: الجزائر: هزة أرضية بقوة 3.9 درجات بولاية المدية    الفنيون يتحدّثون ل «الشروق» عن فوز المنتخب .. بداية واعدة.. الامتياز للمجبري والسّخيري والقادم أصعب    أمل حمام سوسة .. بن عمارة أمام تحدّ كبير    قيرواني .. نعم    تورّط شبكات دولية للإتجار بالبشر .. القبض على منظمي عمليات «الحرقة»    مع الشروق : فصل آخر من الحصار الأخلاقي    كأس إفريقيا للأمم – المغرب 2025: المنتخب الإيفواري يفوز على نظيره الموزمبيقي بهدف دون رد    الغاء كافة الرحلات المبرمجة لبقية اليوم بين صفاقس وقرقنة..    نجاح عمليات الأولى من نوعها في تونس لجراحة الكُلى والبروستاتا بالروبوت    الإطاحة بشبكة لترويج الأقراص المخدّرة في القصرين..#خبر_عاجل    مناظرة 2019: الستاغ تنشر نتائج أولية وتدعو دفعة جديدة لتكوين الملفات    كأس افريقيا للأمم 2025 : المنتخب الجزائري يفوز على نظيره السوداني    الليلة: الحرارة تترواح بين 4 و12 درجة    أستاذ قانون: العاملون في القطاع الخاصّ يمكن لهم التسجيل في منصّة انتداب من طالت بطالتهم    بابا نويل يشدّ في'' المهاجرين غير الشرعيين'' في أمريكا: شنوا الحكاية ؟    من الاستِشْراق إلى الاستِعْراب: الحالة الإيطالية    عاجل : وفاة الفنان والمخرج الفلسطيني محمد بكري    هيئة السلامة الصحية تحجز حوالي 21 طنا من المواد غير الآمنة وتغلق 8 محلات خلال حملات بمناسبة رأس السنة الميلادية    تونس 2026: خطوات عملية لتعزيز السيادة الطاقية مع الحفاظ على الأمان الاجتماعي    الديوانة تكشف عن حصيلة المحجوز من المخدرات خلال شهري نوفمبر وديسمبر    تمديد أجل تقديم وثائق جراية الأيتام المسندة للبنت العزباء فاقدة المورد    في الدورة الأولى لأيام قرقنة للصناعات التقليدية : الجزيرة تستحضر البحر وتحول الحرف الأصيلة إلى مشاريع تنموية    القصور: انطلاق المهرجان الجهوي للحكواتي في دورته الثانية    عاجل: بعد فوز البارح تونس تصعد مركزين في تصنيف فيفا    زلزال بقوة 1ر6 درجات يضرب هذه المنطقة..#خبر_عاجل    عدّيت ''كوموند'' و وصلتك فيها غشّة؟: البائع ينجّم يوصل للسجن    تزامنا مع العطلة المدرسية: سلسلة من الفعاليات الثقافية والعروض المسرحية بعدد من القاعات    قفصة: إصدار 3 قرارات هدم لبنانيات آيلة للسقوط بالمدينه العتيقة    عاجل/ بعد وصول سلالة جديدة من "القريب" إلى تونس: خبير فيروسات يحذر التونسيين وينبه..    قائمة سوداء لأدوية "خطيرة" تثير القلق..ما القصة..؟!    حليب تونس يرجع: ألبان سيدي بوعلي تعود للنشاط قريبًا!    هام/ المركز الفني للبطاطا و القنارية ينتدب..    عاجل: هذا موعد الليالي البيض في تونس...كل الي يلزمك تعرفه    قابس: أيام قرطاج السينمائية في الجهات ايام 25 و26 و27 ديسمبر الجاري بدارالثقافة غنوش    عركة كبيرة بين فريال يوسف و نادية الجندي ...شنوا الحكاية ؟    درجة الحرارة تهبط...والجسم ينهار: كيفاش تُسعف شخص في الشتاء    هذا هو أحسن وقت للفطور لخفض الكوليسترول    صفاقس: تركيز محطة لشحن السيارات الكهربائية بالمعهد العالي للتصرف الصناعي    تونس: حين تحدّد الدولة سعر زيت الزيتون وتضحّي بالفلاحين    عاجل: تغييرات مرورية على الطريق الجهوية 22 في اتجاه المروج والحمامات..التفاصيل    بول بوت: أوغندا افتقدت الروح القتالية أمام تونس في كأس إفريقيا    اتصالات تونس تطلق حملتها المؤسسية الوطنية تحت عنوان توانسة في الدم    البرلمان الجزائري يصوّت على قانون يجرّم الاستعمار الفرنسي    مع بداية العام الجديد.. 6عادات يومية بسيطة تجعلك أكثر نجاحا    تونسكوب تطلق نشيدها الرسمي: حين تتحوّل الرؤية الإعلامية إلى أغنية بصوت الذكاء الاصطناعي    عاجل/ العثور على الصندوق الأسود للطائرة اللّيبيّة المنكوبة..    وزارة التجهيز تنفي خبر انهيار ''قنطرة'' في لاكانيا    عاجل: اصابة هذا اللّاعب من المنتخب    عاجل/ قضية وفاة الجيلاني الدبوسي: تطورات جديدة..    كأس الأمم الإفريقية المغرب 2025: برنامج مباريات اليوم والقنوات الناقلة..#خبر_عاجل    دعاء السنة الجديدة لنفسي...أفضل دعاء لاستقبال العام الجديد    مع الشروق : تونس والجزائر، تاريخ يسمو على الفتن    في رجب: أفضل الأدعية اليومية لي لازم تقراها    برّ الوالدين ..طريق إلى الجنة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حفلة الراقصين والراقصات والأجسام المصقولة تأخذ بلب الجماهير
«بحيرة البجع» لبالي كياف على ركح مسرح قرطاج الأثري:
نشر في الصباح يوم 08 - 08 - 2008

مضى ذلك الوقت الذي كانت فيه عروض البالي العالمية بمهرجان قرطاج الدولي لا تجلب سوى عشرات من المتفرجين أغلبهم من الجاليات الأجنبية المقيمة ببلادنا . في السنة الفارطة حقق بالي «موسياف» الروسي نجاحا جماهيريا محترما و كانت السهرة مع هذا البالي الذي يتمتع بصيت في العالم من أبرز فقرات الدورة الفارطة لمهرجان قرطاج الدولي .
وتدعمت مكانة هذه النوعية من العروض الفنية خلال الدورة الرابعة والأربعين الجارية حيث أقبلت الجماهير بأعداد وافرة على عرض «بحيرة البجع» لبالي كياف .
وإذ بدأت تنتشر بين الجمهور التونسي تقاليد الإقبال على العروض غير المألوفة فإن أسطورة «بحيرة البجع» التي يعيد البعض أصلها إلى الميتولوجيا الألمانية لعبت دورا دون شك في التشجيع على الحضور .وتعتبر «بحيرة البجع» من أبرز أعمال الموسيقار تشايكوفسكي وأكثرها شعبية بين الناس . كان تشايكوفسكي قد ألف الموسيقى تقريبا خلال نهاية السبعينات من القرن التاسع عشر انطلاقا من الأسطورة المعروفة و المتداولة في الشرق والغرب .فهي كانت ولازالت ملهمة المبدعين في مختلف المجالات الفنية الموسيقية والكوريغرافية والمسرحية .
أسطور ة «بحيرة البجع» تستغل حتى في الصور المتحركة والأفلام الموجهة للأطفال خاصة من قبل الأستوديوهات الضخمة بهوليود وهي تجد رواجا بلا حدود .
الأسطورة المثيرة
والموسيقى الخالدة
الحكاية التي تابعها إذن جمهور مهرجان قرطاج الدولي في سهرة الإربعاء ليست غريبة حتى على الأطفال الذين تابعوا العرض باهتمام كبير .يتمثل جوهر الأسطورة في تحويل أميرة من فتاة فاتنة إلى بجعة وكان ساحر شرير وراء هذا الفعل المشين. تتحول الأميرة إلى بجعة بالنهار وتعود إلى أصلها في الليل .وعلى غرار حكايات القصور في الأزمان الغابرة فإن الأمراء ينظمون عادة حفلا راقصا لإختيار زوجة المستقبل من بين المدعوات من الأميرات وبنات وجهاء البلاد .وتماما كما حدث في قصة السندريلا فإن الأمير يقوم باختيار شبه مستحيل .فهو يقع في غرام البنت التي هي بين الإنس وطيور البجع التي يقع نظره عليها فجأة فيكون الحب من النظرة الأولى ..الحب الذي يقوى مع الأيام رغم المغامرات والصعوبات التي تهدف كلها لتحطيم هذه العلاقة .
ما لم يضع له الساحر حسابا كان سببا كافيا للقضاء عليه في النهاية .الحب القوي الذي جمع بين قلبي «أوديت» الأميرة البجعة و الأمير «سيغفريد» هو العلاج المطلوب بالضبط لإبطال مفعول السحر .لم تنجح كل آلاعيب الساحر حتى تلك التي اعتمد فيها على ابنته «أوديل» الشبيهة ب«أوديت» ليبتز الأمير انكشفت في النهاية بظهور «أوديت الحقيقية» ليسدل الستار على الحكاية بلم شمل الحبيبين و طبعا ابطال مفعول السحر .
اختار بالي كياف نهاية سعيدة للحكاية مع العلم أن هناك عدة نهايات محتملة للأسطورة بما في ذلك النهايات الكارثية .
تلك هي تقريبا أبرز ملامح الأسطورة التي وقع الموسيقار العالمي تشيكوفسكي في غرامها وألف لها سمفونية .وتعتبر «بحيرة البجع» من بين أبرز الأعمال الكلاسيكية التي ساهمت في نجاح بالي «كياف» بأوكرانيا (من البلدان المستقلة عن الإتحاد السوفياتي). وللتذكير فإن تاريخ بعث بالي «كياف» يعود إلى منتصف القرن التاسع عشر مما يجعله من أعرق الفرق الفنية بالعالم .ويملك هذا البالي سمعة طيبة وقد توج في عديد المرات بجوائز عالمية .
لن نضيف الجديد عندما نقول أن الباليهات تشترط دائما راقصين وراقصات من أصحاب الأجساد المنحوتة والإمكانيات الكبيرة في مجال الرقص التعبيري أو الكوريغرافي لكن ذلك لا يمنع من الإشادة بتلك البنيات وهؤلاء الفتية الذين قدموا عرضهم ليلة الإربعاء بقرطاج. لقد كان الجمهور أمام فراشات تتحرك على الركح كالأطياف وإزاء شباب من ذوي الأجساد الرياضية المصقولة .خفة الحركة و دقة التقنيات المعتمدة في الرقص والتعبير من خلال الجسد كانت السمة المشتركة بين الجميع تقريبا .
ولعل الجمهور تفطن إلى تلك البجعات البيضاء تتراقصن أمامه في لوحة تكاد تكون سوريالية بحركات الرأس واليدين الساقين .لوحة تجعلنا نتمثل المشهد في الطبيعة.
ولم يتميز البالي بصرامة الإلتزام بالتقنيات و بدقة الآداء فحسب وإنما بالجمالية .فاللوحات الراقصة كانت على جمالية عالية ...كانت المشاهد التمثيلية النادرة التي تقتصر في الغالب على حركة أو إشارة تساهم بشكل عملي في تحديد مدى تقدم الحكاية دون أن ننسى الموسيقى الثرية .موسيقى تشايكوفسكي الخالدة ..الموسيقى التي تقود خطوات الراقصين والراقصات والتي كم بدت لنا قريبة من الأذن و من القلب .
المحبة و الورود لإبطال
سحر الأشرار
انقسم العرض إلى أربعة فصول .الفصل الأول طبعا كان يترجم عن أجواء الفرح في القصر .بالي راقص أو حفل راقص الكل فيه منتش يرقص على أنغام الموسيقى و كانت الموسيقى المؤلفة للفصل الأول عبارة عن نشيد للفرح في حين كان الأمير ذهنيا بعيدا عن الكل إذ ينتحي في ركن من الركح .يحدث اللقاء فيما بعد بين الأميرة المسحورة و الأمير.
يحدث هذ اللقاء حسب الأسطورة كالآتي .عندما هم الأمير بتصويب قوسه نحو البجعة البيضاء في لون البراءة و النقاوة تتحول أمام عينيه إلى فتاة فاتنة. مع العلم أن الأسطورة تقول أيضا أن البحيرة تكونت من دموع والدي الأميرة المسحورة .نمر مع البالي إلى المقابلة بين الساحر والأمير .تتحول الموسيقى من حالة الفرح والإنتشاء إلى حالة الحزن والشجن وإلى أشبه ما تكون بالمرثاة .ثم تحدث الإنتفاضة وعلى أنغام الموسيقى الثائرة نشاهد رقصة المواجهة بين الساحر والأمير .
يكسب الساحر في البداية المعركة و يقدم ابنته في صورة أوديت .طبعا لا يصعب على الجمهور التمييز بين البنتين من خلال اللباس .الساحر وابنته يرتديان ثيابا سوداء أي اللون الأسود الأكثر قدرة على الكشف عن أعماقهما. في حين ترتدي الأميرة المسحورة اللون الأبيض و كذلك الأمير «سيغفريد» في مقابلة و اضحة بين الخير والشر .غير البالي في أكثر من مرة الملابس حسب الموقف ووصفت بعض اللوحات بدقة بحيرة البجع .لتنتهي الحكاية كما سبق وذكرنا بسقوط الساحر على الركح واعلان حالة الفرح وتلتف البجعات من صويحبات الأميرة حولها وحول الأمير على إيقاع الموسيقى التي تكون بمثابة من استعاد الأمل أو بثت فيه الروح من جديد ...
اشتمل العرض بالإضافة إلى اللوحات الجماعية للرقص الكلاسيكي على لوحات فردية للأميرة أو للساحر وكذلك الأمير وكشفت هذه اللوحات عن امكانيات كبيرة لهؤلاء في الرقص التعبيري .تم أيضا تقديم رقصة خاطفة للفلامنكو وهي حتما من إضافات بالي كياف لبحيرة البجع .تم الإكتفاء في هذا العرض ببضعة كراس للمواقف التمثلية وباقة من الورود إضافة إلى قوس الأمير الذي تقول عنه الأسطورة أنه كان صيادا ماهرا .وقد حظي البالي باستقبال كبير من الجمهور الذي لم يكن ليتمالك نفسه أحيانا عن التصفيق حتى قبل نهاية اللوحة الكوريغرافية خاصة إزاء الرقصات الثنائية التي نخال فيها الراقصة أحيانا وكأنها من جنس آخر غير البشر .إنها تكاد تكون جنية ترقص في الهواء و طيفا عابرا . لقد أخذ الجمهور بهذا الكم من الرشاقة ومن الأناقة ومن خفة الظل وصفق مطولا للجماعة من البنات والأولاد الذين وقفوا لمبادلة الجمهور تحيته على طريقتهم الأنيقة و الفنية جدا .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.