س1: ماهي السينما التي تسهويك؟ ج: متنوع في أهوائي السينمائية، فكما أشاهد الأفلام الأمريكية الحرة، تستهويني الأفلام التي تنتجها مختلف المدارس الأوربية. كما أن اهتماماتي مفتوحة بشدة على السينما الآسيوية. للسينما العربية مكانة خاصة عندي، لأنها تمثل حركة فنية تعدّ تعبيرا عن التغيرات المختلفة التي تعرفها المنطقة. س2: حدثنا قليلا عن فيلمك الوثائقي الطويل الأخير "حائط المبكى".. ج: "حائط المبكى" فيلم يترجم واقع أشخاص عديدين وقعوا ضحايا الجدار العازل بين إسرائيل وفلسطين. الفيلم بمثابة رحلة حميمة من خلال نظرة متعمقة قادرة على التقاط مختلف الإشكاليات اليومية للكبار والصغار الذين أقصاهم الجدار. س3: أنتجت وأخرجت فيلم"حائط المبكى" بالتعاون مع الجزيرة للأطفال، هل تعتقد أن توليك مهمة إنتاج أفلامك يعتبر حلا لبعض مشاكل الإنتاج والاستقلالية؟ ج: مع "قناة الجزيرة للأطفال" أشعر حقا بالاستقلالية. تسمح لي القناة بدون أي تدخل أو إجبار بإخراج أفلام وفق حساسيتي وعبر رؤيتي الفنية الخاصة. هذا نوع من عقد الثقة بيننا ولحد الآن أتى تعاوننا ثماره. ويعدّ شق الإنتاج في الأفلام من نوعية "حائط المبكى" ثقيلا لأن القليل من القنوات التلفزيونية والهيئات في العالم العربي من ينتج أفلاما وثائقية بهذا الحجم . س4: يعتمد " حائط المبكى" في أساسه على الشهادة والكلمة، هل كان ذلك تعبيرا تمثيليا أم أنه جاء عفويا؟ ج: يجب أن أشير هنا أن كل هذه الشهادات في الفيلم جاءت عفوية خارجة عن إدارتي وإرادتي. كل ما فعلته وبكل بساطة، هو أنني وضعت نفسي محلّ المستمع كاتم الأسرار دون تدخل أو توجيه أو حكم على ما أسمع، شرطيي الوحيد كان: أن يتحدث الكل بكل حرية بعيدا عن لغة الخشب والحوارات السياسية – الدينية، التي تمتهنها النشرات الإخبارية التلفزيونية. س5: هل واجهتك صعوبات للحصول على كل الشهادات لتصوير خلف الجدران؟ ج: التصوير في الأراضي الفلسطينية صعب للغاية مهما كان الموضوع المطروح. هو الوقوف وجها لوجه أمام وضع قابل للانفجار قد ينفلت في أي لحظة. كل ما فعلناه خلال شهرين، هو العبور من صعوبة إلى أخرى وهذا منذ حصولنا على التأشيرة وحتى خروج الأشرطة من الأراضي المحتلة. بديهي أن تطبق السلطات الاسرائلية نوعا من الحصار الإعلامي لكل محاولة تهدف إلى تحليل عميق للأوضاع. س6: تتخذ مقاومة الشعوب دائما أشكالا متنوعة ولكنها تبقى دوما سلمية وبناءة.هل شعرت بذلك عند الأشخاص الذي قدموا شهادتهم؟ ج: يجب الإشارة اليوم، أن أنواعا جديدة من المقاومة تشكلت مع الأجيال الجديدة؛ مقاومة سلمية و ذكية، تتجلى من خلال أشكال فنية جديدة، ثقافية، اجتماعية، تربوية... هذا يسحب الحوار لإلى مستوى آخر غير الصعيد السياسي، ليصبح من الآن وصاعدا حوارا انسانيا وبالتالي عالميا. س7: كيف تمّ تركيبكم لشريط فيلم " حائط المبكى" حتى يتخذ صبغة الحكايا المتتالية خصوصا أمام شهادات عديدة؟ ج: على صعيد بناء الفيلم أو بنائه، اتّبعتُ خطا بسيطا يتمثل في سفر دون خريطة جغرافية في منطقة تتغير معالم حدودها يوميا. أردت أيضا أن يكون هذا الفيلم شهادة إنسان حط رحاله في هذه المنطقة واستمع إلى شهادات مختلفة دون سابق معرفة بالأماكن. في الأخير، اخترت أن أكون موضع ذلك الذي يواجه هذا الحائط من جهة الضفة الغربية والذي لا يستطيع الذهاب إلى الجهة الأخرى. س8: الخوف شعور يختلف من شخص لآخر، يمكننا الهروب منه، مواجهته، الدفاع عن أنفسنا منه، أو البقاء مشلولين أمامه، كيف كان تناولك لموضوع الخوف في "حائط المبكى" خاصة وأن بعض الشهود في فيلمك كانوا أطفالا؟ ج: لقد كان الفيلم علاجا حقيقيا عميقا لمسألة الخوف. العائق الوحيد الذي كان بإمكانه أن يجعل الفيلم فاشلا، أو ألا يرى النور تماما: هو خوفي أنا. في أول أسبوع للتصوير، كنت ملزما بالبقاء في الفراش لعدة أيام بسبب مرض ألمّ بي سببه الخوف والصدمة التي أصابتني عند وصولي. لعدة أسابيع، بينما كان التصوير يتقدم بخطوات، كنت أتقدم أيضا في مواجهتي لخوفي، كنت أتصالح مع مسألة الموت حتى وصلت مع نهاية التصوير إلى أن أجد نفسي في قلب المواجهات بين الرصاص الإسرائيلي و الحجارة الفلسطينية. سيكون الخوف موجودا دائما ولكن تعلمت التحكم فيه، ترويضه، وأحيانا التفاوض معه، كل هذا بفضل مساندة الأطفال، الكبار وحتى بعض الشيوخ الفلسطينيين والذين بفضل شهاداتهم، تشجيعاتهم وعرفانهم، ساعدوني في إعادة إحياء بُعدٍ جديد في نفسي. س9: هل ستدفعك جائزة لجنة الحكام في مهرجان "Osian's-Cinefan" في نيودلهي إلى الالتزام بإنتاج الفيلم الوثائقي؟ ج: هذه الجائزة أولا تكريس لكل من شاركوا في الفيلم وكل الذين آمنوا به وأخيرا إلى هذه العلاقة الوثيقة بين قناة الجزيرة للأطفال وبيني؛ هذا يلزمني أكثر بالدفاع على كل القضايا الإنسانية، مهما كان الانتماء العرقي أو الديني؛ يحقق الفيلم الوثائقي كامل معناه عندما يبلغ هذا البعد. س10: ما الذي يمثله لك فيلم " حائط المبكى" ؟ نوع جديد من الإنتاج، تجربة جديدة فريدة من نوعها.. تفتح أمامك أفاقا فنية جديدة أم تمثل انطلاقة جديدة؟ ج:هو كل هذه الأشياء جملة واحدة؛ في البداية هو بعد جديد تماما، مسؤولية والتزام نهائي. تنتظر " حائط المبكى" مرحلة جديدة، وهي ردود فعل الجمهور المشاهد، هي المكانة التي عليه تحقيقها في الفضاء الاعلامي. أنا واعِ تماما بالصعوبات التي ستواجهه ولكن هو دورنا في أن يبلغ أهدافه، وأن يراه أكبر عدد من المشاهدين وأن نثير به نقاشا مع أكبر عدد من المشاهدين ذوي الأذواق المتغايرة. أتمنى أن تكون لي الفرصة بعد هذا الفيلم، في معالجة مواضيع أخرى بذات الحساسية و سأعمل على ألا يكون هذا آخر فيلم لي عن فلسطين. س11: هل تعتقد أن التونسي اليوم، يهتم بالفن عامة والسينما خاصة، مع قاعات العرض السينمائي التي تغلق من يوم لآخر؟ ج: مع الأسف، أغلب التونسيين بعيد كل البعد عن النشاط الفني الذي يجري في العالم. ليسوا وحدهم المسؤولون عن ذلك:تنغلق المعلومة التي تخص الفن و الثقافة على نفسها مم يخلق نوعا من اللغو غير المفهوم ووحدهم المهووسون سيذهبون يدفعهم فضولهم، للبحث عما يحدث في الخارج في مجال الفن. علّمنا مواطنا بسيطا كيف يحلل مقابلة لكرة القدم وتجنبنا أن نعلمه كيف يحلل لوحة تشكيلية أو فيلما. س12: ماهي مشاريعك المستقبلية؟ ج: أعمل حاليا على فيلمي الطويل القادم، والذي يحمل عنوان" حدثني عن هبه" ، هو فيلم يغطس في حياة المراهقين التونسيين. ------------------------------------------------------------------------ بانوراما لفلم حائط المبكى Dim lights Download Embed Embed this video on your site مقطع من فلم حائط المبكى